مزايدات سياسية على مشاركة رئيس الوزراء العراقي في قمة شرم الشيخ
بغداد - لم تسلم مشاركة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في قمّة شرم الشيخ للسلام من جدل داخلي حادّ ومزايدات حزبية باتت سمة ملازمة للحياة السياسية في العراق، حيث اعتادت الأحزاب الانقضاض على الملفات ذات الأبعاد العاطفية مثل القضية الفلسطينية والتسابق على استخدامها لدغدغة مشاعر الجماهير وعواطفها القومية والدينية.
وانصبّ الجدل على ما تنطوي عليه تلك المشاركة من “تطبيع” محتمل مع إسرائيل كون رئيس وزرائها كان مرشحا لحضور القمّة قبل أن يعلن قراره بعدم الحضور والذي نزل بردا وسلاما على السوداني الذي لم يكن يرغب، من جهة، في إهدار فرصة حضور تلك القمّة شديدة الأهمية لمسار الانفتاح واستعادة الدور الإقليمي الذي سلكته الدبلوماسية العراقية في عهد الحكومة الحالية، كما لم يكن يريد، من جهة ثانية، أن تتم المزايدة عليه حزبيا قبل أسابيع قليلة من الانتخابات البرلمانية بملف حساس من مستوى ملف القضية الفلسطينية والموقف من إسرائيل.
وقد انطلقت بالفعل المزايدات حال الإعلان عن توجّه السوداني إلى مصر بإصدار مقتدى الصدر زعيم التيار الوطني الشيعي موقفا حادا بعبارات قاسية من قرار مشاركة رئيس الوزراء في القمة، بينما تمترست قوى أخرى إلى جانب القرار الحكومي نكاية في الصدر أولا، وثانيا لتسويق صورة لدى المجتمع الدولي تُظهرها كقوى معتدلة ومنفتحة ومحبة للسلام، وهو ما قام به ائتلاف رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
ولم يكن أمام السوداني سوى مسايرة المزاج السائد وتجنب مزايدات الأحزاب حين هدّد بالانسحاب من القمة في حال حضرها بنيامين نتنياهو، مبلغا الجانبين الأميركي والمصري بذلك.
قرار نتنياهو عدم حضور القمة نزل بردا وسلاما على السوداني وجنّبه حرجا لا يحتمله في فترة الاستعداد للانتخابات
وأوردت ذلك وكالة الأنباء العراقية الرسمية التي قالت نقلا عن مصدر حكومي رسمي إنّه “لا توجد دعوة رسمية موجهة من قبل الجانب المصري إلى نتنياهو من أجل حضور قمة شرم الشيخ،” وإن دونالد ترامب حاول إحضار رئيس حكومة إسرائيل “وأجرى اتصالات دبلوماسية بهدف ضمان حضور نتنياهو للقمة.”
وأكدت الوكالة أنّ “السوداني أبلغ الجانبين المصري والأميركي بأن العراق سينسحب من القمة في حال شارك فيها نتنياهو وهو موقف عراقي حاسم.”
كما لفت المصدر إلى أن “مواقف المشاركين كانت مشابهة لموقف العراق، ولهذا فإن محاولة ترامب بجلب نتنياهو إلى قمة شرم الشيخ لم تنجح،” مشيرا إلى أن “الرسالة العراقية أبعد من الموقف نفسه فهي تظهر استقلال القرار العراقي وقدرته على التأثير.”
ورغم ذلك التوضيح الرسمي العراقي انتقد الصدر مشاركة رئيس الوزراء في القمّة بعنف واصفا إياها بـ”وصمة عار”.
وقال في تعليق له عبر منصّة إكس إنه “من المعيب على الأحزاب الشيعية الحاكمة وحلفائها، والتي تدعي نصرة المذهب، أن يحضر رئيس مجلس وزرائها اجتماعا من الاحتمال أن يحضره” رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وأضاف قائلا “هي وصمة عار ولعلها بداية لإعلان التطبيع أو فيها توقيع على حل الدولتين،” مختتما بالقول “اللهم إني أبرأ من هذا العمل مقدما.. اللهمّ فاشهد.”
وعلى الطرف المقابل قال النائب عمار الشبلي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي إنّ “مؤتمر شرم الشيخ دعت له مصر والولايات المتحدة، لترتيب الوضع في الشرق الأوسط على غرار مبادرة الرئيس الأميركي لوقف الحرب في غزة المنكوبة،” مؤكدا أنها “قمة دولية والعراق جزء من الشرق الأوسط وأمنه مرتبط بأمن دول الجوار التي ستكون أغلبها حاضرة، فلا يؤثر حضور رئيس الكيان على موقف العراق.”
وبيّن الشبلي في تصريحات لوكالة شفق نيوز الإخبارية أن “الكثير من القمم حضرها العراق بحضور ممثل الكيان (إسرائيل) كونها قمما دولية، ولا خيار للعراق في استبعاد أي وفد منها، لذلك ندعو السوداني لأن تكون مشاركته مشروطة بحفظ سيادة العراق وأمنه.”