محمد وهبي قائد ثورة المغرب يثبت علوّ كعبه
عاشت الكرة المغربية على وقع حدث استثنائي وغير مسبوق بعد نجاح منتخبها الشاب في تحقيق ثورة حقيقية للكرة العربية والأفريقية، وذلك بالتتويج ببطولة كأس العالم للشباب تحت 20 عاما التي اختتمت في تشيلي بقيادة المدرب الفذ محمد وهبي.
الرباط- نجح منتخب المغرب للشباب في تحقيق إنجاز تاريخي بالتتويج بكأس العالم للشباب تحت 20 عامًا 2025، وذلك للمرة الأولى في تاريخه. وقدّم المنتخب المغربي بقيادة المدرب محمد وهبي خلال البطولة أداء فنيا عاليا ومتصاعدا بفضل عدد من المواهب الشابة أغلبهم لم يثبّتوا أقدامهم بعد في عالم الاحتراف وفق وصف صحيفة “ليكيب” الفرنسية. فرض المدرب الفني لمنتخب المغرب للشباب محمد وهبي (48 عاما) نفسه مدربا عالميا، بعد الإطاحة بمنتخبات كبيرة من قيمة إسبانيا (2 – 0)، والبرازيل (2 – 1)، إذ قدّم منتخب “أشبال الأطلس” أداء مقنعا خاصة في الدور الأول ما جعله يحظى بمتابعة واسعة من مختلف وسائل الإعلام العالمية.
ويمثل المدرب محمد وهبي جيلا من المدربين الطموحين، الذين تركوا بصمتهم في تاريخ الكرة المغربية في وقت قصير، إذ سبق له أن قاد منتخب المغرب للشباب إلى احتلال وصافة بطولة كأس أفريقيا بمصر، قبل ستة أشهر، حين خسر المباراة النهائية ضد منتخب جنوب أفريقيا بهدف نظيف. فمنذ تعيينه مديرا فنيا لأشبال الأطلس عام 2022، أثبت محمد وهبي علوّ كعبه في تكوين جيل من اللاعبين الشباب، القادرين على صناعة أمجاد الكرة المغربية، وما ساعده في ذلك تكوينه الأكاديمي والعلمي في بلجيكا، فهو حاصل على أعلى دبلوم للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا برو).
ولد محمد وهبي يوم السابع من شهر سبتمبر من عام 1976 في مدينة بروكسيل، ويحمل الجنسيتين المغربية والبلجيكية، إذ بدأ حياته التربوية مدرسا في مدرسة شارل بولس، قبل أن يقوده شغفه بكرة القدم إلى امتهان التدريب عبر بوابة أكاديمية نادي أندرلخت، التي بدأ رحلته فيها مشرفا على الفئات السنية الصغرى، بداية من تدريب فئة تحت تسع سنوات إلى أن أصبح مدربا مساعدا للفريق الأول.
ولم يتوقف طموح محمد وهبي عند هذا الحد، بل التحق بتدريب منتخب المغرب تحت 20 عاما عام 2022، خلفا لعبدالله الإدريسي، ليُحقق معه إنجازات متتالية، بدءا بالتتويج ببطولة شمال أفريقيا، وصولا إلى بطولة كأس العالم بتشيلي، التي قدم فيها مستويات رائعة أثمرت انتزاع بطاقة التأهل إلى الدور الثاني، بعد الفوز على إسبانيا والبرازبل، وهو إنجاز يعكس قدرة المدرب محمد وهبي على رفع التحدي وتحويل الطموح إلى نتائج ملموسة.
ويعتمد هذا المدرب الواعد في نجاحه على الانضباط التكتيكي والتركيز الذهني والثقة بلاعبيه الشباب، بالإضافة إلى هدوئه وحسن تعامله مع مجريات المباريات، كما ينفرد بخصال متعددة، أبرزها حسن الخلق وقلة الكلام والإيمان بأن العمل الجاد والانضباط داخل الملعب وخارجه يصنعان الفارق ويبددان كل العوائق، وهي ميزات ساعدت المدرب محمد وهبي على كسب الرهان في أول اختبار لأشبال الأطلس في المونديال.
نجوم التتويج

وتميّز مستوى المغرب بالتماسك الممزوج بالثقة مستندا أيضا إلى صلابة دفاعية لافتة، ما ساهم في حصد أول لقب عالمي في هذه الفئة. وذلك بفضل مجموعة من المواهب الشابة التي خطفت الأنظار.
واعتمد أشبال الأطلس على مهاجم مميز داخل منطقة الجزاء هو ياسر الزابيري، إذ أنهى البطولة متصدرا لترتيب الهدافين بالشراكة مع الأميركي بنيامين كريماسيتشي والكولومبي نيسير فياريال والفرنسي لوكاس ميشال وفي رصيد كل منهم 5 أهداف. ويلعب الزابيري (20 عاما) في نادي فاماليكاو البرتغالي علما بأنه لم يثبّت أقدامه بعد مع الفريق الأول، فمنذ انتقاله إليه في أغسطس 2024 من نادي اتحاد تواركة المغربي شارك مع الفريق الرديف أكثر من المشاركة مع الكبار.
كذلك عثمان معما الذي بدأ مسيرته الكروية في مونبلييه وخاض أول مباراة له في الدوري الفرنسي في مايو 2024 أمام موناكو، وفي الصيف الماضي انتقل إلى واتفورد الإنجليزي (الدرجة الثانية). ولم يشارك معما (20 عاما) بعد مع فريقه الجديد بسبب فترة التكيّف، ومع ذلك كان واثقا من مشاركته في كأس العالم للشباب، وتحقق له أكثر من ذلك من خلال التتويج بالبطولة كما نال جائزة أفضل لاعب في البطولة بفضل أدائه المذهل على الجهة اليمنى.
وأيضا إسماعيل باعوف قد لا يكون الإسم الأبرز إعلاميا لكن هذا لا ينفي أنه أحد أعمدة الدفاع المغربي، إذ يتميز بإخراج الكرة من الخلف بطريقة رائعة وآمنة، كما يتقن ضربات الرأس بفضل طوله البالغ 1.83 متر. يُذكر أن باعوف (19 عاما) مثّل بلجيكا في الفئات العمرية من 16 إلى 19 عاما قبل أن يختار بعد ذلك ارتداء القميص المغربي، ويلعب حاليا في صفوف كامبور الهولندي منذ الصيف الماضي قادما من أندرلخت البلجيكي.
هذا إلى جانب فؤاد الزهواني الذي يُعتبر صمام الأمان للمنتخب المغربي في مركز الظهير الأيسر، وبفضله لم تهتز الشباك في المونديال إلا مرة واحدة فقط من اللعب المفتوح. أنقذ المرمى المغربي بتصدٍ رأسي أمام إسبانيا في دور المجموعات وسجّل هدفه الدولي الأول أمام الولايات المتحدة (3 – 1) في ربع النهائي. مثّل الزهواني (19 عاما)، لاعب اتحاد التواركة، المغرب في مختلف الفئات العمرية وأبرز إنجازاته وصافة أمم أفريقيا تحت 20 عاما 2025، والفوز ببطولة أفريقيا للاعبين المحليين.
مشوار ناجح

وقدم منتخب المغرب للشباب مسيرة مميزة في البطولة، حيث خاض سبع مباريات، فاز في ست منها، بينما تلقى خسارة واحدة كانت في دور المجموعات أمام منتخب المكسيك. وهنأ جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) المنتخب المغربي. وفي تصريحات أبرزها الموقع الرسمي لفيفا هنأ المغرب قائلا “مبروك للمنتخب المغربي، بطل العالم، يا لها من مباراة كبيرة، حيث فاز المغرب على الأرجنتين في تشيلي ليتربع عن جدارة واستحقاق على عرش هذه النسخة الرائعة من كأس العالم تحت 20 سنة، أحسنتم، وتهانينا لكم.”
وقال “وصول أربعة منتخبات من ثلاثة اتحادات قارية مختلفة إلى الدور نصف النهائي يؤكد أن هذه النسخة من البطولة كانت استثنائية، ونبارك لكولومبيا الفوز بالميدالية البرونزية، وفرنسا على احتلالها المركز الرابع.” واختتم جياني إنفانتينو تصريحاته قائلا “أشكر تشيلي على التنظيم الرائع للبطولة التي تابعها ما يقرب من 600 ألف مشجع في المدرجات.”