محمد القذافي مسعود.. كاتب ليبي يحول النص إلى هوية وصوت

كاتب يحاور الحياة ولا يهرب من أسئلتها بل يواجهها بعين مفتوحة على الحرية والخذلان وعلى الحلم والانكسار.
الأحد 2025/10/19
شاعر يبحث عن معان جديدة للكتابة

الأدب الليبي، كجذر يهبط عميقاً في تربة مثقلة بالتحوّلات، يقاوم هشاشة اللحظة ويحمل في أوراقه رغبة دائمة في الانفتاح على العالم. إنّه أدب يتكون من المعاناة بقدر ما يتغذّى من الحلم، يتقدم وسط العواصف محمّلا بأصوات الكتّاب الذين جعلوا من اللغة وسيلتهم للنجاة، ومن النص ساحة للصراع بين الذات والواقع، بين الانتماء والحرية.

في هذا الأفق الملتبس بين الداخل والخارج، يبرز الكاتب والشاعر الليبي محمد القذافي مسعود ابن مدينة غريان، بصفته صوتا يجسّد كفاءة المبدع الليبي وقدرته على أن يجعل من تجربته المحلية مرآة للإنسانية جمعاء.

لا يكتفي مسعود بنص واحد ولا يقيم في جنس أدبي بعينه؛ يتنقّل بين الشعر والنثر والمسرح والمقالة والحوارات، كمن يعبر أراضي الروح بحثا عن معنى جديد للكتابة. لغته تنساب ببساطتها المشعة، محملة برموز تضيء التفاصيل اليومية وتجعلها نوافذ على الوجود.

محمد القذافي مسعود يكتب كما لو أنه يحاور الحياة نفسها
محمد القذافي مسعود يكتب كما لو أنه يحاور الحياة نفسها

يكتب محمد القذافي مسعود كما لو أنه يحاور الحياة نفسها، لا يهرب من أسئلتها بل يواجهها بعين مفتوحة على الحرية والخذلان، على الحلم والانكسار. ومن هذا الاحتكاك المتواصل بالواقع يولد عمق نصه، وتنبثق إنسانيته المتوهجة التي تجعل من كل قصيدة أو نص لديه تجربة تأملية في الوجود والجمال.

ورغم ما يحيط بالمشهد الثقافي الليبي من هشاشة مؤسسية وضيق في المنابر، يواصل مسعود المثابرة والمراكمة، مستنداً إلى الحرية الفردية كقيمة وكمتنفس روحي، رافضاً أن يُحاصر صوته بالجغرافيا أو البيروقراطية الثقافية. فهو يحضر في الملتقيات والمنصات العربية والدولية، وفي الدوريات الشعرية التي تتلقّى نصوصه كأنها نسغٌ جديد في جسد الشعر العربي، ويؤكد بحضوره ذاك أن الكاتب الليبي حين يؤمن بنصه وبذاته يستطيع أن يعبر إلى العالم.

الكاتب محمد القذافي مسعود، في عمق تجربته، لا يمثل فرداً بقدر ما يجسد تحوّلاً في صورة الكاتب الليبي الحديث؛ الكاتب الذي يجمع بين أصالة الانتماء وجرأة التحديث، بين اللغة التي تنبع من التراب والخيال الذي يفتحها على الكون. هو نموذج للكاتب الذي لا يكتفي بكتابة القصيدة إنما يكتب وجوده كله فيها، محققاً توازناً نادراً بين محليّته التي تمنحه الجذور، وإنسانيّته التي تمنحه الأجنحة.

وهكذا يصبح حضوره في المشهد العربي والدولي دليلا على أن الكفاءة الأدبية لا تُقاس بالجوائز أو المناسبات، بل بالفعل المتواصل في التجريب والتجدد، وبالقدرة على تحويل النص إلى هوية وصوت يظل يتردد في الفضاءات الثقافية، شاهداً على أن الكاتب الليبي، حين يكتب بصدق ومثابرة، يستطيع أن يكون وجهاً من وجوه الأدب الإنساني الرحب.