مارك سافايا مبعوثا أميركيا إلى العراق وعينا لترامب على الميليشيات

رجل أعمال مكلف بإدارة العلاقة مع بغداد على سبيل المساومة وعقد الصفقات.
الثلاثاء 2025/10/21
أحد عصافير ترامب النادرة

إعطاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولوية لتعيين مبعوث خاص له في العراق على تعيين سفير دائم لبلاده في بغداد يعكس مدى اهتمامه بالساحة العراقية، وهو اهتمام بغض النظر عن وجهته وطبيعته لا يمكن له إلاّ أن يكون مبعث قلق للميليشيات والأحزاب العراقية المرتبطة بها على مواقعها ومكانتها في السلطة.

بغداد- حمل اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مارك سافايا أحد مقربيه ليكون مبعوثه الخاص إلى العراق زخما من الرسائل السياسية تناقضت قراءتها بين متفائلين رأوا فيها علامة اهتمام أميركي بالعلاقة مع بغداد وحرصا على تجديدها وتنميتها، ومتشائمين رأوا فيها إنذارا للقائمين على شؤون الحكم في العراق بتدشين مرحلة جديدة من الصرامة الأميركية إزاء الميليشيات ومشاركتها في السلطة وعملها كأذرع لإيران أمنيا وسياسيا واقتصاديا أيضا من خلال مساعدتها على الالتفاف على العقوبات.

وشجّع على القراءة الأخيرة كون تعيين سافايا سبق عملية إرسال سفير أميركي دائم إلى العراق والمعلّقة منذ نحو عام ما يعني أن ترامب يؤثر الإمساك بالملف العراقي مباشرة عبر ثقاته ومقربيه، فضلا عن كون التعيين جاء قبيل الانتخابات البرلمانية العراقية التي ستنبثق عنها حكومة جديدة لا يستبعد أن تمارس واشنطن ضغوطا لإبعاد الفصائل المسلّحة والأحزاب المرتبطة بها عن تشكيلها ومنعها من المشاركة فيها على غرار ما حدث مع تشكيل الحكومة الحالية التي تعتبر بامتياز حكومة تلك الفصائل والأحزاب المجتمعة في الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم.

وتسود بعض الأوساط العراقية مخاوف من حالة الإرباك الكبيرة التي يمكن لتلك الضغوط أن تتسبب بها نظرا إلى كون القوى التي قد تسعى واشنطن لإبعادها عن السلطة في العراق هي نفسها التي تمتلك الحظوظ الأوفر للفوز في الانتخابات.

هوشيار زيباري: إجراءات أميركية خارج الأطر المعتادة لتصحيح الوضع العراقي المضطرب

كما أن الإرباك قد يحصل بفعل تشديد ترامب لضغوطه على بغداد لإجبارها على التنفيذ الحرفي للعقوبات الأميركية والدولية المفروضة على إيران عبر وقف مختلف المعاملات الاقتصادية والتجارية والمالية معها وضبط عمليات تهريب النفط الإيراني وتسريب عملة الدولار من العراق إلى إيران، وهي عمليات تضطلع بها الميليشيات بما في ذلك المشاركة في السلطة والحاصلة على مواقع مهمّة داخلها.

ويعتبر سافايا وهو مسيحي كلداني من أصول عراقية من المقربين من ترامب كونه كان عضوا بارزا في حملته الانتخابية ويشاركه انتماءه لمجتمع المال والأعمال ما يشير إلى وجود توجّه لدى واشنطن لإدارة العلاقة مع بغداد على سبيل الضغوط والمساومات وعقد الصفقات.

وبرز سافايا خلال السنوات الأخير كرجل أعمال ناجح وأبرز رواد صناعة القنّب ذي الاستخدامات الطبية.

ولن تخلو مهمّة مبعوث ترامب إلى العراق من أهمية على صعيد الحفاظ على نفوذ الولايات المتحدة في البلاد ومنع تراجعه لمصلحة النفوذ الإيراني القوي بفعل تقلّص الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية بموجب الاتفاق على انسحاب القوات الأجنبية من البلاد بعد انتهاء مهامها الرئيسية في مواجهة تنظيم داعش.

وعلى هذه الخلفية يتوقّع أن يعمل الرجل على منع الميليشيات الموالية لإيران من استغلال ذلك الانسحاب وملء الفراغ وهو ما سيقتضي ممارسة ضغوط هائلة على بغداد لتحجيم الفصائل المسلّحة سياسيا وأمنيا.

ويظل الثابت لدى متابعي الشؤون العراقية في قراءاتهم لتعيين مبعوث لترامب إلى العراق أن مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية العراقية لن تكون كما قبلها على صعيد العلاقات بين بغداد وواشنطن.

ورأى السياسي العراقي المخضرم هوشيار زيباري القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني والذي سبق له أن شغل منصب وزير خارجية للعراق أن تعيين ترامب لسافايا ممثلا خاصا له في العراق يعد اعترافا بأن الوضع في البلاد غير طبيعي.

وكتب زيباري عبر منصة إكس أن مهمة المبعوث الجديد قد تتضمن “إجراءات وقرارات خارج الأطر الدبلوماسية والرسمية المعتادة لتصحيح وتقويم الوضع المضطرب والمشوش”.

كما وصف في تعليق ثان على المنصة ذاتها الخطوة الأميركية بأنّها “خبر سار وقرار جريء لاستعادة السيادة والاستقلال العراقيين بعيدا عن الفساد وسوء إدارة الموارد وحكم الميليشيات”.

ومن الجانب الأميركي عقّب ترامب عبر منصة تروث سوشيال على قراره بالقول “يسرّني أن أعلن أن مارك سافايا سيتولى منصب المبعوث الخاص إلى جمهورية العراق،” معتبرا أنّ “فهم مارك العميق للعلاقات بين العراق والولايات المتحدة وصلاته الواسعة في المنطقة، سيسهمان في تعزيز مصالح الشعب الأميركي”.

أما سافايا نفسه فعبّر عن امتنانه وفخره باختياره للمهمة مشيرا إلى أنّه يشعر بالتواضع أمام هذه المسؤولية، ومؤكّدا قوله “أنا ملتزم بتعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة والعراق تحت قيادة وتوجيه الرئيس ترامب”.

1