لبنان بين السلاح والفكرة
هل لبنان دولة أم مجرد فكرة تتقاذفها المصالح والميليشيات؟ جزء من أرضه وقراره ليس بيد الدولة، بل في يد سلاح يرفض القانون ويكتب مصيره وحده، ويحوّل السياسة إلى مسرح عبث. لبنان يدّعي الحرية، لكنه أسير قطعة حديد؛ يدّعي السيادة، لكنه عاجز أمام قوة خارج القانون.
نزع السلاح بالقوة، فوضى ستحرق ما تبقّى. التسوية السياسية، دولة بلا روح، والسلاح يكتب تاريخها. السماح بالوضع الحالي، لبنان سيبقى.. لكنه فكرة معلّقة بين القدرة واللاقدرة، ظلّ يترنّح بين الحياة والموت السياسي.
حين تصبح الدولة رهينة سلاح لا يعرف القانون، تتغيّر طبيعة الوجود اللبناني نفسه. لبنان ليس مجرد جغرافيا، بل فكرة تتشكّل بالسيادة والحرية والقرار. وعندما يُختطف القرار من يد الدولة، يصبح الوطن ظلًّا يتردّد بين الهوية المفقودة والواقع المفروض. هل يمكن لفكرة أن تصمد إذا كان جزء من جسدها مسلوبًا من القانون؟ وهل ما زال بالإمكان الحديث عن سيادة حين تصبح القوة خارج نطاق الدولة؟
◄ نزع السلاح بالقوة، فوضى ستحرق ما تبقّى. التسوية السياسية، دولة بلا روح، والسلاح يكتب تاريخها. السماح بالوضع الحالي، لبنان سيبقى.. لكنه فكرة معلّقة بين القدرة واللاقدرة
الأفق مفتوح على ثلاثة سيناريوهات، كلّ واحد منها يحمل خطرًا وجوديًّا على الدولة:
المواجهة بالقوة: محاولة نزع السلاح بالقوة قد تؤدي إلى صدام داخلي أو حتى تدخلات إقليمية، وحينها سينهار ما تبقّى من الاستقرار.
التسوية السياسية: توافقات جزئية تحافظ على الدولة، لكنها بلا روح حقيقية؛ السلاح يظل اللاعب الأبرز، والقرار السياسي محدود، والدولة تصبح مجرد ظلّ قانوني يُطبّق على من لا يملك القوة.
الاستمرار بالوضع الراهن: لبنان يبقى على قيد الحياة، لكنه دولة مشلولة، تعيش كفكرة معلّقة بين القدرة واللاقدرة، تتحرّك بين الحياة والموت السياسي كلّ يوم.
بينما يسيطر السلاح على القرار، يتحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات القوى الإقليمية والدولية، تاركًا الشعب رهينة معادلات لا يملك فيها إرادة.. الهوية الوطنية تتآكل، والانتماء للدولة يصبح شعارًا فارغًا، بينما ينقسم المجتمع بين ولاء لفكرة لبنان الحرّ وبين خضوع لقوة السلاح. لكن، في خضمّ هذا الظلام، تبقى جذور لبنان الثقافية والتاريخية حيّة، تحمل بذور أمل في جيل يسعى لاستعادة الدولة عبر إرادة جماعية قد تعيد القانون إلى صدارة القرار.
مع كلّ يوم يمرّ، كلّ خيار يبدو أكثر وحشية، وكلّ سؤال أعمق: هل يمكن لفكرة أن تعيش بينما جزء منها خارج القانون؟ أم أن السلاح سيكتب نهاية الدولة قبل أن يكتب التاريخ؟ في لبنان المعاصر، ليس الصراع على السلطة فقط، بل على وجود الدولة كفكرة حيّة.