كيف يُتوقع من تسلا التحكم عن بُعد في سيارات الأجرة الآلية

الشغف الجامح بالتنقل الذكي لا يحجب السلبيات المتعلقة بسلامة الركاب وأمانهم.
الأربعاء 2025/07/02
لا شيء تُرك للصدفة، لكن الاحتياط واجب

باتت فكرة سيارات الأجرة الآلية دون سائق أقرب إلى الواقع من الخيال. وفي مقدمة هذه الثورة تقف تسلا، التي لم تكتفِ بالابتكار فحسب، بل تطرح الآن تصورًا أكثر جرأة للتحكم عن بُعد في أسطول من سيارات الأجرة الآلية، وسط موجة من الجدل المتجدد حول نجاح التجربة.

أوستن (الولايات المتحدة)- بدأت تسلا أواخر الشهر الماضي خدمة سيارات الأجرة الآلية التي طال انتظارها في أوستن بولاية تكساس الأميركية، بحوالي 10 سيارات من طراز واي الرياضية متعددة الاستخدامات، والتي ستعمل ضمن حدود تشغيلية صارمة.

وصرّح الرئيس التنفيذي للشركة الأميركية إيلون ماسك في منشور على منصة إكس بأن الرحلات كانت تُقدم مقابل رسوم ثابتة قدرها 4.2 دولار.

وقد شوهد مؤثرون على مواقع التواصل الاجتماعي يحجزون ويستقلون سيارات الأجرة الآلية في عدة مواقع في أوستن، وفقًا لمقاطع فيديو أعاد ماسك نشرها.

ويؤكد ماسك بأن الشركة “مهووسة للغاية” بالسلامة، وأن البشر سيراقبون الأسطول عن بُعد، والذي يحتوي أيضًا على شاشات مراقبة للسلامة في مقاعد الركاب الأمامية.

جون كرافتشيك: السيارات لا تخضع للمراقبة النشطة، البرنامج هو صانع القرار

ويُستخدم الوصول والتحكم عن بُعد – المعروف في هذا المجال باسم “التشغيل عن بُعد” – بدرجات متفاوتة من قِبل عدد قليل من شركات سيارات الأجرة الآلية الناشئة العاملة حول العالم. ولهذه التقنية مزايا واضحة وحدود مهمة.

والتشغيل عن بُعد هو التحكم البشري بالآلات في موقع مختلف، عادةً عبر شبكة لاسلكية. ويُستخدم لتدريب الروبوتات على العمل بشكل مستقل، ومراقبة نشاطها المستقل، وتولّي المسؤولية عند الحاجة.

ولا تزال صناعة سيارات الأجرة الآلية العالمية في مرحلة الاختبار، حيث تنشر الشركات المركبات في مناطق جغرافية محدودة وتُجري تعديلات مستمرة على برنامج الذكاء الاصطناعي الذي يتحكم بها. وغالبًا ما يُستخدم التشغيل عن بُعد للتدخل عندما تكون المركبة غير متأكدة ممّا يجب فعله، وفق ما يراه العديد من المختصين في القطاع.

وعلى سبيل المثال، لدى وايمو التابعة لشركة ألفابت فريق من وكلاء “الاستجابة للأسطول” البشريين الذين يجيبون على أسئلة سائق وايمو، وهو برنامجها الآلي.

وذكرت وايمو في منشور على مدونتها العام الماضي “كما هو الحال مع الاتصال بصديق، عندما تواجه مركبة وايمو موقفًا معينًا على الطريق، يمكن للسائق الذاتي التواصل مع وكيل الاستجابة للأسطول البشري للحصول على معلومات إضافية.”

وصرح جون كرافتشيك، الرئيس التنفيذي السابق لشركة وايمو، لرويترز قائلاً “لا تخضع السيارات للمراقبة النشطة،” مضيفًا أن البرنامج هو “صانع القرار النهائي.”

ويظهر أحد المقاطع الفيديو لشركة وايمو سيارة تسأل مُشغّلًا عن بُعد ما إذا كان شارعٌ مُجهّز بمركبات الاستجابة للطوارئ مفتوحًا لحركة المرور. وعندما يُجيب المُشغّل بالإيجاب، تنطلق السيارة.

في المقابل، استخدمت شركات أخرى، مثل تطبيق أبولو غو من بايدو في الصين، سائقين احتياطيين عن بُعد بالكامل يُمكنهم التدخل لقيادة المركبات افتراضيًا.

وتُشكّل قيادة المركبات عن بُعد على الطرق العامة مشكلةً مُحتملةً كبيرة، فهي تعتمد على اتصالات البيانات الخلوية التي قد تنقطع أو تعمل بتأخير، ما يُؤدي إلى فصل السيارة عن السائق عن بُعد في الحالات الخطرة.

فيليب كوبمان: نهج تسلا قد ينجح في نشر تجريبي محدود لهذه المركبات

وقال فيليب كوبمان، أستاذ الهندسة بجامعة كارنيغي ميلون وخبير سلامة المركبات ذاتية القيادة، إن هذا النهج قد ينجح في نشر تجريبي محدود لعشر مركبات، مثل جهود تسلا الأولية في أوستن، لكنه وصف التشغيل عن بُعد بأنه “تقنية غير موثوقة بطبيعتها.”

وأضاف “في النهاية، سينقطع الاتصال في أسوأ وقت. لو كانوا قد قاموا بواجبهم، لما حدث هذا لعشر سيارات. أما مع مليون سيارة، فسيحدث ذلك يوميًا.”

وأقرّ الرئيس التنفيذي السابق لشركة وايمو، كرافتشيك، بهذا الرأي، مضيفًا أن التأخير الزمني في إشارة الهاتف المحمول يجعل القيادة عن بُعد “محفوفة بالمخاطر.”

وقال كوبمان إن “الاعتماد على السيارة لطلب المساعدة والسماح لها باتخاذ القرار أمران محفوفان بالمخاطر أيضًا، لأنهما لا يضمنان اتخاذ السيارة للقرار الصحيح.” وأشار إلى وجود حدود لعدد المركبات التي يمكن لشخص واحد مراقبتها بأمان.

وطلبت مجموعة من المشرعين الديمقراطيين في تكساس من شركة تسلا تأجيل إطلاق سيارة الأجرة الآلية حتى سبتمبر المقبل، وهو الموعد المقرر لدخول قانون القيادة الذاتية الجديد حيز التنفيذ. وقال المشرعون في منطقة أوستن في رسالة إن تأجيل الإطلاق “يصب في مصلحة السلامة العامة وبناء ثقة الجمهور في عمليات تسلا.”

ولطالما وعد ماسك، دون أن يفي بوعوده، بأن برنامج مساعدة السائق المتقدم، الذي يعتمد على القيادة الذاتية الكاملة (المراقبة)، سيتطور إلى روبوت تاكسي ذاتي القيادة والتحكم بالكامل.

وسبق أن أفاد ماسك في وقت سابق هذا العام بأن تسلا ستطرح خدمة مدفوعة الأجر في أوستن، مدعومة بنسخة “غير خاضعة للإشراف” من البرنامج.

وقال للمحللين والمستثمرين في يناير “ستكون سيارات تسلا جاهزة للاستخدام في أوستن في يونيو، دون أيّ تدخل بشري.” وفي مايو الماضي، صرّح لشبكة سي.أن.بي.سي أن روبوت تاكسي سيعمل فقط في المناطق الآمنة له في أوستن، والتي ستتجنب التقاطعات الصعبة، وستستخدم البشر لمراقبة المركبات.

وما يفعله هؤلاء المشغلون عن بُعد ليس واضحًا. وقال مصدر مطلع على الأمر لروتيرز، لم تذكر هويته إنه “لسنوات داخل تسلا، توقع المسؤولون التنفيذيون استخدام مشغلين عن بُعد يمكنهم تولي زمام الأمور في حال حدوث أيّ مشكلة.”

استخدمت شركات أخرى، مثل تطبيق أبولو غو من بايدو في الصين، سائقين احتياطيين عن بُعد بالكامل يُمكنهم التدخل لقيادة المركبات افتراضيًا

وعلى سبيل المثال، إذا علقت سيارة أجرة آلية في منطقة مزدحمة بالمشاة وشعرت بالحيرة حيال الخطوة التالية، فيمكن لمشغل عن بُعد أن يتولى القيادة ويوجهها، وفقًا للمصدر.

وأعلنت تسلا عن وظائف تشغيل عن بُعد، مشيرةً إلى حاجتها إلى القدرة على “الوصول والتحكم” في المركبات ذاتية القيادة والروبوتات الشبيهة بالبشر عن بُعد. وذكرت في الإعلان أن هؤلاء الموظفين يمكنهم “أداء مهام معقدة ومعقدة كثيرا عن بُعد.”

ورغم كل الزخم الذي يحيط بالقيادة الذكية، إلا أن ماسك لم يخف قلقه بشأن الأمان. وقال في منشور على إكس قبل إطلاق سيارات أجرة تسلا ذاتية القيادة “نحن قلقون للغاية بشأن السلامة.”

15