قنبلة سياسية تهز اليمن: الانتقالي الجنوبي يلوّح بضم مأرب وتعز
عدن - تتردّد بقوة داخل الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية أصداء التصريحات التي صدرت عن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل لمشروع تأسيس دولة الجنوب المستقّلة بشأن إمكانية ضم أجزاء من محافظة تعز ذات الموقع الإستراتيجي ومأرب الغنية بموارد الطاقة إلى تلك الدولة التي يقول المجلس إنّ إنشاءها مسألة وقت ورهن حسم الصراع مع جماعة الحوثي والشرعية اليمنية التي يحتفظ المجلس نفسه بتمثيل داخلها.
وقال رئيس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في حوار مع قناة الحرّة الأميركية إنّ عددا من سكان مأرب وتعز أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى الجنوب، مرحبا بتنسيق التفاهمات حول إدارة مناطقهم.
وتقع المحافظتان تقليديا ضمن مناطق شمال اليمن وهما بالتالي تابعتان لـ”دولة شقيقة جارة” وفقا لأدبيات أنصار دولة الجنوب المستقّلة.
محللون يعتبرون تصريحات رئيس الانتقالي ردة فعل على منافسة قوى شمالية للمجلس على مناطق نفوذه في حضرموت
ويكتسي ضمّهما للدولة المنشودة أهمية إستراتيجية إذ تتيح مخزونات النفط والغاز الوفيرة في باطن أرض مأرب الواقعة بجنوب شرق صنعاء موارد مجزية توفر أسبابا ذاتية لبقاء تلك الدولة واستمرارها، بينما يضمن ضمّ تعز الواقعة بجنوب غرب اليمن للدولة ذاتها إطلالة لها على البحر الأحمر وخصوصا على مضيق باب المندب ذي الأهمية الإستراتيجية البالغة كممر بحري ومدخل ضروري للبحر المذكور.
لكنّ عملية الضمّ التي قد يُستند في تبريرها لمجرّد مطالبة سكان بعض المناطق لن تكون سهلة التنفيذ على أرض الواقع حيث ستصطدم بمعارضة شديدة، ليس فقط من قبل دعاة جمهورية اليمن الموحدّة، ولكن من قبل قوى مسيطرة على المحافظتين وأسست لها هناك نفوذا راسخا تسنده مصالح سياسية واقتصادية كبرى.
وعلى سبيل المثال لا يُعرف كيف يمكن سحب محافظة مأرب أو حتى أجزاء منها من سيطرة حزب التجمع اليمني للإصلاح الفرع اليمني من جماعة الإخوان المسلمين والذي يسيطر عمليا على المحافظة من خلال الإشراف على إدارة سلطتها المحلية والهيمنة على القوات المتمركزة على أرضها والتي يدين أكبر قادتها بالولاء لقيادة الحزب نفسه.
ويكاد الأمر نفسه ينطبق على محافظة تعز التي تعتبر أيضا معقلا كبيرا من معاقل نفوذ حزب الإصلاح.
وقرأ متابعون للشأن اليمني في تصريح الزبيدي الذي وصف بالقنبلة السياسية المدوية رسالة من الانتقالي الجنوبي للقوى التي يصفها بالشمالية وردّة فعل على تشبث القوى ذاتها بنفوذها وسيطرتها على مناطق يعتبرها المجلس جزءا أساسيا من دولة الجنوب القادمة لا مجال للتنازل عنها تحت أيّ ظرف.
وينطبق ذلك كأوضح ما يكون على محافظة حضرموت الأوسع مساحة والأكثر ثراء بالموارد والتي يدور داخلها صراع نفوذ شرس تشترك فيه بشكل رئيس تلك “القوى الشمالية” ومن ضمنها حزب الإصلاح نفسه.
وضمن ردّات الفعل العنيفة على طرح رئيس الانتقالي بشأن ضم أجزاء من تعز ومأرب لدولة الجنوب، نشط الخطاب السياسي والإعلامي الناري تجاه مؤيدي الفكرة وصولا إلى تخوين من يؤيدها من أبناء المحافظتين وقادة الرأي داخلهما.
ولم توفّر بعض ردات الفعل اللفظية العنيفة متبني الفكرة من أنصار قضية الجنوب أنفسهم. ووصف السياسي الجنوبي صلاح الشنفرة دعوة ضمّ مناطق من مأرب وتعز بأنّها “خيانة للقضية الجنوبية“.
قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل لمشروع تأسيس دولة الجنوب المستقّلة تدرس إمكانية ضم أجزاء من محافظة تعز ذات الموقع الإستراتيجي ومأرب الغنية بموارد الطاقة إلى تلك الدولة
وقال في كلمة خلال فعالية شعبية أقيمت، الخميس، في محافظة الضالع شمالي عدن إنّ “من يطالبون بضم تعز ومأرب إلى الجنوب لا يمثلون إرادة الجنوبيين، بل يخدمون أجندات مشبوهة.” وأضاف “القضية الجنوبية قضية وطنية عادلة، وليست مشروع توسع أو ابتلاع جغرافي، بل مشروع استعادة دولة الجنوب بحدودها المعروفة قبل عام 1990“.
وأشار الشنفرة إلى أن “محاولات خلط الأوراق وتغيير هوية الجنوب الجغرافية والسياسية مرفوضة تماما،” داعيا القوى الجنوبية إلى التوحد على هدف استعادة الدولة بدلا من الانشغال بخلافات جانبية تخدم خصوم الجنوب.
وفي سياق التفاعل المناطقي والقبلي مع تصريحات الزبيدي أعلن حراك وسط اليمن والشوافع عن استجابته للدعوة التي تضمنتها تلك التصريحات .
كما راج بيان في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي منسوب لقبائل مراد بمأرب يتضمن مباركة لفكرة الانضمام لدولة الجنوب، لكن سرعان ما راج بيان مضاد يؤكّد زيف البيان الأول وينفي موافقة تلك القبائل على الفكرة ومباركتها، مؤكّدا أن من يقف خلف البيان المزيف “جهات مغرضة تسعى لإثارة الفتنة وبث الانقسام بين أبناء الوطن الواحد.”