فوضى الترشحات تعبد الطريق أمام الصفدي لرئاسة البرلمان الأردني
عمان – تتركز الأنظار في الأردن على الانتخابات الداخلية لمجلس النواب، التي تشمل موقع رئاسة المجلس والمكتب الدائم، قبيل انعقاد الدورة العادية الثانية، المنتظرة في أكتوبر المقبل.
وعلى خلاف الانتخابات السابقة، سجل الاستحقاق هذه المرة زحمة في الترشحات لموقع رئاسة مجلس النواب العشرين، معظمهم لا يملكون الدعم الكافي لتولي المنصب، الأمر الذي يعبد الطريق أمام التجديد لرئيس المجلس الحالي أحمد الصفدي.
وأعلن حوالي ستة نواب الترشح لرئاسة مجلس النواب، من بينهم أربعة مرشحين من حزب واحد، فيما ذكرت كتلة سابقا أنها تدرس ترشيح امرأة للمنصب.
ويلقى التجديد للصفدي تأييدا من الدوائر العليا للدولة، بعد أن أثبت الرجل قدرة كبيرة على إدارة المجلس خلال الدورات السابقة، والتعامل ببراغماتية مع الخلافات والتباينات بين الكتل النيابية.
فرصة الرئيس الحالي هي الأوفر حظا للنجاح، لخبرته الطويلة التي اكتسبها في إدارة المجلس والجلسات
وترى تلك الدوائر أن الصفدي “عنوان للاستقرار” بالنسبة للمجلس في ظل التحديات التي تواجه المملكة والتي تتطلب تهدئة برلمانية، والابتعاد عن أي مناكفات خاصة بين المجلس والحكومة.
وفاز الصفدي برئاسة مجلس النواب في نوفمبر 2024 أمام مرشح حزب جبهة العمل الإسلامي النائب صالح العرموطي، بعد حصوله على تأييد غالبية الأعضاء.
وأصبح الصفدي بذلك أول رئيس لمجلس النواب العشرين، الذي انتُخب في العاشر من سبتمبر الماضي، وقد شغل المنصب ذاته دورتين متتاليتين في المجلس السابق.
وخلال الدورة العادية الأولى شهد مجلس النواب بعض الهزات لاسيما في علاقة بين كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي، وباقي الكتل النيابية، لكن الصفدي نجح في ضبط إيقاع المشهد داخل المجلس، وتجنب الخطاب الصدامي.
ورأى الكاتب السياسي رافع شفيق البطاينة أن فرصة الرئيس الحالي هي الأوفر حظا للنجاح، لخبرته الطويلة التي اكتسبها في إدارة المجلس والجلسات، واكتسابه لاحترام معظم النواب إن لم يكن جميعهم، وتعامله المرن مع جميع النواب والكتل، وإدارة الجلسات بهدوء دون توتر أو تشنجات.
وأضاف البطاينة في مقال له أن “الأصل في العرف البرلماني عالميا أن يستمر رئيس مجلس النواب في موقعه لأطول فترة ممكنة، على الأقل أن يستمر بقاؤه مع بقاء المجلس والحكومة لمدة أربعة أعوام، ما لم تحدث أسباب جوهرية تدفع باتجاه تغيير رئيس المجلس في أول دورة نيابية عادية، هذه رؤية تحليلية لانتخابات رئاسة مجلس النواب قابلة للتحديث والتغيير في ضوء المعطيات التي قد تحدث مستقبلا من قبل المرشحين لرئاسة المجلس، سواء بالانسحاب، أو حدوث تكتلات جديدة بين الكتل النيابية الحزبية، والمرشحين”.
الصفدي "عنوان للاستقرار" بالنسبة للمجلس في ظل التحديات التي تواجه المملكة والتي تتطلب تهدئة برلمانية، والابتعاد عن أي مناكفات خاصة بين المجلس والحكومة
واعتبر البطاينة أن تعدد المرشحين لرئاسة المجلس في هذه الدورة سوف يعطي نكهة ديمقراطية مميزة عن الدورات السابقة التي كان فيها اسم الرئيس محسوما مسبقا قبل الانتخابات.
ولفت إلى أن كتلة جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) قد تكون هي كفة الترجيح لنجاح أي رئيس إذا استطاع كسب تأييدهم وأصواتهم في حال لم تقم الكتلة بترشيح أي نائب من الكتلة، واتفقت على دعم مرشح بعينه، أو تعويم أصوات كتلتها، لأنها ثاني أكبر كتلة في المجلس، ولأن جميع الكتل لديها مرشحون إلى غاية الآن.
وامتنعت كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي عن تقديم مرشح لها لرئاسة مجلس النواب، حيث تدرك أن الظرفية ليست مواتية لاسيما بعد قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين.
وتنحصر المنافسة على موقع رئاسة مجلس النواب داخل تيار واحد وهو التيار الوسطي، الأمر الذي سيحاول حزب جبهة العمل الإسلامي الاستفادة منه، لكسر عزلته النيابية، وتحقيق بعض المكاسب لاسيما في ما يتعلق باللجان الدائمة.
وينتظر أعضاء مجلس النواب ملفات حارقة خلال الدورة المقبلة مثل التحديث السياسي والإداري، والضرائب والبلديات، والضمان الاجتماعي، وتدرك بعض الكتل النيابية أن أداءها خلال الدورة السابقة لم يرتق إلى المستوى المطلوب، وأن عليها تدارك الوضع في الدورة الثانية، وهو ما يجعل معركة رئاسة مجلس النواب جد مهمة بالنسبة إليها.
وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني، يعتبر فائزا من حصل على الأكثرية المطلقة للحاضرين إذا كان المرشحون للمنصب أكثر من اثنين.
ويتشكل البرلمان الأردني من مجلسين، هما مجلس الأعيان المُعيَّن من قِبل الملك، ومجلس النواب المنتخب.