فوز مصر والعراق بعضوية مجلس حقوق الإنسان يعزز الثقل العربي
الأمم المتحدة - تُوجت الدبلوماسية العربية بإنجاز استراتيجي الثلاثاء، حيث فازت كل من مصر والعراق بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للفترة 2026-2028، في الانتخابات التي جرت في نيويورك.
ويمثل هذا الفوز المزدوج إنجازا سياسيا كبيرا، ويفتح صفحة جديدة في مسار العمل العربي داخل المجلس، مانحا البلدين فرصة مؤثرة للمشاركة في صياغة السياسات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وتعزيز قيم العدالة والمساواة على المستوى العالمي، ومؤكدا ثقة المجتمع الدولي بقدرتهما على الاضطلاع بمسؤوليات عالمية في هذا الملف شديد الحساسية.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك هذا الفوز بالمقعد الرفيع بعدما حصلت مصر على 173 صوتا، معتبرة حصولها على هذا العدد الكبير من الأصوات تأكيدا على حجم الدعم الدولي الواسع لترشحها، مما يرسخ مكانتها على الساحة الدولية.
ويعد هذا الفوز هو الثالث لمصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان، منها فترتين خلال رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأرجعت الخارجية المصرية هذا النجاح إلى انعكاس للثقة في الدور المصري الفاعل في مجال حقوق الإنسان على المستوى الدولي.
وأكدت الخارجية المصرية أن هذا الانتصار يشكل ركيزة أساسية في جهود الدولة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مؤكدة أن السنوات الأخيرة شهدت تطورات مهمة في هذا الملف، تمثلت في إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021 ومتابعة تنفيذها من خلال التقارير التنفيذية.
وأشارت إلى توجيهات السيسي بالبدء في الإعداد لاستراتيجية وطنية جديدة لحقوق الإنسان يتم تطبيقها مع انتهاء الاستراتيجية الحالية، وتطوير منظومة العدالة الجنائية وتحديث مراكز الإصلاح والتأهيل والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية وتمكين المرأة والشباب وذوي الإعاقة ودمج الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في خطط وموازنات عدد من الوزارات والهيئات وتكثيف برامج التدريب وبناء القدرات داخل أجهزة الدولة.
واعتبرت الخارجية المصرية انتخاب مصر تتويجا لدورها المحوري في دعم الأمن والسلام والاستقرار وجهودها الحثيثة في خفض التصعيد بالمنطقة وآخرها قمة شرم الشيخ للسلام التاريخية التي عقدت يوم 13 أكتوبر والتي مثلت نقطة فاصلة في تاريخ المنطقة وتعكس التقدير الدولي للجهود المصرية المخلصة لدعم السلام وقيم التسامح والتعايش المشترك.
وبدورها أعلنت وزارة الخارجية العراقية، الثلاثاء، فوز العراق بعضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي، ووصفته بأنه "إنجاز دبلوماسي جديد".
وقالت الخارجية العراقية في بيان إن "فوز العراق جاء بعد حصوله على 175 صوتاً من أصل 193 دولةً عضواً في الأمم المتحدة، ليعكس هذا الإنجاز ثقة المجتمع الدولي بمسار العراق الديمقراطي، والتزامه بمبادئ حقوق الإنسان، وسيادة القانون، والتعددية".
وأوضحت أن "العراق فاز بعضوية المجلس ضمن مجموعة آسيا والمحيط الهادئ إلى جانب كلٍ من الهند وباكستان وفييتنام، حيث تم انتخاب الدول الأربع لتمثيل المجموعة خلال الدورة المقبلة".
تابعت الوزارة "يُعدّ انتخاب العراق تتويجا لجهوده الدبلوماسية المتواصلة في تعزيز مكانته الإقليمية والدولية، وترسيخ حضوره الفاعل في المحافل الأممية، فضلا عن دوره في دعم الحوار والتفاهم المشترك ونشر ثقافة حقوق الإنسان والتعاون الدولي".
وأشارت إلى أن "هذا الفوز يشكل محطة جديدة في مسيرة العراق الدبلوماسية، ومؤشرا واضحا على دوره البنّاء في تعزيز منظومة حقوق الإنسان على المستويين الإقليمي والعالمي".
وبحسب البيان، أكد الممثل الدائم لجمهورية العراق لدى الأمم المتحدة السفير لقمان الفيلي، عقب إعلان النتائج، أن "العراق سيعمل خلال عضويته في المجلس على تعزيز الحوار البناء، وتفعيل التعاون متعدد الأطراف، وتقديم مبادرات تركز على احترام الكرامة الإنسانية وتمكين الفئات الضعيفة، ودعم مبادئ العدالة والمساواة، بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة وأهداف التنمية المستدامة".
ويؤكد التراكم اللافت في النجاحات الدبلوماسية، وخصوصا فوز مصر برئاسة منظمتي الإيزو واليونسكو سابقا، ثقة المجتمع الدولي المتصاعدة في قدرة كل من مصر والعراق على تولي أدوار قيادية مؤثرة على الصعيد العالمي، لتنتقل بهما من موقع المتلقي إلى موقع الشريك الفاعل.
ويمثل الفوز بمقعد في مجلس حقوق الإنسان فرصة محورية لا تُقدر بثمن للاستفادة من المنصة الأممية في تحقيق أهداف استراتيجية عدة.
وتتيح العضوية موازنة الرؤى الدولية وتقديم منظور عربي وأفريقي وآسيوي متوازن للقضايا الحقوقية، ما يساهم في كسر حالة "الاحتكار الغربي" التي طالما هيمنت على تفسير وتوجيه الملفات الحساسة داخل المجلس، وتعزيز التفاهم بدلاً من المواجهة
وتدعم العضوية مسار "الدبلوماسية الوقائية"، حيث يمكن للبلدين استخدام المنصة الأممية لتسليط الضوء بقوة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كجزء لا يتجزأ من أجندات التنمية المستدامة، خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة.
تسهل العضوية فتح قنوات للتعاون الفني والتدريب وبناء القدرات الوطنية في مجالات إنفاذ القانون والعدالة الجنائية، مما يخدم بشكل مباشر وفعال استراتيجيات الإصلاح والتطوير المؤسسي التي يتبناها البلدان.
وبذلك، يترجم هذا الإنجاز المشترك إلى اعتراف دولي صريح بفاعلية الدبلوماسية المصرية والعراقية وقدرتها على تحقيق الأهداف الوطنية والإقليمية على حد سواء في مجالات التنمية والاستقرار.