فرص النجاح والفشل متكافئة في مفاوضات شرم الشيخ حول خطة ترامب
شرم الشيخ (مصر)- تتجه الأنظار إلى منتجع شرم الشيخ المصري، حيث بدأت الاثنين، مفاوضات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، على أمل التوصل إلى اتفاق بشأن تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تشمل وقف القتال وإطلاق سراح الرهائن في غزة، مع بحث الانسحاب التدريجي لإسرائيل من القطاع.
وتواجه المفاوضات التي من المرتقب أن تستمر أياما، الكثير من المطبّات والعراقيل، حيث يسعى كل طرف للحصول على تنازلات من الطرف الآخر، فيما تضغط الإدارة الأميركية بشدة للتوصل إلى اتفاق حول الخطة، حيث يريد ترامب تحقيق إنجاز دبلوماسي يحسب له بعد سلسلة انتكاسات مني بها ومنها تلك المتعلقة بالنزاع الروسي – الأوكراني.
وتأتي المفاوضات، التي يشارك فيها الوسطاء الثلاثة، الولايات المتحدة وقطر ومصر، عشية الذكرى الثانية للهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل وتلاه اندلاع الحرب، التي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 67000 فلسطيني، وشردت غالبية سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون وجرعتهم مرارة الجوع وسط أنقاض القطاع الذي دمره القصف المتواصل.
◄ رغم دعوات ترامب إلى وقف "فوري للقصف" واصل الجيش الإسرائيلي ضرباته على غزة
وكانت حركة حماس أبدت موافقة مبدئية على بعض البنود الواردة في خطة ترامب للسلام في غزة، لكن من المرجح أن تتمسك الحركة خلال مفاوضات شرم الشيخ بجملة من الشروط من قبيل توفير ضمانات دولية واضحة لوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل لإسرائيل من القطاع، في ظل هواجس لديها من عدم التزام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ باقي مراحل الخطة، والاكتفاء بالمرحلة الأولى كما سبق وأن فعل بالنسبة إلى هدن سابقة.
ومن المنتظر أن يسعى وفد الحركة الذي يقوده خليل الحية إلى المناورة للتخلص من أيّ التزام ببند نزع السلاح، لأنه بالنسبة إلى الحركة مسألة وجودية، مع تأكيد استعدادهم للابتعاد عن حكم القطاع وإدارته، وهو ما سبق وأن أشارت إليه حماس في معرض موافقتها على الخطة.
في المقابل يرجّح أن يحرص الوفد الإسرائيلي الذي يقوده وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، على توجيه المشاورات باتجاه ترتيبات عملية تبادل الأسرى، من دون الغوص في باقي المراحل، وهو ما يدفع باتجاهه اليمين في الائتلاف الحاكم.
وكشفت “القناة 12” العبرية أن حركة حماس تطالب بالإفراج عن “عناصر النخبة” في كتائب عزالدين القسام كانوا شاركوا في أحداث السابع من أكتوبر 2023. وأشارت القناة العبرية إلى أن إسرائيل التزمت حتى الآن بموقف واضح وغير قابل للتفاوض، وهو عدم إطلاق سراح المئات من عناصر النخبة القابعين في السجون الإسرائيلية، وكان هذا القرار يُعتبر “مبدأ لا يمس” في جميع الاتفاقات السابقة.
◄ المفاوضات التي من المرتقب أن تستمر أياما، تواجه الكثير من المطبّات والعراقيل، حيث يسعى كل طرف للحصول على تنازلات من الطرف الآخر
لكن الآن، ومع إجراء المحادثات في ظل الجدول الزمني الملحّ للرئيس الأميركي والضغط لإبرام اتفاق خلال أيام، تحول هذا المطلب من بند تقني إلى محور نزاع يثير جدلا عميقا داخل تل أبيب حول التنازلات الممكنة.
بالإضافة إلى مطالبة حماس بالإفراج عن عناصرها من النخبة، تتجه المفاوضات لتصطدم بقضية إطلاق سراح السجناء “الدوليين” وكبار المسجونين في إسرائيل، وهي إحدى القضايا الأكثر إثارة للجدل والمُتوقع طرحها في محادثات شرم الشيخ.
وحتى الآن، طالبت إسرائيل في صفقات سابقة بالاحتفاظ بحق النقض (الفيتو) على أسماء معينة، خاصة في ما يتعلق بالعناصر التي شاركت في الانتفاضة الثانية.
ومع ذلك، ووفقا لمصادر فلسطينية تحدثت إلى “القناة 12″، فإن حماس تعتزم طرح مطلب جديد على طاولة المفاوضات، وهو تحديد مدة الإفراج بناء على مدة السجن وليس على خطورة الجرم، وهذا يعني أن السجين الأكبر سنا سيتم الإفراج عنه أسرع، بغض النظر عن التهم الموجهة إليه.
ووفقا لـ”القناة 12″ إذا قُبل هذا المطلب، فسيكون خطوة كبيرة ستؤدي إلى إطلاق سراح بعض ممن أسمتهم الصحيفة “أعتى العناصر وأكثرهم وحشية بمن فيهم مروان البرغوثي، وإبراهيم حمد، وعبدالله البرغوثي، وأحمد سعدات، وحسن سلامة، وعباس السيد، المسؤول عن هجوم فندق بارك في نتانيا.”
وقالت المصادر إن حركة حماس ستطالب برفع التحفظ الإسرائيلي عن هذه القائمة، مشيرة إلى أن هذه الفرصة الوحيدة الباقية لإطلاق سراحهم.
وحسب القناة العبرية، لم تقرر تل أبيب بعد كيفية الرد على هذا المطلب، ولكن من الواضح أن هذا البند أحد البنود إثارة للجدل في المفاوضات، مشيرة إلى أنه بند قد يعيق التقدم بل ويشعل جدلا شعبيا وسياسيا حادا داخل إسرائيل نفسها.
◄ المفاوضات، التي يشارك فيها الوسطاء الثلاثة، تأتي عشية الذكرى الثانية للهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل
ومن المتوقع أن تطالب حركة حماس بربط المرحلة الأولى من الصفقة بالمراحل التالية التي تتناول الحكم والأمن وتسليم السلاح، والمعابر وإعادة الإعمار وغيرها بما يضمن تواصل وقف إطلاق النار أثناء هذه المفاوضات التي قد تستغرق فترة طويلة من الزمن، ويتوقع أن ترفض إسرائيل هذا الربط.
وأكد مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات لوكالة فرانس برس، مساء الاثنين أن حماس تتوقع مباحثات “صعبة ومعقدة،” فيما ذكر مسؤول فلسطيني آخر أن هذه الجولة التفاوضية قد تستمر أياما عدة.
ودعا ترامب المعنيين الأحد إلى “التقدم بسرعة” مشيرا إلى “مباحثات أولى إيجابية جدا.. خلال عطلة نهاية الأسبوع مع حماس،” بعدما أرسل إلى مصر مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر، للإشراف على المفاوضات.
وحذر ترامب الذي قال إنه يريد إنجاز المرحلة الأولى المتمثلة بالإفراج عن كل الرهائن اعتبارا من الأسبوع الحالي، حماس بأنه “لن يتهاون مع أيّ تأخير” في تطبيق الخطة.
ويأتي استئناف المفاوضات بعد أشهر من الجهود غير المثمرة من جانب الولايات المتحدة وقطر ومصر.
ورغم دعوات ترامب إلى وقف “فوري للقصف” واصل الجيش الإسرائيلي ضرباته على غزة. وكان رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير أكد الأحد أن الجيش أجرى “تغييرا” في عملياته لم يبلغ حد وقف إطلاق النار، وتوعد بـ”العودة إلى القتال” في حال فشلت المباحثات بشأن الرهائن.
اقرأ أيضا:
• ضغوط اليمين الإسرائيلي تهدد بإجهاض خطة ترامب لإنهاء حرب غزة