غموض يلف مصير انتخابات مجلس الشعب السوري

السلطة الانتقالية في سوريا تحرص على إجراء الانتخابات التشريعية  في آجالها.
الثلاثاء 2025/09/16
مشاورات كثيرة تحتاج إلى دراسة دقيقة

دمشق - يلف الغموض مصير انتخابات مجلس الشعب السوري، في ظل عدم تمكن اللجنة العليا للاستحقاق من إنهاء الترتيبات اللوجستية اللازمة، إلى جانب عدم الحسم في مسألة الترشحات.

 ورجح المتحدث باسم لجنة الانتخابات نوار نجمة في تصريحات صحفية تأجيل الموعد المقرر بين الخامس عشر والعشرين من سبتمبر الجاري لإجراء الاستحقاق الانتخابي.

وقال نجمة إنه تم في البداية تحديد موعد مبدئي للانتخابات، لكن بعد فتح باب الترشح ونتيجة للطلبات والإقبال الكبير للمواطنين على الترشح في عضوية الهيئات الناخبة، تراكمت طلبات كثيرة تحتاج إلى دراسة دقيقة من أجل تعيين أعضاء الهيئات الانتخابية في المناطق التي سيجرى فيها الاستحقاق.

وأنهت اللجان الفرعية في المحافظات قبل أيام أعمالها المتعلقة باستقبال طلبات الترشح لعضوية الهيئات الناخبة.

حرص السلطة لا يقابل بالحماسة ذاتها من قبل مكونات سياسية ومجتمعية وحقوقية سورية تعترض على النظام الانتخابي

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع أصدر في أغسطس الماضي مرسوما صادق فيه على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب (البرلمان)، يقضي بأن يكون عدد أعضائه 210 أعضاء، يُعين ثلثهم من قبل رئيس البلاد، في حين تُعين اللجنة الثلثين، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”.

وينص المرسوم رقم 143 لعام 2025 على أن تُوزع مقاعد المحافظة بحسب الكثافة السكانية فيها، بحيث يكون للدائرة الانتخابية مقعد واحد، أو أكثر.

ووفقا لرئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد، فإنه سيتم تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 62 دائرة.

وتحرص السلطة الانتقالية في سوريا على إجراء الانتخابات التشريعية للإيحاء بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، وأن هناك حرصا على استئناف عمل مؤسسات الدولة، وأنه ليست هناك نية لاحتكار مؤسسة الرئاسة لجميع السلطات.

لكن هذا الحرص لا يقابل بالحماسة ذاتها من قبل مكونات سياسية ومجتمعية وحقوقية سورية تعترض على النظام الانتخابي الذي سيجرى على أساسه الاستحقاق.

وهناك اعتقاد سائد بأن السلطة الانتقالية تسعى من خلال الاستحقاق لتعزيز شرعيتها، من دون الاهتمام بتحقيق التوافق المطلوب لتجاوز المرحلة الانتقالية الحالية.

وفقا لرئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب محمد طه الأحمد، فإنه سيتم تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 62 دائرة

وقالت منظمات حقوقية سورية، الاثنين، إن صعوبة تنظيم انتخابات عامة مباشرة في المرحلة الراهنة في ظل هشاشة الوضع السوري وتعقيدات المشهد السياسي والاجتماعي وتهجير الملايين من السوريين، “لا تبرر تمرير نظام انتخابي مؤقت يقوض مبادئ التعددية والتمثيل الديمقراطي”.

وأصدرت 14 منظمة حقوقية، بينها سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والمركز السوري للعدالة والمساءلة، ومنظمة بيل – الأمواج المدنية، ورابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا،  ورقة مشتركة تضمنت جملة من المطالب والتوصيات من بينها إلغاء دور الرئيس في تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب “لما يشكله من خرق لمبدأ فصل السلطات وإضعاف للتمثيل الشعبي الحقيقي”.

ودعت المنظمات إلى إعادة تشكيل الهيئات الناخبة بالتشاور مع المجتمع المدني السوري وكافة التيارات والقوى السياسية الفاعلة في مختلف مناطق سوريا، لضمان تمثيل عادل وشامل لكل المواطنين والمواطنات.

وتضمنت التوصيات “إلغاء القيود والعبارات الفضفاضة في شروط الترشح، كما وردت في المرسوم 143، والاكتفاء بشروط واضحة وموضوعية مثل السن، والأهلية القانونية، والسجل الجنائي الصريح”.

ودعت إلى ضمان تمثيل فعلي وإلزامي للفئات المهمشة، بما فيها النساء، والمهجرون، وذوو الإعاقة، والناجون والناجيات من الاعتقال، وذلك من خلال نصوص قانونية واضحة وملزمة، لا مجرد عبارات إرشادية.

وطالبت الورقة المشتركة بإنشاء هيئة مستقلة فعليا عن السلطة التنفيذية للإشراف على العملية الانتخابية، تتمتع بصلاحيات واضحة، مع إشراف قضائي محايد ومتعدد الدرجات.

كما شددت على ضمان حرية الدعاية الانتخابية بما يكفل الحق في تداول البرامج السياسية بحرية، وتمكين الناخبين من اتخاذ قراراتهم على أساس معرفي وسياسي ناضج.

وتشدد توصيات المنظمات الموقعة على هذه الورقة والتي أوردها موقع “نورث برس” على أهمية “تكريس المراقبة المحلية والدولية كحق قانوني وليس خيارا بيد اللجنة العليا للانتخابات، بما يعزز من الشفافية والثقة في العملية الانتخابية”.

بالإضافة إلى إلغاء المادة التي تُضاعف العقوبات على الجرائم الانتخابية، والالتزام بالقوانين السورية النافذة، لاسيما قانون العقوبات السوري، مع اعتماد تعريفات دقيقة للجرائم الانتخابية تضمن عدم استخدامها كأداة لقمع الحريات.

وتؤكد المنظمات على ضرورة “مواءمة النظام الانتخابي مع المعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها سوريا، والتي أصبحت جزءا لا يتجزأ من الإعلان الدستوري، بما يضمن حق جميع المواطنين والمواطنات في المشاركة السياسية، والاقتراع العام والمتكافئ في انتخابات حرة ونزيهة”.

ويشكك نشطاء حقوقيون في أن تلقى التوصيات صدى لدى السلطة الانتقالية التي سبق وأن فرضت دستورا مؤقتا، رغم اعترضات الكثير من المكونات عليه.

2