غاز الجافورة يعمق الشراكات الإستراتيجية بين السعودية والصين
الرياض - تُظهر مشاركة البنوك الصينية في تمويل أكثر من ثُلث تكاليف مشروع الجافورة السعودي للغاز الطبيعي غير التقليدي عمق الشراكة الاقتصادية بين الرياض وبكين، ودور التمويل الدولي في دعم المشاريع الإستراتيجية بالبلد الخليجي.
ويعكس هذا التوجّه ثقة المؤسسات المالية العالمية بجدوى المشروع، الذي يُعد من أكبر مشاريع الغاز على مستوى المنطقة، كما يندرج ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتعزيز أمن الطاقة وتنويع مصادر الدخل.
وأفادت ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز الخميس بأن أكبر البنوك الحكومية الصينية تُقرض مليارات الدولارات للمشروع التابع لشركة أرامكو، على الرغم من أن صناديقها المالية قد فوتت فرصة الاستثمار فيه.
وصرح مصدران بأن البنوك الصينية قدمت أكثر من ثلث التمويل، الذي يُحتمل أن يكون أكبر مشروع للغاز الصخري خارج الولايات المتحدة.
قروض البنوك الصينية
- 1 مليار دولار تمويل من بنك الصين والبنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك الإنشاءات الصيني
- 750 مليون دولار تمويل من البنك الزراعي الصيني
وقدم كل من بنك الصين والبنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك الإنشاءات الصيني قروضًا بنحو مليار دولار، بينما قدم البنك الزراعي الصيني حوالي 750 مليون دولار.
ووقّعت أرامكو في أغسطس الماضي اتفاقية إيجار وإعادة استئجار بقيمة 11 مليار دولار لمرافق المعالجة مع تحالف تقوده شركة غلوبال إنفراستراكتشر بارتنرز، وهي جزء من شركة بلاك روك الأميركية، أكبر مستثمر في العالم.
ولم تشارك الصناديق الصينية، التي مُنح بعضها فرصة المشاركة في جولة تمويل رأس المال لمشروع الجافورة، وفقًا لمصدرين أشارا إلى التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ويتناقض غياب الصناديق الصينية مع صفقة أرامكو لعام 2022، عندما انضم صندوق طريق الحرير الصيني وشركة تشاينا ميرشانتس كابيتال إلى بلاك روك وكيبل في مشروع خط أنابيب.
ويُظهر ذلك كيف يُشكل تدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين عملية إبرام الصفقات في منطقة الخليج.
ويُعد مشروع الجافورة محوريًا لطموحات السعودية في أن تصبح لاعبًا عالميًا رئيسيًا في مجال الغاز الطبيعي، وتعزيز طاقتها الإنتاجية من الغاز بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2021.
ويعتبر الحقل الواقع بمدينة الأحساء في المنطقة الشرقية أكبر حقل غاز غير مصاحب للنفط خارج الولايات المتحدة، وتقدر الاحتياطيات الخاصة به بنحو 229 تريليون قدم مكعب من الغاز الخام.
وأطلقت أرامكو في نوفمبر 2023 أعمال تطويره، حيث يُتوقع أن يضع المشروع البلد على خارطة صناعة الغاز، والمنافسة على الحصص العالمية مع بدء عمليات الإنتاج باعتباره أحد أكبر مكامن الغاز الصخري في العالم.
وبموجب شروط الصفقة، ستؤجر شركة جافورة ميدستريم غاز أصول المعالجة لأرامكو لمدة 20 عامًا، حيث تحتفظ أرامكو بنسبة 51 في المئة، بينما تحتفظ المجموعة التي تقودها جي.آي.بي بنسبة 49 في المئة.
وكانت جي.آي.بي التابعة لبلاك روك هي الداعم الرئيسي لمجموعة جافورة للأسهم، وانضم إليها مستثمرون من بينهم صندوق مبادلة للاستثمار السيادي في أبوظبي، وشركة لونيت الاستثمارية في أبوظبي، وفقًا لأربعة مصادر مطلعة على الصفقة.
الحقل الواقع بمدينة الأحساء في المنطقة الشرقية الأكبر خارج الولايات المتحدة، وتقدر احتياطياته بنحو 229 تريليون قدم مكعب
ورفضت أرامكو وبلاك روك ومبادلة ولونيت التعليق. ولم تستجب الحكومتان الأميركية والصينية لطلب التعليق. كما لم يستجب بنك الصين، والبنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك التعمير الصيني، والبنك الزراعي الصيني لطلب التعليق.
وأفادت صحيفة فاينانشال تايمز في أبريل بأن بكين وجهت صناديق الدولة لتجنب التعامل مع شركات رأس المال الخاص الأميركية، وحتى مع مديري الصناديق غير الأميركيين ذوي التعرض الأميركي.
وكانت خطة شركة سي.كي هاتشيسون، ومقرها هونغ كونغ، البالغة قيمتها 22.8 مليار دولار لبيع 43 ميناءً، بما في ذلك ميناءان في قناة بنما، إلى تحالف بلاك روك – أم.أس.سي في وقت سابق من هذا العام، قد أثارت انتقادات حادة من بكين.
وفي يوليو صرحت مصادر ومحللون لرويترز بأن هاتشيسون تجري، تحت ضغط صيني، محادثات لإضافة شركة الشحن العملاقة كوسكو إلى الصفقة، حتى في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحد من مشاركة الصين في القناة.
وساهمت الصين، أكبر مشترٍ للنفط السعودي، في تقريب الرياض من إيران عام 2023 بعد سنوات من العداء الذي أجج الصراعات في المنطقة.
وقد أحدث دور بكين في هذا الاختراق زعزعة في ديناميكيات منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت الولايات المتحدة لعقود صانعة الصفقات الرئيسية.