ضغوط إقليمية لإعادة الفرقاء السودانيين إلى منبر جدة
الخرطوم - كشفت أوساط سياسية سودانية عن تحركات تجري خلف الكواليس لإعادة تفعيل منبر جدة، مشيرة إلى أن مبادرة الرباعية الدولية بشأن هدنة إنسانية ستكون مرتكزا للمفاوضات بين طرفي الصراع.
ويشهد السودان حالة من الاستعصاء الميداني منذ فترة، وهذا يعود إلى الإرهاق الذي أصاب طرفي القتال أي الجيش وقوات الدعم السريع، رغم محاولات الأخيرة تحقيق اختراق في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
وعرضت الرباعية الدولية التي تضم كلا من الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر الشهر الماضي مبادرة تقضي بهدنة إنسانية في السودان لمدة ستة أشهر على أن تعقبها مفاوضات بين القوى السودانية للتوصل إلى تسوية سياسية.
وأثارت تلك المبادرة تحفظات واسعة لدى معسكر الجيش، لاسيما وأنها حمّلت الحركة الإسلامية مسؤولية الصراع الدائر، ودعت إلى عدم إشراك الحركة في أي دور مستقبلي.
وتقول الأوساط السياسية إن هناك تحركات إقليمية لإقناع الجيش بضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع قوات الدعم السريع ضمن منبر جدة، والتوصل إلى حل وسط بشأن المبادرة الإنسانية المعروضة.
ولفتت الأوساط إلى أن جزءا من أجندة زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الأربعاء إلى بورتسودان حيث التقى بقائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان ورئيس الحكومة كامل إدريس، هو البحث في الجهود الجارية لحلحلة الأزمة السودانية.
وتدعم مصر الجيش السوداني، لكنها تفضل الاحتكام إلى الحلول الدبلوماسية لحل النزاع في الدولة الجارة، حيث تخشى من أن يؤدي استمراره إلى تداعيات ستؤثر عليها مستقبلا.
وقال عبدالعاطي خلال استقباله من طرف إدريس، مساء الأربعاء، إن بلاده حريصة على الانخراط بصورة فاعلة في الجهود الهادفة إلى وقف إطلاق النار في السودان وتحقيق هدنة إنسانية، ووضع حد لمعاناة الشعب السوداني.
وشدد وزير الخارجية المصري على تضامن القاهرة الكامل مع السودان ودعم سيادته ووحدة وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية، وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية.
وليس من الواضح بعدُ مدى استجابة طرفي الصراع للتفاوض، لكن الأوساط السياسية ترى أن الطرفين لا يملكان خيارا، مع اتضاح صعوبة الرهان على الحسم العسكري.
وانطلقت أولى جولات منبر جدة في السادس من مايو 2023 برعاية سعودية وأميركية مشتركة. وشهد المنبر قبل توقف أعماله في نوفمبر 2023، الاتفاق على هدنة إنسانية لكن لم يجر الالتزام بها.
جزء من أجندة زيارة وزير الخارجية المصري هو البحث في الجهود الجارية لحلحلة الأزمة السودانية
وقال رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي والقيادي في تحالف القوى الديمقراطية المدنية “صمود” بابكر فيصل إن “كل المعطيات والدلائل تشير إلى أن عودة الجيش وقوات الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات في جدة من أجل الاتفاق على الهدنة الإنسانية باتت وشيكة”، داعيا إلى “تغليب خيار السلام والحياة على خيار استمرار الدمار والموت”.
وأضاف فيصل في تصريحات صحفية أن “اتفاق الهدنة الإنسانية سيمهد الطريق أمام الوقف الدائم لإطلاق النار وانطلاق العملية السياسية التي تقودها القوى المدنية من أجل استئناف الانتقال ووضع البلاد في طريق التحول الديمقراطي الذي يرسّخ الاستقرار والسلام والتنمية”.
وحذر رئيس المكتب التنفيذي من أن “التحدي الأكبر أمام القوى المدنية في هذا التوقيت يتمثل في كيفية خلق أكبر جبهة تستطيع أن تتحمل مسؤوليتها في هذا المنعطف الأخطر في تاريخ البلاد”، مؤكدا أن “أي نجاح للعملية السياسية مشروط بامتلاك القوى المدنية لها بالكامل وتحديد أجندتها وقضاياها والأطراف المشاركة فيها”.
وأكد فيصل على “عدم وجود مجال لعودة الشراكة المدنية – العسكرية مرة أخرى”، موضحا أن “الأولوية القصوى في المرحلة القادمة هي بناء الجيش القومي المهني الواحد الذي يحتكر السلاح ويُحرس النظام المدني ويُحمِي البلاد وفقا للمهام التي يحددها الدستور”.
وحذّر القيادي في تحالف صمود من “أن الحركة الكيزانية الفاشية لن تقف مكتوفة الأيدي وستسعى بكل الوسائل لمنع أي مسعى لوقف الحرب”، داعيا إلى “توحيد كافة الجهود لعزلها وإفشال مخططها الذي لن تكون نتيجته سوى استمرار الموت والدمار وتفتيت السودان”.
وخلال كلمته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان على حرص المملكة على استقرار السودان ووحدة وسلامة أراضيه، مشددا على أهمية استمرار الحوار عبر منبر جدة.
وأكد بن فرحان على رفض بلاده لأي خطوات خارج إطار مؤسسات الدولة التي قد تمس وحدة السودان ولا تعبّر عن إرادة شعبه.