شراكة عمانية لتكثيف عمليات إنتاج النحاس وتوطينها
مسقط- وضعت سلطنة عمان قدما أخرى في طريق تنمية صناعة المعادن من خلال إبرام شراكة جديدة تهدف إلى تكثيف عمليات إنتاج النحاس وتوطينها بما يخدم أهدافها المتعلقة بالتنويع أسوة بباقي دول الخليج.
ووقّعت شركة التكنولوجيا الخضراء للتعدين والخدمات وشركة نحاس عُمان مذكرة تفاهم لدراسة توطين مشتريات كاثود النحاس في خطوة جديدة ضمن جهود وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لتعزيز المحتوى المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وتهدف المذكرة إلى زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي من كاثود النحاس وتخفيض حجم الواردات منه، بما ينعكس إيجابًا على الميزان التجاري لسلطنة عُمان ويعزز من استدامة القطاع الصناعي.
67.7
مليون طن إجمالي الإنتاج من الخامات المعدنية في البلاد بنهاية العام الماضي
وأكد صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة أن المذكرة تأتي في إطار الجهود الوطنية لترجمة أهداف الإستراتيجية الصناعية 2040 التي أولت أهمية خاصة لتعزيز القيمة المحلية المضافة والارتقاء بقدرات القطاع الصناعي.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى مسن قوله إن “الوزارة ماضية في تنفيذ الإستراتيجية الصناعية 2040 التي تركز على تنويع القاعدة الاقتصادية.”
وأضاف: “نسعى إلى تعزيز دور الصناعات التحويلية في رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، وتهيئة بيئة داعمة للاستثمار الصناعي المستدام.”
وكاثود النحاس هو نوع من النحاس بدرجة نقاء 99.95 في المئة، حيث يستخدم الصهر والتكرير الكهربائي كعمليتين لإزالة الشوائب من خام هذا المعدن المستخدم بشكل شائع في الأسلاك الكهربائية.
ويمكن استخدام النحاس المكرر في السلع التي لا تتطلب درجة عالية من الموصلية، ولكن يمكن تكريره بشكل أكبر إلى كاثود النحاس عبر عملية التنقية الكهربائية.
صالح بن سعيد مسن: نولي أهمية خاصة بتعزيز القيمة المحلية المضافة
والعديد من شوائب النحاس المتبقية هي آثار لمعادن أخرى، مثل النيكل والفضة والذهب. وأثناء عملية التكرير الكهربائي، يتم جمع هذه المعادن النزرة.
وأوضح خالد القصابي مدير عام الصناعة بوزارة التجارة والصناعة أن مذكرة التفاهم تمثل امتدادًا للإنجازات التي حققتها الوزارة في النصف الأول من عام 2025.
وتطرق إلى مسألة الدفع باتجاه افتتاح مصنع شركة التكنولوجيا الخضراء بولاية صحار بطاقة إنتاجية متوقعة تبلغ 12 ألف طن سنويًا بحلول 2026. وقال إن ذلك “سيسهم في بناء منظومة متكاملة لدعم سلاسل الإمداد المحلية في الصناعات النحاسية.”
وأشار إلى أن الشراكة تترجم توجهات سلطنة عُمان نحو تمكين المصانع العُمانية، ودعم الابتكار الصناعي، وتوسيع نطاق الاعتماد على المدخلات المحلية في مختلف الصناعات.
وتظهر الأرقام الرسمية أن واردات السلطنة من الأقطاب السالبة (الكاثودات) بلغت حتى يونيو نحو 66.84 مليون دولار، مقارنة مع 117.82 مليون دولار خلال 2024، ما يعكس حجم التحدي وأهمية التوجه نحو توطين هذه المشتريات لتقليل الاعتماد على الخارج.
وأكد جوبال كريشنان الرئيس التنفيذي لشركة نحاس عُمان أن الشركة تتطلع إلى التعاون مع شركة التكنولوجيا الخضراء للتعدين والخدمات لتطوير مصدر محلي للنحاس.
ومن المتوقع أن تسهم الخطوة في تعزيز القيمة المحلية المضافة بشكل كبير، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة لتوفير فرص عمل للشباب العُماني ودعم التنمية الصناعية المستدامة في البلد الخليجي.
وقال إرنست غريسمان رئيس مجلس إدارة شركة التكنولوجيا الخضراء للتعدين والخدمات إن “هذه الشراكة تعكس التزام الشركة بدعم رؤية عُمان 2040 وتعزيز القيمة المحلية المضافة.”
وأوضح أن هذا التعاون يهدف إلى تقوية سلاسل الإمداد الوطنية، وإيجاد فرص نوعية للشباب العُماني، إلى جانب تعزيز كفاءة استخدام الموارد بما يسهم في بناء اقتصاد أكثر استدامة وتنوعًا.
ويُنتظر أن تساهم الخطوة في تقوية سلاسل القيمة لمنتجات النحاس بالسلطنة، وتعزيز الصادرات السلعية غير النفطية التي شهدت نموًا بنسبة 9 في المئة حتى نهاية يونيو 2025 بمقارنة سنوية، حيث بلغت قيمة الصادرات أكثر من 16 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
◄ يمكن استخدام النحاس المكرر في السلع التي لا تتطلب درجة عالية من الموصلية، ولكن يمكن تكريره بشكل أكبر إلى كاثود النحاس عبر عملية التنقية الكهربائية
أما الهدف الأبعد من وراء إنعاش نشاط التعدين، فهو أن يساهم القطاع في تحقيق 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030 ليكون مجالا يساهم في تعزيز العائدات على أسس مستدامة.
وبنهاية العام الماضي بلغ إجمالي الإنتاج من الخامات المعدنية في البلاد حوالي 67.7 مليون طن، وبلغت كمية المبيعات 62.5 مليون طن، بقيمة تجاوزت نحو 297.3 مليون دولار، بحسب الإحصائيات الحكومية.
وأعلنت السلطنة في مايو الماضي تأسيس شركة لتجارة المعادن بهدف تنظيم تسويق وتصدير المعادن وتعزيز القيمة المحلية المضافة من الموارد الطبيعية.
وجاءت المبادرة ضمن مسار إصلاحي شامل لمنظومة إدارة المعادن يهدف إلى تحقيق التكامل بين جوانب الاستغلال الاقتصادي والاستدامة البيئية والاجتماعية.
وسيتولى الكيان الجديد التابع لشركة تنمية معادن عُمان مسؤولية إدارة الصادرات وتوحيد العقود والمواصفات والتفاوض مع المشترين الدوليين وفق معايير مهنية، بما يرفع متوسط أسعار الخامات المُصدرة ويزيد من الإيرادات.