سوريا تكشف عن خطة لإعادة ضبط تجارة الذهب وتنظيمها
دمشق - كشفت سوريا الخميس عن خطة لتطوير نظام القطع والذهب ودعم المعادن الثمينة في البلاد وتنظيم تجارتها بهدف تحرير هذا القطاع وجعل سوقه أكثر نشاطا في المرحلة المقبلة.
وفي بلد يشهد واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، بات الذهب يشكّل أكثر من مجرد سلعة فاخرة أو أداة للزينة، إذ تحوّل إلى ملاذ آمن للسوريين الساعين لحماية مدخراتهم من الانهيار المستمر في قيمة الليرة.
ومع تنامي الاعتماد الشعبي على المعدن الأصفر كأداة ادخار واستثمار، برزت الحاجة الملحّة إلى تنظيم سوق الذهب، الذي ظل لسنوات يتأرجح بين الفوضى، وتفاوت الأسعار، وغياب الرقابة الفعلية.
وتسعى السلطات إلى فرض ضوابط أكثر صرامة على هذه التجارة، في محاولة لضبط الأسواق، ومنع التلاعب، وتعزيز الثقة في التعاملات اليومية بهذا القطاع الحيوي.
وأوضح مصرف سوريا المركزي في بيان منشور على منصته الإلكترونية أنه يعمل على إعادة النظر في نظام استيراد وتصدير الذهب بهدف تحريره.
وأشار إلى أنه سيتم تعديل القانون الصادر في عام 2023 المتضمن تنظيم حالات إدخال الذهب الخام إلى البلاد، ووضع نظام لترخيص مصاف محلية للمعدن الأصفر، وذلك بالتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية وهيئة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
ولا توجد بيانات دقيقة حول حجم سوق الذهب في البلاد. وبعد فترة من سيطرة الفصائل السورية على دمشق في ديسمبر الماضي، أفاد تقرير لرويترز نقلا عن مصادر سورية مطلعة بأن احتياطي المركزي من المعدن الأصفر يبلغ 26 طنا، وهي الكمية ذاتها منذ 2011.
وألمح المركزي إلى أن إعادة النظر في نظام استيراد وتصدير الذهب ووضع نظام لترخيص المصافي يشكلان “خطوة مهمة نحو تنظيم السوق وتعزيز موارد الدولة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والصناعة، بما يخدم مسيرة التعافي وبناء اقتصاد قوي ومستدام”.
وسيشرف المصرف بشكل مباشر على تنفيذ هذا المخطط عبر سجل إلكتروني لتتبع الذهب ونظام ترخيص خاص بالمصافي، بما يضمن الشفافية والمساءلة في جميع مراحل التوريد والإنتاج والتصدير.
وتهدف دمشق بعد أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر 2024 إلى ضمان أعلى مستويات النزاهة المالية والامتثال لمعايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما تتطلع إلى جعل سوريا مركزا لصناعة الذهب والمجوهرات وربطها بالأسواق الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط.
وإلى جانب ذلك تعزيز السمعة التقليدية لسوريا كبلد معروف بمهارة صياغة الذهب وصنع المجوهرات عالية الجودة، بجانب توفير فرص عمل في قطاع حرفي هام وتطوير الكوادر المحلية.
وخلال سنوات الحرب، شهدت سوق الذهب السورية حالة من الفوضى نتيجة التفاوت الكبير في الأسعار بين المحال، وتوسع نشاط التهريب، وتداول الذهب غير المدموغ أو غير النظامي، مما دفع السلطات إلى تكثيف جهودها لتنظيم هذا القطاع الحيوي.
ومن بين أبرز الخطوات المتخذة كان توسيع صلاحيات الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات، التي أصبحت تلعب دورا أكبر في تحديد الأسعار اليومية للذهب وفقا لسعر الأونصة العالمي وسعر صرف الدولار في السوق المحلية.
وقد ساهم ذلك في توحيد السعر بشكل نسبي بين الصاغة والحد من التباين، لكنها لم تتمكن من ضبط القطاع بسبب الانهيار الاقتصادي وتراجع سعر صرف العملة السورية إلى مستويات تاريخية.
26
طنا حجم احتياطي مصرف سوريا المركزي من المعدن الأصفر وهي الكمية ذاتها منذ عام 2011
وتعكس أسعار الذهب في السوق المحلية الواقع المضطرب في البلاد رغم وجود سلطة جديدة تحاول إصلاح الوضع وهي مدعومة إقليميا وغربيا.
ففي دمشق مثلا، سجّل غرام الذهب عيار 24 سعرا نحو 1.4 مليون ليرة (قرابة 108 دولارات)، وعيار 22 بلغ نحو 99 دولارا وعيار 21 بلغ حوالي 94 دولارا. أما غرام ذهب عيار 18 فبلغ نحو 81 دولارا.
وفي خضم هذه الخطوة الجديدة يجري المصرف المركزي إصلاحات في العديد من الجوانب التي تمس الاقتصاد لتطوير النظام المالي وتعزيز الثقة بالقطاع المصرفي المحلي.
ومن بين الإجراءات طرح عملة محلية جديدة وحذف أصفار منها، والحدّ من التدفقات النقدية الكبيرة في التداول غير الرسمي التي تُصعّب مراقبة السيولة، والعمل على إجراء تعويم مدار لسعر صرف الليرة، معتمدا على آليات العرض والطلب.
كما أسس هيئة لضمان الودائع في البلاد بهدف توفير بيئة أكثر أمانا لعودة الاستثمارات والتحويلات المالية. وبالإضافة إلى ذلك إلغاء جميع القيود المفروضة على نقل الأموال بين المحافظات.
كما يعكف المركزي على إجراء حصر ومراجعة قانونية الحسابات والأرصدة المجمدة في الخارج، بالتزامن مع دراسة كيفية إدارتها.