سلطة عباس تواجه خطر الإلغاء في ظل تصاعد التوتر بعد هجوم القدس

إنهاء دور السلطة الفلسطينية لا يمثل حلا لمشكلة الأمن الإسرائيلي.
الثلاثاء 2025/09/09
الضربة التي لم يتوقعها نتنياهو

القدس – صعّدت إسرائيل خطابها السياسي بعد الهجوم المسلح الذي استهدف محطة حافلات في القدس الاثنين وأسفر عن مقتل ستة إسرائيليين، حيث دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى تفكيك السلطة الفلسطينية، مؤكدا أن دورها يجب أن “يختفي من الخارطة”، واصفا القرى التي انطلق منها منفذو الهجوم بأنها يجب أن تُعامل مثل مدينتي رفح وبيت حانون في قطاع غزة.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه الضفة الغربية حالة توتر متصاعدة، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة إسرائيل على إدارة الوضع الأمني دون التنسيق مع السلطة الفلسطينية، والخطر المحتمل لفراغ أمني قد يفاقم من موجات العنف ويهدد استقرار المنطقة بأسرها.

ويعكس خطاب سموتريتش توجها داخل الحكومة الإسرائيلية نحو زيادة الضغط على السلطة الفلسطينية، التي يفترض أن تتحمل مسؤولية الأمن المدني في مناطق واسعة من الضفة الغربية، لكن التهميش الإسرائيلي وإطلاق أيدي المستوطنين حالا دون لعب الدور المنوط بها في اتفاق السلام.

هجوم القدس جاء نتيجة لتراجع ملموس في مستوى التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل خلال الفترة الأخيرة

ويرى مراقبون أن هجوم القدس جاء نتيجة لتراجع ملموس في مستوى التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أدى إلى ضعف في قدرة الأجهزة الأمنية على منع تحركات المسلحين ومنع تنفيذ الهجمات، وساهم في حدوث انفلات أمني واضح في الضفة الغربية والقدس.

ويؤكد هؤلاء أن إنهاء دور السلطة الفلسطينية لا يمثل حلا لمشكلة الأمن الإسرائيلي، بل على العكس، قد يزيدها تعقيدا، حيث أثبت التنسيق الأمني بين الجانبين فعاليته في الحد من الهجمات المسلحة ومنع توسع نشاط الجماعات المسلحة في الضفة الغربية.

وكثيرا ما أكد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن استمرار التنسيق مع السلطة الفلسطينية كان حتى وقت قريب حاجزا مهما أمام تفاقم العمليات المسلحة، وأن تراجعه يعرض المنطقة لمخاطر أمنية جسيمة.

ولم تصدر تصريحات رسمية موثقة من الحكومة الفلسطينية مباشرة حول هذه الدعوات، لكنّ محللين فلسطينيين أشاروا إلى أن تصعيد إسرائيل في الخطاب والسياسات تجاه السلطة قد يؤدي إلى انفجار أمني وسياسي في الضفة الغربية، مع تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي.

وشهدت العلاقة بين الجانبين تدهورا مستمرا، حيث تضغط الحكومة الإسرائيلية على السلطة عبر إجراءات مالية وسياسية، مثل تجميد تحويلات الضرائب وفرض قيود على المؤسسات الفلسطينية، وتسببت هذه السياسات في تعميق الأزمة الاقتصادية وإضعاف القدرة المؤسسية للسلطة على أداء مهامها، مما انعكس سلبًا على استقرار المنطقة.

pp

وحذرت جهات دولية، بينها أطراف أوروبية، من أن تقويض السلطة الفلسطينية قد يؤدي إلى تصعيد العنف، ودعت إلى استئناف مسار سياسي يحقق السلام والاستقرار في المنطقة.

ويصب تهميش السلطة الفلسطينية التي تعترف بإسرائيل وتسعى للتنسيق معها في صالح حركتي حماس والجهاد، وهو ما تعكسه استطلاعات رأي مختلفة فلسطينية وأجنبية، وهو أيضا ما يفسر اتساع شعبية الحركتين.

وسجل الهجوم في القدس ضمن سلسلة من الأحداث الأمنية التي شهدتها الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية، والتي ترافقت مع ارتفاع حوادث العنف وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، يخشى مراقبون من أن يؤدي تفكيك السلطة أو إنهاء دورها إلى المزيد من العنف والفوضى التي لن تخدم أمن أي من الأطراف.

ولم تقتصر نبرة التصعيد على سموتريتش، بل شملت مسؤولين ووزراء آخرين، حيث توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الاثنين، بـ”عواقب وخيمة وبعيدة المدى” لعملية إطلاق النار في القدس والتي أدت إلى مقتل 6 إسرائيليين، وإصابة 30 آخرين.

وقال كاتس في بيان “ستكون لهذا الهجوم الشنيع عواقب وخيمة وبعيدة المدى”، في تهديد يعكس توجه الحكومة الإسرائيلية للمزيد من التصعيد ضد الفلسطينيين.

وجاءت تصريحاته بعد ساعات من الهجوم الذي نفذه فلسطينيان بمحطة حافلات بمستوطنة راموت قرب القدس، ما أدى لمقتل 6 إسرائيليين وإصابة 30 بينهم 3 بجروح خطيرة و5 متوسطة والباقي طفيفة أو نتيجة نوبات هلع.

واتهم كاتس الفلسطينيين بالمسؤولية عن الهجوم، متعهداً بتكرار العدوان الذي ينفذه ضد مخيم جنين ومناطق شمالي الضفة الغربية، وهي مناطق شهدت خلال الشهور الماضية اجتياحات واسعة أدت إلى هدم العشرات من المنازل وتشريد سكانها. وقالت القناة 14 الإسرائيلية إن منفذي الهجوم ينحدران من بلدتي قطنة والقبيبة شمال غربي القدس، فيما فرض الجيش طوقاً على المنطقة.

pp

وفي سياق متصل، أعلن الجيش أن رئيس الأركان إيال زامير اجتمع مع قادة عسكريين لتقييم الموقف، وأوعز بمواصلة “التركيز على العمليات في غزة”، بالتوازي مع تعزيز القوات في الضفة الغربية وتشديد الإجراءات الأمنية على القرى الفلسطينية المحيطة بالقدس.

ويأتي ذلك في وقت تواصل فيه إسرائيل تصعيدها المتواصل في الضفة الغربية والقدس، بالتزامن مع حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ نحو عامين، والتي خلّفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وأوضاعا إنسانية كارثية.

وبموازاة حرب الإبادة على غزة، قتل الجيش والمستوطنون الإسرائيليون بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1018 فلسطينيا، وأصابوا نحو 7 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 19 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

 

اقرأ أيضا:

        • 3 سيناريوهات للتصعيد بين إسرائيل ومصر بشأن غزة

1