زيارة روبيو للقدس ترسخ الدعم الأميركي لإسرائيل في غمرة التوتر الإقليمي

نتنياهو يعتبر زيارة وزير الخارجية الأميركي للقدس إشارة قوية على متانة وقوة التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
الأحد 2025/09/14
روبيو يتجاهل مشاعر المسلمين بزارة حائط البراق مع نتنياهو

القدس المحتلة – اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أن التحالف مع الولايات المتحدة "لم يكن يوماً أقوى مما هو عليه اليوم"، وذلك خلال زيارة لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى الحائط الغربي (حائد المبكى عند اليهود وحائط البراق عند المسلمين) في القدس الشرقية المحتلة، في محطة وُصفت بأنها تحمل رمزية سياسية ودينية لافتة.

وفي مشهد مشترك أمام عدسات الصحافة، أدى نتنياهو وروبيو، إلى جانب السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، صلاة صامتة عند الحائط الغربي، حيث اعتمر الثلاثة القلنسوة اليهودية ولامسوا حجارة الحائط، في خطوة مثيرة للجدل على خلفية مكانة الموقع الحساسة بالنسبة للمسلمين واليهود على حد سواء.

وقال نتنياهو للصحافيين عقب الزيارة "إنه تحالف قوي وصلب مثل حجارة حائط المبكى التي لمسناها للتو. لم يكن يوماً أقوى مما هو عليه الآن، ونحن نثمّن ذلك بشدة"، واصفا الوزير الأميركي بـ"الصديق الاستثنائي لإسرائيل" ومؤكداً أن وجوده في القدس إلى جانبه يجسد قوة العلاقات الثنائية في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي سبق أن اتخذ خطوات غير مسبوقة لتعزيز موقع إسرائيل، أبرزها نقل السفارة الأميركية إلى القدس عام 2018.

رمزية الموقع ورسائل السياسة

وزيارة روبيو للحائط الغربي، تعد الأولى لمسؤول أميركي رفيع بهذا المستوى منذ زيارة وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو عام 2019. وقد أثارت الخطوة تساؤلات جديدة بشأن موقف واشنطن من وضع القدس الشرقية، خصوصاً أن الإدارات الأميركية السابقة حرصت على قدر من الحياد تجاه المدينة التي تضم المسجد الأقصى، أحد أهم مقدسات المسلمين.

ولم يسمح لزوجات نتنياهو وروبيو وهاكابي بمرافقة أزواجهن خلال الصلاة بسبب الفصل المفروض بين الرجال والنساء في ساحة الحائط، غير أن الصور التي نُشرت للجولة تحت الأرض، حيث عاينوا بقايا الهيكل الثاني المدمر على يد الرومان عام 70 للميلاد، حملت دلالة إضافية على الطابع الرمزي للزيارة.

قلق أميركي رغم الدعم

وتأتي زيارة روبيو بعد أقل من أسبوع على الغارات الإسرائيلية في قطر، التي استهدفت وفداً قيادياً من حركة حماس، وأسفرت عن سقوط ضحايا بينهم عنصر من قوات الأمن القطرية.

ورغم إعراب كل من ترامب وروبيو عن قلقهما من تداعيات تلك الضربة على شريك أساسي للولايات المتحدة في المنطقة، فإن الوزير الأميركي شدد على أن "ذلك لن يزعزع متانة العلاقات بين واشنطن وتل أبيب".

وأضاف روبيو، قبل مغادرته الولايات المتحدة، أن زيارته للحائط الغربي "ذات بعد شخصي وديني" أكثر من كونها خطوة سياسية، واصفاً المكان بأنه "أحد أهم المواقع الأثرية في العالم".

انتقادات فلسطينية وعربية

وأثارت الزيارة ردود فعل غاضبة في الأوساط الفلسطينية التي رأت فيها "انحيازاً صارخاً" لإسرائيل وتجاهلاً لوضع القدس المحتلة. واعتبرت حركة فتح أن مرافقة وزير الخارجية الأميركي لنتنياهو عند الحائط الغربي "شرعنة لسياسة الاحتلال"، فيما شددت حركة حماس على أن واشنطن "تواصل توفير الغطاء السياسي والعسكري للعدوان الإسرائيلي على غزة والدوحة".

وعلى الصعيد العربي، انتقدت شخصيات سياسية وإعلامية الخطوة، معتبرة أن التوقيت يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي في ظل الغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطر وتصاعد التوتر في الخليج.

وفي المقابل، اكتفت جامعة الدول العربية بالتأكيد على أن "القدس الشرقية أرض محتلة وفق القانون الدولي"، في موقف يعكس تمسكها بالثوابت العربية دون الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن.

اختلاف في النهج

ويأتي ذلك في وقت يبرز فيه اختلاف بين أسلوب روبيو وسلفه، وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، الذي زار إسرائيل مراراً بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 لكنه تجنب التوجه إلى الحائط الغربي، مفضلاً البقاء في تل أبيب ذات الطابع الأكثر علمانية.

وبينما يؤكد نتنياهو أن العلاقات مع الولايات المتحدة تشهد "أوج قوتها"، يرى مراقبون أن تزامن الزيارة مع تصاعد التوتر الإقليمي، خاصة بعد الغارات على الدوحة، يضفي عليها بعداً سياسياً لا يمكن فصله عن سياق التحالف الاستراتيجي الأميركي-الإسرائيلي الذي لا يزال يثير الكثير من الجدل في المنطقة.