زيادة ميزانية الدفاع في المغرب لتطوير الصناعة الدفاعية

الميزانية تشير إلى مقاربة مالية متدرجة تضمن استمرارية تمويل المشاريع الدفاعية الكبرى دون الإخلال بتوازنات المالية العامة.
الأربعاء 2025/10/22
رهان كبير على الدور الدفاعي في المنطقة

الرباط- رفع المغرب مجددا ميزانية وزارة الدفاع الوطني، بعدما نص مشروع قانون المالية لسنة 2026 على تخصيص 157 مليار درهم (ما يقارب 16 مليار دولار) لاقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية، ودعم تطوير الصناعة الدفاعية الوطنية، وهو الرقم الذي يؤشر على استمرار المنحى التصاعدي والاستدامة في الإنفاق الدفاعي دون الإخلال بالتوازنات الكبرى.

وحدد مشروع القانون في مادته 34 مبلغ النفقات المأذون بها للوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني ضمن مخصصات اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير الصناعة الدفاعية، وذلك ترجمة لحجم التحول الذي تعرفه السياسة الدفاعية للمغرب في السنوات الأخيرة، والمبنية على التحديث الشامل وتعزيز السيادة الصناعية والأمنية.

وتشير الميزانية إلى مقاربة مالية متدرجة تضمن استمرارية تمويل المشاريع الدفاعية الكبرى دون الإخلال بتوازنات المالية العامة، خصوصا تلك المرتبطة بتجهيز القوات المسلحة الملكية وتوسيع قاعدة الصناعة الدفاعية المحلية.

وتُترجم هذه النسبة زيادة صافية قدرها 23.7 مليار درهم إضافية تم رصدها ضمن حساب الالتزامات المسبقة لقطاع الدفاع، من تكلفة الصفقات الدفاعية المحتملة ودعم القدرات القتالية للقطع العسكرية وتشمل اقتناء أنظمة تسليح حديثة، وتطوير قدرات الحرب الإلكترونية، وتحسين منظومات الدفاع الجوي، إلى جانب استعداد الدولة الموردة لنقل التكنولوجيا وإشراك المملكة في عمليات التصنيع المحلي، وهو ما يعكس تصاعدا مستمرا في وتيرة الإنفاق الدفاعي الوطني.

هشام معتضد: زيادة ميزانية الدفاع تعكس استجابة للتهديدات الإقليمية المتصاعدة

وأوضح هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية، أن “الزيادة الملحوظة في ميزانية الدفاع لهذه السنة تأتي في سياق إستراتيجي طموح يهدف إلى تقليص الاعتماد على الواردات العسكرية وتعزيز السيادة الدفاعية عبر إنشاء صناعات دفاعية محلية، مع تعزيز قوة الردع العسكري وتحديث القدرات القتالية للقوات المسلحة الملكية، في ظل بيئة أمنية متقلبة إقليميا ودوليا، تسعى من خلالها الرباط إلى الحفاظ على التفوق الإستراتيجي في المنطقة ومواجهة التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية.”

وأضاف لـ”العرب” أن “زيادة ميزانية الدفاع تعكس استجابة إستراتيجية للتهديدات الإقليمية المتصاعدة، وتعزز القدرة على حماية المصالح الوطنية ودعم الاستقرار الإقليمي، حيث يشير تحليل السياق الإقليمي إلى أن المغرب يواجه تهديدات متزايدة من جهة الحدود الشرقية، وتصاعد النفوذ غير المستقر لبعض الفاعلين الإقليميين، فضلا عن التهديدات الإرهابية الناشئة في منطقة الساحل، وهو ما يعكس الرغبة في تطوير قدرات التصنيع العسكري داخل المغرب وتلبية الاحتياجات الدفاعية داخليا.”

وشدد هشام معتضد على أن “زيادة ميزانية الدفاع تأتي في إطار العلاقات الإستراتيجية التي تربط المغرب بالعديد من القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، إذ أن الاستثمار في تطوير الجيش المغربي يعزز قدرة المملكة على العمل بفاعلية مع حلفائها الدوليين، سواء في سياق التعاون الثنائي أو في إطار المنظمات الدولية مثل الناتو، كما تسهم الزيادة في تعزيز موقع المغرب كشريك إستراتيجي يمكن الاعتماد عليه في المنطقة.”

وفي مارس الماضي كشف تقرير المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، بعنوان “التوازن العسكري 2025″، عن ارتفاع ملحوظ في الإنفاق الدفاعي المغربي، إذ بلغ 4.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ما “يعكس توجها إستراتيجيا نحو تعزيز القدرات العسكرية وسط محيط إقليمي مضطرب.”

وتتماشى الزيادة في الميزانية الدفاعية مع خطط تحديث الترسانة العسكرية المغربية جوا وبرا وبحرا مع إستراتيجية دعم الصناعة الدفاعية الوطنية التي بدأ المغرب يطورها منذ سنة 2020 لتقليص تبعيته الخارجية، فالزيادة ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تأهيل القوات المسلحة الملكية لتواكب التحديات الإقليمية الجديدة وضمان الجاهزية في مواجهة أي تهديدات محتملة.

وارتفعت ميزانية الدفاع من 96.7 مليار درهم سنة 2019 إلى 115.5 مليار درهم في سنة 2022، ثم إلى 120 مليار درهم في 2023، لتصل إلى 124.7 مليار درهم في سنة 2024، ثم 133 مليار درهم في عام 2025، قبل أن تُسجّل هذه القفزة الجديدة إلى 157.171 مليار درهم في 2026 وبذلك يكون المغرب قد رفع نفقاته الدفاعية بأكثر من 60 مليار درهم طيلة هذه السنوات.

ويواصل المغرب تعزيز شراكاته الدفاعية مع دول كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا والهند والصين وإسبانيا، موازاة مع تطوير منظومة قانونية وتنظيمية جديدة لتنظيم قطاع الصناعات الدفاعية الوطنية وجذب الاستثمارات في دعم التصنيع المحلي في مجالات الطيران والصناعات البحرية والذخائر والمعدات اللوجستية.

ويركّز المغرب إستراتيجية الصناعة الدفاعية الوطنية وتطوير القدرات الذاتية في التصنيع العسكري وبناء قدرات تكنولوجية وصناعية دفاعية محلية تضمن له الاستقلالية الإستراتيجية، انسجامًا مع المرسوم الملكي القاضي بإنشاء منظومة إنتاج محلية للأسلحة والمعدات الدفاعية، وتشجيع الشراكات مع شركات غربية في مجال تكنولوجيا الدفاع والطيران.

2