رسالة دمشق من واشنطن: لن ننتظر المؤسسات الدولية لتنفيذ الإصلاحات

وزير المالية السوري يختار الخبرة والدعم المعرفي على التمويل، مؤكدا حاجة بلاده لبناء القدرات لا للقروض الدولية.
الخميس 2025/10/16
دمشق تنتقد بطء استجابة المؤسسات الدولية

واشنطن - أكّد وزير المالية السوري محمد يسر برنية الأربعاء خلال مشاركته في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن أنّ بلاده لن تنتظر المساعدة من المؤسّسات المالية الدولية لتنفيذ الإصلاحات اللازمة، على الرغم من اعترافه بأهمية دورها.

وجاءت زيارة برنية لتشكل نقطة تحول رمزية، حيث أكد جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي، أن هذه أول زيارة رسمية لممثّل للحكومة السورية إلى الصندوق منذ أكثر من 15 عاما.

وشدد برنية على أهمية دور هذه المؤسسات في دعم مسيرة بلاده، حيث قال خلال جلسة نقاش في صندوق النقد الدولي "نحن بحاجة إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فهما يلعبان دورا رئيسيا، وبدونهما يصعب علينا المضيّ قدما، لكن إذا تأخّرا كثيرا، فسنواصل العمل بدونهما ".

ويعكس هذا التصريح عزم دمشق على المضي في مسار الإصلاح الاقتصادي رغم التحديات الجيوسياسية والعقوبات، مما يضع المؤسسات الدولية أمام خيار واضح بين المشاركة أو التأخر.

ونفى الوزير السوري حاجة دمشق للمال المباشر من هذه الجهات لإطلاق عملية إعادة الإعمار، التي تظل تحديا هائلا يستدعي خبرات عالمية.

وفي مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية، قال وزير المالية السوري "لسنا بحاجة إلى أموال"، موضحا أنّ "ما نحتاج إليه هو الخبرة ونقل المعرفة والمساعدة في بناء قدراتنا".

وأكّد برنية أنّه لتحقيق ذلك، يجب أن تكون المؤسسات الدولية مستعدّة للتحرك بسرعة.

واستشهد الوزير في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية بتجربة ملموسة تثبت بطء استجابة هذه الجهات، قائلا "على سبيل المثال: كان من المفترض أن يرسل صندوق النقد الدولي بعثة استشارية ضريبية قبل ثلاثة أشهر، لكنّها تأخّرت بسبب مخاوف أمنية، وفقا للسبب المُقدّم. في نهاية المطاف أعلنوا أنّهم سيأتون الأسبوع الماضي، لكنّنا كنّا قد أنجزنا تلك المهمّة".

وأكّد برنية أنّ سوريا تبقى مع ذلك "منفتحة كثيرا على التعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية"، ولا سيما لكي تصبح جاذبة للاستثمار، المحلي والدولي على حد سواء، من خلال إعطاء أهمية أكبر للقطاع الخاص.

وكشف برنية عن الرؤية الحكومية الهادفة لترشيد القطاع العام، موضحا "هدفنا هو أن يكون لدينا قطاع عام أصغر، بميزانية أصغر، لكن هذا لا يعني أنّنا سنخصخص كل الشركات العامة. سندرس هذا الأمر على أساس كل حالة على حدة، ونقرر ما إذا كنّا سنحافظ عليها، أو ندمجها، أو نخصخصها".

ويشير هذا التوجه إلى محاولة تبني إصلاحات اقتصادية هيكلية تهدف لتقليل الهيمنة الحكومية وتعزيز كفاءة الإنفاق العام.

وأعرب برنية عن تفاؤل عميق بالمستقبل السوري رغم كل التحديات والأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية والاقتصاد.

ويستمد الوزير السوري هذا التفاؤل من عودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم، حيث قال "عندما أرى مليون سوري يعودون إلى بلادهم، يُشعرني ذلك بالأمل. وعندما يعود النازحون داخليا إلى ديارهم، فهذه أيضا علامة أمل".

 واختتم الوزير السوري تصريحاته برسم طموح كبير لمستقبل البلاد قائلا "إذا نفّذنا إصلاحاتنا بنجاح، فيُمكن لسوريا أن تُصبح بمستوى ماليزيا خلال خمس سنوات".