رحيل جوليان مكماهون بطل الشخصيات الشريرة المركبة

الممثل الراحل خلف إرثا فنيا غنيا، تميز بتنوع أدواره وقدرته على تجسيد الشخصيات المعقدة والمركبة.
الاثنين 2025/07/07
مزيج نادر من الوسامة والموهبة

باريس- توفي عن عمر 56 عاما في ولاية فلوريدا الأميركية الممثل الأسترالي جوليان مكماهون الذي عُرِف بدوريه في مسلسلي “تشارمد” Charmed و”نيب /تاك” Nip/Tuck، بعد صراع مع مرض السرطان.

وجاء في بيان لزوجته كيلي مكماهون نشره الجمعة موقع “ديدلاين” المتخصص: “أود إعلام الجمهور بأن زوجي الحبيب جوليان مكماهون توفي بسلام هذا الأسبوع بعد صراع شجاع مع السرطان”.

وكان جوليان مكماهون المولود عام 1968 في مدينة سيدني الأسترالية بدأ مسيرته المهنية كعارض أزياء قبل أن يتحول إلى التمثيل التلفزيوني، بداية في بلده الأصلي ثم في الولايات المتحدة.

◄ طوال مسيرته الفنية، أشاد الكثير من النقاد والصحافيين بقدرة مكماهون على تجسيد شخصيات معقّدة تجمع بين الجاذبية والعمق النفسي

وخلف الممثل الراحل إرثا فنيا غنيا، تميز بتنوع أدواره وقدرته على تجسيد الشخصيات المعقدة والمركبة، سواء كانت شريرة أو رومانسية أو إنسانية. كما حظي باحترام كبير من زملائه في الوسط الفني، واعتُبر واحدا من أبرز الممثلين الأستراليين الذين نجحوا في ترك بصمة واضحة في هوليوود.

ويُنظر إلى مكماهون كممثل امتلك مزيجا نادرا من الوسامة، والموهبة، والقدرة على إضفاء عمق إنساني حتى على أكثر الشخصيات تطرفا، سواء أكان يجسّد جراحا متغطرسا، أو شيطانا عاشقا، أو شريرا خارقا، فقد ترك بصمة فنية يتفق النقاد والجمهور على أنها فريدة ولا تُنسى.

وبرز الممثل ذو العينين الخضراوين والابتسامة الساحرة للمرة الأولى في أواخر تسعينات القرن العشرين عندما أدى دور الشيطان كول تيرنر في مسلسل “تشارمد” الخيالي، إلى جانب الممثلات شانين دوهرتي التي توفيت بالسرطان عن 53 عاما في يوليو 2024، وأليسا ميلانو وهولي ماري كومبس.

وأعربت أليسا ميلانو عبر حسابها على إنستغرام عن حزنها الشديد معتبرة أن “فقدانه أشبه بأمر غير حقيقي وهو مُبكر جدا، وظالم جدا. أرقد بسلام يا صديقي. سآخذ ضحكتك معي”.

كذلك برز جوليان مكماهون على الشاشة الصغيرة بدور جراح تجميل مغو للنساء وعديم الضمير في مسلسل “نيب/تاك”، الذي رُشّح عنه لجائزة غولدن غلوب عام 2005.

ويتناول “نيب/تاك” الذي ابتكره راين مورفي وعُرض من عام 2003 إلى 2010 رواج جراحة التجميل وتجاوزاتها في الولايات المتحدة، متضمنا مشاهد شديدة الواقعية من عمليات التجميل.

ونعته شركة “وارنز براذرز تيليفيجن” في منشور عبر الصفحة الرسمية لـ”نيب/تاك” على فيسبوك، مقدّمة تعازيها “لعائلته وأصدقائه وزملائه ومحبيه”.

كما قدم الفنان الراحل في مسلسل  “تشارمد”، أداءً لافتا بشخصية كول تيرنر، الشرير المأسور بالحب، وهو ما اعتبره النقاد أحد أكثر أدواره تأثيرا، فقد امتلك طريقة فريدة وموهبة مبهرة في تحويل الشر إلى شيء يمكن التعاطف معه، ما جعله من أكثر الشخصيات شعبية في المسلسل.

أما في سلسلة “فنتاستيك فور”، فقد جسّد شخصية دكتور دوم بأسلوب وصفه النقاد بالشرير الساحر، واعتُبر أحد الأشرار المميزين في عالم أفلام الأبطال الخارقين، لأنه قدّم أداءً بعيدا عن الابتذال.

كذلك خاض الممثل بعض التجارب السينمائية، أبرزها في سلسلة فيلم “ذي سيرفر” The Surfer من بطولة نيكولاس كيدج والذي عُرض للمرة الأولى في مايو 2024 في مهرجان كان السينمائي.

وقال كيدج لموقع “ديدلاين”، “إنه خبر محزن جدا. عملت ستة أسابيع مع جوليان، وكان ممثلا موهوبا جدا”.

وطوال مسيرته الفنية، أشاد الكثير من النقاد والصحافيين بقدرة مكماهون على تجسيد شخصيات معقّدة تجمع بين الجاذبية والعمق النفسي. وصفته صحيفة “ذا غارديان” البريطانية بأنه “موهبة جذابة” واعتبرته من بين الممثلين القلائل الذين استطاعوا المزج بين الإغراء والتعقيد، ما جعله مرشّحا لأداء دور جيمس بوند في وقت ما. في حين رأت صحيفة “ذا أوستراليان” أنه يتمتع بـ”حضور مغناطيسي” يعود إلى نشأته الأرستقراطية، وأشاروا إلى أن خلفيته الثقافية والسياسية منحت شخصياته بعدا خاصا، فقد كان ابنا لأسرة سياسية بارزة، إذ كان والده السير ويليام بيلي مكماهون رئيس وزراء أستراليا الخامس عشر (1971 – 1972)، ووالدته سونيا مكماهون من سيدات المجتمع الراقي.

كان الفنان الأسترالي يتمتع بوعي عميق تجاه طبيعة الشخصيات التي يختار تجسيدها، حيث صرّح في أكثر من مناسبة بأنه ينجذب إلى الأدوار “التي لا تُعجب الناس منذ البداية”، مؤكدا أن أكثر ما كان يستهويه هو اللعب على التناقضات داخل الشخصية، كأن تكون مظلمة لكنها تثير تعاطف الجمهور.

وقال في أحد تصريحاته “أنا أحب فرصة لعب شخصيات لها جوانب مظلمة، لكنها تدفع الجمهور إلى التعاطف معها والشعور بأن هناك جانبا لطيفا وخفيا بداخلها”. كما تحدّث عن أهمية التوازن النفسي للممثل أثناء التصوير قائلا “عليك أن تتعلم كيف تشغّل الشخصية عندما تحتاج، وتأخذ فترات راحة حتى تستطيع الأداء بشكل سليم”.

أما عن تجسيده للأدوار الشريرة، فقد صرّح مرة “في نهاية المطاف، من الممتع دائما أن تلعب دور الشرير”.

وبعيدا عن عالم التمثيل، كانت لمكماهون آراء جريئة في عدد من القضايا المجتمعية، وكان يبدي اهتمامه بالمسؤولية الاجتماعية، وقال في أحد تصريحاته “بعض القوانين خاطئة، ولدينا التزام بالحديث ضدها أينما وُجدت”.

14