رئيس جنوب أفريقيا السابق: فصل المغرب عن صحرائه استهداف لوحدة أفريقيا

جاكوب زوما يجدد دعمه لمقترح الحكم الذاتي للرباط.
الاثنين 2025/08/25
ثقة متجددة بالمغرب

أكد الرئيس الجنوب أفريقي السابق جاكوب زوما، في خطاب ألقاه بالعاصمة الغانية أكرا، على أن أي محاولة لفصل المغرب عن صحرائه ليست سوى هجوم مباشر على وحدة القارة الأفريقية ومجال مناسب لتدخل أجندات أجنبية تسعى لإضعاف القارة.

الرباط - بعد إعلان حزبه دعم مبادرة الحكم الذاتي، اعتبر الرئيس الجنوب أفريقي السابق جاكوب زوما خلال محاضرة ألقاها في جامعة الدراسات المهنية بالعاصمة الغانية أكرا أن محاولة فصل المغرب عن صحرائه تمثل استهدافا لوحدة أفريقيا وخدمةً لأجندات خارجية، مجددا دعمه لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء المغربية.

وأشاد زوما بموقف غانا الداعم لسيادة المغرب، معتبرا أن “أفريقيا لا يجب أن تُقسَّم لإرضاء الغرباء وأن عصر تغيير القارة لخدمة أجندات خارجية قد انتهى.” وأضاف زوما الذي كان يتحدث عن أهداف حزبه لإنقاذ جنوب أفريقيا من الوضع الكارثي الذي تعيشه تحت حكم حزب “المؤتمر الأفريقي”، على أن الأولوية لقارة أفريقيا هو “الاستقرار والتكامل،” مشيدا بدور غانا التي “وضعت نفسها في مقدمة القيادة الأفريقية،” معتبرا أن “أيام رقص أفريقيا على إيقاعات الغرباء قد ولّت، وسنقرع طبولنا بأنفسنا.”

ويأتي هذا الدعم من طرف زوما لمقترح الحكم الذاتي المغربي بعد أسبوعين من تجديد حزبه “رمح الأمة”، الذي يعد القوة الثالثة في المشهد السياسي جنوب الأفريقي، دعمه لهذا المقترح، وذلك خلال ندوة صحفية عقدها في جوهانسبورغ، في 11 أغسطس الجاري، خصصت لمناقشة مستجدات الحزب، وفي الوقت نفسه، الرد على الجدل الذي أثارته زيارة زوما إلى المغرب الشهر الماضي، والتي تزامنت مع انتقادات رسمية من الحكومة والحزب الحاكم في بريتوريا.

وزار الرئيس الجنوب أفريقي السابق ورئيس حزب “رمح الأمة”، في يوليو الماضي الرباط، حيث أكد أن زيارته تندرج في سياق “استمرارية اللقاء التاريخي” الذي جمعه مع الملك محمد السادس سنة 2017، على هامش القمة الأفريقية – الأوروبية في الكوت ديفوار، “والذي أعطى دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين،” قبل تعطيل هذا الزخم بعد مغادرة زوما للرئاسة، مشددا خلال لقائه وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة على دعمه لمبادرة الحكم الذاتي التي من شأنها أن “تمكّن من توفير حكم محلي فعّال لسكان منطقة الصحراء المغربية، مع ضمان سيادة المغرب،” على الأقاليم الجنوبية.

وأكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية خالد شيات أن “إعادة تأكيد جاكوب زوما على مغربية الصحراء يعد تتويجاً لموقف مغاير لحكومة بلاده من فاعل له وزنه السياسي والانتخابي داخل المشهد السياسي، والمنافس القوي لحزب ‘المؤتمر الوطني الأفريقي’ في الانتخابات، خاصة في ظل تراجع شعبية الحزب الحاكم نتيجة الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الضعيفة.”

خالد شيات: حزب جاكوب زوما قد يفوز في الانتخابات المقبلة
خالد شيات: حزب جاكوب زوما قد يفوز في الانتخابات المقبلة

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “موقف زوما يعاكس بشكل واقعي وموضوعي خطاب الحزب الحاكم العدائي ضد سيادة المغرب على الصحراء والعلاقات مع المملكة، وأن هناك مؤشرات قوية بإمكانية فوز حزب زوما في الانتخابات المقبلة، ما سيكون له انعكاس إيجابي على موقف جنوب أفريقيا من قضية الصحراء المغربية.”

وأضاف خال شيات أن “استمرار تأكيد حزب الرئيس الجنوب أفريقي جاكوب زوما، على سيادة المغرب على صحرائه ودعمه لمبادرة الحكم الذاتي، يعتبر تطورا طبيعياً وعادلاً في سياق تراكمي من الانتصارات السياسية والمواقف الدولية التي تُساند مبادرة الحكم الذاتي، التي طرحها الملك محمد السادس، كحل واقعي وجاد لهذا النزاع الإقليمي.”

وفي كلمة له خلال الندوة الصحفية قال ناثي نهليكو الرئيس الوطني للحزب، إن زيارة رئيس الحزب إلى الرباط كانت امتدادا للمشاورات التي بدأت عام 2017 بينه وبين العاهل المغربي الملك محمد السادس، بهدف العمل على تطبيع العلاقات بين جنوب أفريقيا والمغرب، وأن “منح سكان الصحراء حكما ذاتيا محليا كاملا في إطار سيادة الدولة المغربية، حل عملي وقابل للتطبيق لإنهاء نزاع استمر نصف قرن، وهو الموقف الذي يحظى بدعم متزايد من عدد من الدول الأفريقية، من بينها بلدان الساحل التي يعتزم زوما زيارتها قبل نهاية العام الجاري.”

وأوضح الرئيس الوطني للحزب بشأن تفاصيل زيارة زوما إلى المغرب، أن الأخير قام خلال زيارته بجولة في ميناء طنجة المتوسط، الذي وصفه بأنه “الأفضل أداء في أفريقيا،” حيث ناقش فرص تدريب وتأهيل للخرّيجين البحريين الجنوب أفريقيين العاطلين عن العمل، كما أجرى مباحثات مع مسؤولي مجموعة “رونو” للسيارات بمدينة طنجة، ركزت على إيجاد فرص تعاون لصالح خريجي الهندسة الميكانيكية في جنوب أفريقيا، كما توصل إلى اتفاق شراكة مع أكاديمية الملك محمد السادس لكرة القدم، يتيح للأكاديميات الجنوب أفريقية الاستفادة من التجربة المغربية في تكوين المواهب الرياضية وفق مناهج علمية حديثة.

وهذا الموقف يتناسب مع ما أكده زوما بأن حزبه يدافع عن “سيادة ووحدة الدول الأفريقية،” مشيراً إلى أن “هذا الموقف يجد صدى متزايداً داخل جنوب أفريقيا، خصوصاً في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات داخلية تهدد وحدة أراضيها، في إشارة إلى الحركات الانفصالية في منطقة الكاب.”

وفي رسالة واضحة للسياسة التي سينتهجها الحزب تجاه المملكة تعبيرا عن انفتاحه على الديناميكية الجديدة التي تشهدها العلاقات المغربية – الأفريقية، سيتوجه إلى المغرب، وفد جديد برئاسة نائب رئيس الحزب، الدكتور ملاي لوبي، حسب ناثي نهليكو، بهدف تعميق الشراكات على كافة المستويات واستكشاف أنظمة الحكم التقليدي المعتمدة في المملكة منها الاستفادة من نموذج الحكومة الائتلافية المستقرة في المغرب.

وفي معرض رده على بيان وزارة العلاقات الدولية والتعاون لحكومة بلده، شدد نهليكو على أن الوزارة كانت على علم كامل بزيارة زوما، وأن سفارات جنوب أفريقيا قدمت الدعم الدبلوماسي المناسب، داعيا إياها إلى التوقف عن ممارسة “البروباغندا” لصالح الحزب الحاكم، قائلا “نحن نريد أن نوضح بشكل قاطع أن سياستنا الخارجية يجب أن تخدم المصلحة الوطنية وليس الأجندات السياسية الحزبية الضيقة.”

4