دمشق تراهن على خارطة الطريق لاستتباب الوضع في السويداء رغم التحفظات الداخلية
دمشق - تراهن السلطة الانتقالية في سوريا على خارطة الطريق التي تم التوصل إليها مع كل من الولايات المتحدة والأردن لاستتباب الوضع في محافظة السويداء، رغم التحفظات الداخلية.
وقال محافظ السويداء مصطفى البكور إن العمل على تنفيذ خارطة الطريق قد يشكل مدخلا حقيقيا لاستقرار المحافظة، مشيرا إلى وجود أطراف داخل السويداء ترفض هذه الخارطة.
وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورية في السادس عشر من سبتمبر الجاري عن التوصل إلى خارطة طريق لحل الأزمة في محافظة السويداء، عقب لقاء ثلاثي جمع في دمشق وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك.
وحظيت خارطة الطريق بدعم عربي ودولي، وتضمنت تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في أحداث السويداء، والتزام الحكومة السورية بمحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات، وإعادة الخدمات الأساسية في المحافظة، مع دعم الأردن والولايات المتحدة لتأمين التمويل الدولي اللازم، وسحب المقاتلين المدنيين من الحدود الإدارية للسويداء، ونشر قوات شرطية مدرّبة، وتمكين سكان القرى المتضررة من العودة، وإعلان الحكومة خططها لإعادة بناء القرى والممتلكات المتضرّرة، وتشكيل قوة شرطية محلية تضم جميع المكونات المجتمعية في المحافظة.
وجاءت الخارطة لمعالجة مخلفات أعمال العنف الدامية التي شهدتها المحافظة ذات الغالبية الدرزية على امتداد أسبوع في يوليو الماضي بين دروز وعرب بدو، والتي تدخلت فيها القوات الحكومية وأيضا إسرائيل، وتسببت في مقتل المئات واحتجاز العشرات.
ورغم المرونة التي أبدتها السلطة السورية في الخارطة سواء في علاقة بقبولها تشكيل لجنة تحقيق دولية وليست سورية أو بالموافقة على جعل مسؤولية الأمن مهمة مشتركة مع الدروز في المحافظة، لكن اللجنة القانونية العليا التي شكلتها الرئاسة الروحية الدرزية في أعقاب المواجهات رفضت خارطة الطريق المعروضة.
واعتبرت اللجنة أن الخارطة تتضمن الكثير من التناقضات، إذ تدعو اللجنة الدولية المستقلة الخاصة بسوريا إلى التحقيق، لكنها تنص على أن المحاسبة ستتم وفق القانون السوري.
وبحسب اللجنة، فإن هذا التناقض يفرغ التحقيق الدولي من مضمونه، “إذ لا يُعقل أن يكون المتهم هو ذاته القاضي”، رافضة اعتبار الحكومة السورية طرفا محايدا يسعى إلى المصالحة.
وحذرت اللجنة مما سمّته “محاولات التفتيت الداخلي” من خلال الحديث عن مجالس محلية وقوات شرطية مشتركة، ووصفت ذلك بأنه “محاولة فرض وصاية جديدة على السويداء وزرع الفتنة بين أبنائها”.
وقال محافظ السويداء الثلاثاء إنهم “لا يعترفون باللجنة القانونية الموجودة في السويداء، ولا يتواصلون معها، ويعتبرونها غير قانونية ولا تمثل جهة رسمية”.
وأشار البكور في تصريحات لقناة “تلفزيون سوريا”، إلى أن الوضع الأمني والإداري مطمئن في المحافظة، وأن الحركة التجارية على طريق السويداء – دمشق تسير بشكل جيد، بعد تأمين الطريق من قبل وزارتي الدفاع والداخلية.
وأشار إلى دخول “أعداد كبيرة من القوافل التجارية” إلى المحافظة، وقال إن “دخول القوافل ساهم في توفير المواد الغذائية، وجعل مدينة السويداء شبه مكتفية من جميع المواد الأساسية”.
وذكر أن الجهات المعنية وجّهت تحذيرات للتجار بعدم رفع أسعار المواد الغذائية، تحت طائلة المحاسبة.
اللجنة القانونية العليا التي شكلتها الرئاسة الروحية الدرزية في أعقاب المواجهات ترفض خارطة الطريق المعروضة
ولفت محافظ السويداء إلى أن الفراغ الأمني والأحداث التي شهدتها السويداء حالا دون تمكن عدد من طلاب الشهادة الثانوية (البكالوريا) من تقديم امتحاناتهم.
وأوضح أن “الفلتان الأمني وتحكم الفصائل المسلحة في بعض مناطق المحافظة أعاقا دخول المراقبين واستلام الأسئلة الامتحانية المرسلة من وزارة التربية، وفي الوقت ذاته نبدي استعدادنا لتأمين وصول طلاب الجامعات إلى مؤسساتهم التعليمية خارج المحافظة”.
وقال “ملف الطلاب تم تحويله إلى مجلس التربية والتعليم لاتخاذ القرار المناسب بشأنهم”.
وفي تنفيذ لبنود خارطة الطريق، أعلن مدير الأمن في مدينة السويداء سليمان عبدالباقي الاثنين عن إفراج وزارة الداخلية عن 24 شخصا من أبناء السويداء.
وبحسب عبدالباقي، جرى تأمين المحتجزين وإعادتهم إلى ذويهم عبر معبر المتونة في ريف السويداء الشمالي، بعد اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم.