دعوات لتوفر المؤهل الدراسي للمنتخبين بالبرلمان والمجالس المحلية في المغرب
الرباط – دعا مركز المؤشر للدراسات والأبحاث في المغرب، إلى توفر شهادة البكالوريا كحد أدنى مطلوب للترشح لمجلس النواب بما يتلاءم مع طبيعة المهام التشريعية والرقابية المعقدة، وفرض الشهادة ذاتها كحد أدنى للترشح لمجالس الجهات على اعتبار أن هذه المؤسسات تضطلع بمهام إستراتيجية في مجال التنمية الجهوية وتحتاج إلى حد أدنى من التأهيل.
ويتضمن الإطار القانوني تحديد الشهادة الابتدائية كشرط أدنى للترشح لمجالس الجماعات والعمالات، وذلك لتجاوز عجز النخب السياسية عن تجديد نفسها، وقصور الأحزاب في إنتاج قيادات مؤهلة قادرة على تجسيد تطلعات المواطنين.
وفي إطار استعداد الأحزاب لتقديم مقترحاتها لإصلاح القوانين الانتخابية الخاصة بالاستحقاقات المقبلة، نبّه المركز إلى أن النظام الحزبي، في ممارسته الواقعية، ما زال رهينا لمنطق الأعيان والوجوه الانتخابية المرتبطة بالنفوذ المالي والاجتماعي دون مؤهل علمي، وهو ما أضعف منسوب الثقة في المؤسسات المنتخبة وأفرغ الفعل السياسي من مضمونه التمثيلي والرقابي، معتبرا فرض خضوع المترشحين لدورات تكوينية إجبارية في مجال القوانين التنظيمية، وأدوار المؤسسات التمثيلية، وأخلاقيات الممارسة السياسية، تنظمها وزارة الداخلية، على أن تكون شرطا مسبقا للترشح، وإدماج شرط السيرة السياسية والسلوكية.
وفي سعيها إلى جانب الهيئات المدنية والسياسية لتقوية أداء المؤسسات التمثيلية على الصعيدين المحلي والوطني، تَعتبر فيدرالية اليسار الديمقراطي أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تحتاج إلى رؤية إصلاحية شاملة من أجل إحداث تغيير حقيقي في المنظومة الانتخابية والسياسية بالمغرب، مؤكدة على ضرورة تحديث اللوائح الانتخابية، وأخلقة العملية وآلياتها، إضافة إلى تدابير تحفيز المواطنين على المشاركة، وتقوية الحضور النسائي والشبابي وذوي الاحتياجات الخاصة في البرلمان، مع اعتماد شهادة البكالوريا كشرط ضروري للترشح للانتخابات التشريعية، الخاصة بعضوية مجلس النواب، بهدف تجويد الأداء التشريعي للبرلمان المغربي.
وفي السياق ذاته، دعا التقرير إلى “فرض كتلة إلزامية داخل الأحزاب السياسية بنسبة 20 في المئة من وكلاء اللوائح البرلمانية من فئة الشباب أقل من 35 سنة، شريطة توفرهم على شهادة الماجستير أو ما يعادلها، وذلك لإعادة ضخ دماء جديدة وإحداث قطيعة مع الاحتكار التقليدي للوجوه الانتخابية.”
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري على “توفر الحد الأدنى من التعليم كضرورة لانتخاب نخب أكثر كفاءة وجدّية، مع القطع مع المنظومة الحزبية الحالية التي حولت نظام الكتلة إلى ريع عوض أن تكون طريقا لتحقيق المساواة تستوجب أعمال الديمقراطية والمحاصصة، وتحولت من آلية ديمقراطية من أجل مشاركة سياسية أكبر للنساء والشباب في تسيير الشأن المحلي والوطني إلى أداة للتحكم والإقصاء والمتاجرة، قد تصل إلى حد الابتزاز.”
وشدد لـ”العرب”، على “ضرورة التأسيس لمنظومة انتخابات نزيهة وشفافة كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، وذلك لكون الخلل لا يتعلق بالديمقراطية التمثيلية، كما يحاول البعض التبرير به؛ بل ببنية حزبية باتت تفاوض لكبح وقتل النقاشات من خلال ريع المناصب وشراء المواقف والعمل بمبدأ العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة،” مشيرا إلى أن “الثابت في المنظومة الحزبية أن الديمقراطية صارت تُشترى من خلال الوعود التي يعطيها قادة الأحزاب وكذلك تقديم الحصانة السياسية للمفسدين.”
ونظرا لأهمية الاستحقاقات الانتخابية 2026، أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة عيد العرش نهاية يوليو الماضي، على “ضرورة توفير المنظومة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية”، قائلا: “أعطينا توجيهاتنا السامية لوزير الداخلية من أجل الإعداد الجيد للانتخابات التشريعية المقبلة، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين.”
وتسارع مختلف الأحزاب الممثلة في البرلمان وتيرة مشاوراتها الداخلية من أجل بلورة رؤية موحدة بخصوص التعديلات التي تراها مناسبة لتعزيز الحضور الانتخابي لأحزابها، خاصة على مستوى الأقاليم، استعدادا للإعداد النهائي لمقترحاتها المرتبطة بمدونة الانتخابات، في أفق إحالتها على وزارة الداخلية قبل مرحلة النقاش الرسمي.
أخلقة العملية الانتخابية وتحفيز المشاركة السياسية، مع إشراك المجتمع المدني في صناعة القرار والمشاركة في مراقبة الانتخابات ورصد الخروقات
وأكد رضوان اعميمي، أستاذ جامعي للقانون الإداري، في تصريح لـ”العرب”، أن “التوجيه الملكي بشأن منظومة الانتخابات، ينطلق من الحرص الملكي على الاستقرار السياسي والمؤسساتي، وتعبيرا عن الأهمية الواضحة التي يوليها العاهل المغربي للمنظومة التشريعية ذات الصلة بالمسار الديمقراطي للمغرب، وإشارة مباشرة لها ولكافة الفاعلين السياسيين إلى ضرورة الانخراط المبكر في عملية التفكير، بما يضمن بلورة القوانين والنصوص التنظيمية للمنظومة الانتخابية، فضلا عن تفادي مختلف التوترات التي تتعاظم كلما اقتربت الانتخابات.”
ودعا حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في بيان له، إلى أخلقة العملية الانتخابية وتحفيز المشاركة السياسية، مع إشراك المجتمع المدني في صناعة القرار والمشاركة في مراقبة الانتخابات ورصد الخروقات.
كما تضمنت المقترحات المطروحة من فعاليات سياسية ومدنية اشتراط شهادة الباكالوريا للترشح للانتخابات التشريعية مع أهمية اعتماد البطاقة الوطنية كوسيلة للتسجيل والتصويت، لتبسيط العملية الانتخابية وتشجيع المواطنين على المشاركة.
وطالب مركز المؤشر للدراسات والأبحاث، بالتشديد على منع كل من سبق أن أدين في قضايا الفساد المالي أو الإداري أو الانتخابي من الترشح، ليس فقط عبر الإدلاء بالسجل العدلي، بل من خلال آلية موسعة تشمل تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وتقارير التفتيش المالي والإداري، وأحكام القضاء الإداري والجنائي ذات الصلة بتسيير الشأن العام.