دعوات أميركية لفك الارتباط غير الاعتيادي بين العراق وإيران

الإدارة الأميركية تبدي عدم الرضا تجاه بغداد لعدم قيامها بما يكفي لتقليص نفوذ إيران في البلاد والحدّ من تأثير حلفائها على القرار العراقي.
الخميس 2025/09/18
عبء ثقيل على ظهور العراقيين

بغداد- تتوالى الدعوات من داخل مواقع صنع القرار في الولايات المتحدة لفصل العراق المحسوب أيضا ضمن دائرة حلفاء واشنطن عن إيران وإبعاده عن دائرة التأثير الإيراني الذي لا يزال قويا بفعل هيمنة حلفاء للجمهورية الإسلامية على أهم مؤسساته.

وتعكس تلك الدعوات الصادرة أساسا عن دوائر قريبة من إدارة الرئيس دونالد ترامب مزاجا سائدا لدى أركان تلك الإدارة يتميّز بعدم الرضا تجاه بغداد لعدم قيامها بما يكفي لتقليص النفوذ الإيراني في البلاد والحدّ من تأثير حلفائها من أحزاب وفصائل مسلّحة على القرار العراقي.

كما يمكن أن تؤشّر على وجود مخطط عملي لدى الإدارة ذاتها لحسم حالة الارتباط غير المنطقي والمبالغ فيه بين العراق وإيران والذي يمنح امتيازات سياسية وأمنية واقتصادية مالية لطهران خارج ما يتيحه التعاون العادي بين الدول.

ويدعم هذا الطرحَ شروع الولايات المتحدة بالفعل في فرض ضغوط على بغداد لفك ارتباطها بطهران تراوحت بين التشدد حيالها في مسألة تطبيق العقوبات المفروضة على إيران ووقف التعامل معها في مجال الطاقة الكهربائية والغاز المستخدم في توليدها لحرمان الإيرانيين من مورد مالي بالعملة الصعبة، وبين التضييق على الميليشيات المسلحة المرتبط أغلبها بالحرس الثوري الإيراني عن طريق فرض عقوبات عليها وكذلك بمنع بغداد من تشريع قانون يضاعف امتيازاتها ويرسّم وضعها كقوات نظامية شرعية.

◄ تتالي ضغوط واشنطن على الميليشيات العراقية يعكس جدية من قبل إدارة ترامب في تحجيم تلك الفصائل والحدّ من دورها الذي تضخّم في العراق

وطالب عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون الحكومة العراقية باتخاذ خطوات لفصل نفسها عن النظام الإيراني، الذي وصفه بـ”الشرير”، والابتعاد عنه.

وشدد على ضرورة أن يعمل العراقيون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن “جيران العراق يحققون نجاحا أكبر،” وذلك في إشارة ضمنية إلى الجهود اللبنانية لنزع سلاح حزب الله الذي يشارك الميليشيات الشيعية العراقية انتماءها إلى ما يعرف بـ”محور المقاومة” الذي تقوده إيران.

كما نصح ويلسون العراقيين بأن يتخلصوا بأنفسهم من الميليشيات أفضل من أن تقوم بذلك جهات خارجية بدلا منهم.

وغير بعيد عن السياق ذاته عبّر العضو الجمهوري في الكونغرس عن ولاية تكساس مايكل تي مكول عن قلقه بشأن تأثير طهران في بغداد.

مايكل تي مكول: كل ما حارب من أجله جنودنا في العراق يُخترق من إيران

وقال لرووداو “أنا قلق بشأن الوجود المتزايد للميليشيات الشيعية في العراق، وحقيقة أن كل ما حارب من أجله جنودنا قد يُخترق من قبل إيران.”

وسلطت إدارة ترامب المزيد من الضغوط على الميليشيات المسلحة في العراق، وذلك من خلال تصنيفها أربعا منها منظمات إرهابية.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت الأربعاء إدراج كل من ميليشيا حركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وحركة أنصارالله الأوفياء وكتائب الإمام علي، ضمن لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

ويبدو الربط واضحا في ذهن صانع القرار الأميركي بين الضغط على تلك الفصائل التي تعتبرها واشنطن، بلا مواربة، أذرعا لإيران، والضغوط القصوى التي تسلطها على الجمهورية الإسلامية بحدّ ذاتها، حيث تأتي جهود إضعاف الطرفين ضمن حزمة واحدة من الإجراءات ضدّهما.

ويظهر ذلك بوضوح من خلال توقيت الإعلان عن تصنيف الفصائل الأربعة تنظيمات إرهابية غداة فرض واشنطن عقوبات على ممولي الحرس الثوري الإيراني.

ويعكس تتالي ضغوط واشنطن على الميليشيات العراقية جدية من قبل إدارة ترامب في تحجيم تلك الفصائل والحدّ من دورها الذي تضخّم في العراق وتجاوز حدود مجال نشاطها الأصلي وهو المجال الأمني إلى ميادين السياسة والاقتصاد حيث يشارك البعض منها الحكم ويمتلك تمثيلا في الحكومة والبرلمان، فضلا عن ممارسته أنشطة اقتصادية وعمليات تربح بعضها معلن والبعض الآخر سري كونه غير مشروع ومخالفا للقوانين، على غرار تهريب البضائع عبر الحدود بما في ذلك النفط ومشتقاته والمضاربة في العملة الصعبة وتسريب مبالغ منها نحو إيران التي تواجه عقوبات اقتصادية ومالية تحدّ من قنوات حصولها على العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار الأميركي.

وأظهرت إدارة ترامب في نطاق تضييقها على الميليشيات في العراق اعتراضا شديدا على المزيد من التمكين للحشد الشعبي المشكّل من العشرات من الميليشيات الشيعية بالأساس ودفعت حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لسحب قانون من البرلمان كان من شأنه أن يزيد من ترسيم الحشد كجزء من المؤسسة الأمنية الرسمية وإقرار المزيد من الامتيازات المالية والاجتماعية لأفراده بموجب القانون.