خالد يوسف: أنا لست امتدادا سينمائيا لأحد ولا أكرر تجارب السابقين
بغداد - لطالما وُجهت إلى المخرج خالد يوسف ملاحظات متكررة بأنه يواصل منهج يوسف شاهين، خاصةً في تناوله لموضوعات مثل الحرية، السلطة، الهوية، والصراع الطبقي، وتعود هذه الملاحظات إلى أنه كان مساعدا لشاهين طوال 20 عاما من مسيرته، وبعد رحيله صار يشار إليه بالبنان أنه ينتهج أسلوبا إخراجيا من المدرسة ذاتها.
وبينما كان شاهين يميل إلى الأسلوب الرمزي والشاعرية السينمائية، فإن خالد يوسف يتجه في الغالب إلى الواقعية المباشرة، مستخدمًا أدوات درامية قوية وصادمة أحيانًا، حيث تظهر في أفلام مثل “حين ميسرة” و”دكان شحاتة” و”كارما” نزعته الكبيرة نحو معالجة الواقع المصري بكل تناقضاته. ورغم الانتقادات، يرى كثيرون أن خالد يوسف نجح في تطوير أسلوبه الخاص مع الحفاظ على الروح الجذرية التي كان شاهين يتمسك بها.
ولا ينكر خالد يوسف تأثير المخرج الراحل فيه، حيث أكد في تصريحات سابقة له أنه كان محظوظا بأنه تعرف إلى “قمم مصر وأنا في العشرينات من العمر، عرفت نجيب محفوظ ويوسف إدريس وأحمد فؤاد نجم، حين أجلس مع هؤلاء وأنا مازلت في طور تشكيل شخصيتي ومنظومتي القمية ومواقفي من الحياة، فأنا شخص محظوظ جدًا».
الأمة العربية تمر بأزمات متكررة جعلت واقعها حزائنيا، وهو ما لم يترك فرصة حقيقية للنهضة أو الإبداع
وفي أحدث تصريحاته، أكد المخرج السينمائي المصري أنه لا يعد نفسه امتدادا لأي من التجارب السينمائية السابقة، مشيرا إلى أن لكل مخرج بصمته الخاصة في طرح الرؤية الفنية.
وقال يوسف في تصريح لوكالة الأنباء العراقية، خلال مشاركته في مهرجان بغداد السينمائي الثاني: “لا يمكن القول إننا في السينما نطبّق اتجاها معينا شكله كتاب مثل إبراهيم أصلان وجمال الغيطاني ويوسف إبراهيم بالتوازي مع تجارب سينمائية لمحمد خان وداوود عبدالسيد، فأنا لست امتدادا لأحد.”
وانطلقت الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي، الذي يحمل اسم المخرج محمد شكري جميل، الاثنين، بتنظيم من نقابة الفنانين العراقيين بالشراكة مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار، وتستمر فعالياته حتى 22 سبتمبر الجاري.
وافتتح المهرجان بالفيلم العراقي الروائي الطويل «سعيد أفندي» للمخرج كاميران حسني، وهو أول فيلم عراقي يُرمم ضمن اتفاق تعاون رسمي بين لجنة الحسن بن الهيثم للذاكرة العراقية المرئية وجهات سينمائية فرنسية. كما عرض فيلم «صمت القصور» للمخرجة التونسية مفيدة التلاتلي، احتفاءً بتونس ضيف شرف الدورة.
خالد يوسف يشارك ضمن المهرجان بصفته رئيسا للجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة
ويشارك خالد يوسف ضمن المهرجان بصفته رئيسا للجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة، إلى جانب وأوضح الفنان السوري غسان مسعود، والفنان العراقي القدير مقداد عبدالرضا، والمخرج العراقي سهيم عمر خليفة، والنجمة المصرية بشرى رضا، وهو ما يمنح المسابقة ثقلا فنيا نظرا لتجاربهم السينمائية الثرية.
وفي هذا السياق قال خالد يسوف: “أتمنى أن تذهب الجوائز إلى من يستحقها، فالمفاضلة بين الأفلام تحددها طبيعة الجائزة إن كانت للإخراج أو لغيره، والجدارة هي المعيار الأول في منحها.”
وأضاف: “أي قصة مهما كانت بسيطة، يمكن لمخرجين أن يقدماها بشكلين مختلفين تماماً، فالرؤية لا تتغير، وإنما تتطور الأدوات. دخول التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي ساعد في إيصال رؤيتنا، لكنه لم يغيّر من جوهرها.”
ورأى المخرج المثير للجدل أن “الأمة العربية تمر بأزمات متكررة جعلت واقعها حزائنيا، وهو ما لم يترك فرصة حقيقية للنهضة أو الإبداع، إذ إن النهضة مشروع متكامل يشمل الفنون والآداب والسينما.”
يُعد المخرج المصري خالد يوسف من أبرز المخرجين في السينما المصرية المعاصرة، وهو معروف بتوجهه نحو تناول قضايا سياسية واجتماعية حساسة في أعماله السينمائية. وُلد عام 1964، وبدأ مسيرته الفنية من خلال التعاون الوثيق مع المخرج الكبير يوسف شاهين، حيث شارك في كتابة وإخراج عدد من أفلامه في التسعينيات، أبرزها “الآخر” و”المهاجر”. هذا القرب من شاهين جعله يتأثر بشكل واضح برؤيته السينمائية، سواء من حيث الموضوعات التي يطرحها أو اللغة السينمائية التي يستخدمها والتقنيات التي يوظفها وتميز أعماله عن غيرها.