حماس تُهندس حكومة التكنوقراط من وراء الستار للالتفاف على خطة ترامب

الحركة تعين ما يقارب نصف الوزراء الجدد بالتنسيق مع الوسطاء.
الأربعاء 2025/10/22
حماس تدير ملف الترتيبات المستقبلية بخطى حذرة ودهاء سياسي

القدس - أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، بأن حركة حماس، وبعلم ضمني من الوسطاء الإقليميين، تشارك فعليا في اختيار نصف وزراء الحكومة الجديدة، مشكّلة بذلك تجاوزا لأهداف خطة السلام الأميركية التي تفترض إدارة مدنية مستقلة تتولى قطاع غزة، في وقت يقول فيه مراقبون إن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تضع في اعتبارها القبول بخيار بقاء حماس في غياب جهة أخرى قادرة على ضبط الوضع في القطاع.

وما يرجّح التعامل مع وجود حماس كأمر واقع أن حماس نجحت في تعيين نصف الوزراء التكنوقراط الأعضاء في الحكومة القادمة بالتنسيق مع الوسطاء وخاصة مصر، وهو أمر لا يتم دون ضوء أخضر أميركي.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية “كان”، في تقرير لها دون أن تسمّي مصادرها، إن “حماس عينت ما يقارب نصف وزراء حكومة التكنوقراط، واختارت أشخاصا يدعمون الحركة ومبادئها، حتى وإن لم يتجلّ ذلك بشكل صريح وواضح، بينما اختارت السلطة الفلسطينية النصف الآخر من حكومة التكنوقراط“.

وأضافت أن حماس قدمت للوسطاء، ومن بينهم مصر على وجه الخصوص، قائمة بأسماء القادة المستقبليين، مؤكدة أن هذا الترتيب “سيمكن الحركة من الاحتفاظ بقدر من السيطرة على السلطة في غزة حتى بعد انتهاء الحرب،. حسب “كان”.

ويظهر هذا التحرك دهاء سياسيا من حماس في ضمان بقاء نفوذها عبر واجهة مدنية، مفندا أيّ توقعات بإزالتها الكاملة من المشهد الإداري.

ويتعارض الكشف الإسرائيلي مع المواقف المعلنة لحماس، حيث صرح الناطق باسم الحركة في غزة حازم قاسم الأحد بأن الحركة “أكدت بشكل واضح” أنها لا ترغب في المشاركة في أيّ ترتيبات إدارية تتعلق بحكم قطاع غزة في اليوم التالي لوقف العدوان.

هل يضع ترامب في اعتباره القبول بخيار بقاء حماس في غياب جهة أخرى قادرة على ضبط الوضع في القطاع

وأكد قاسم أن الجهات الحكومية في غزة تواصل أداء مهامها، “لأن الفراغ خطير جدا،” وأن هذا الوضع سيستمر حتى تأتي لجنة إدارية يتم التوافق عليها من جميع الفصائل الفلسطينية.

وتفصح هذه التناقضات بين الأقوال والأفعال عن إستراتيجية حماس المزدوجة، تنفي علنا المشاركة المباشرة لتفادي ضغوط المجتمع الدولي، بينما تعمل سرا لضمان نفوذها واستمرارية سيطرتها غير المباشرة.

وتتوازى محاولات حماس للسيطرة على اليوم التالي مع قلق أميركي متزايد من انهيار الاتفاق برمته.

وقال مسؤولون أميركيون لصحيفة “نيويورك تايمز” إن إدارة ترامب تشعر بقلق متزايد من احتمالية انسحاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف المسؤولون أن الإستراتيجية الحالية للإدارة تتمثل في محاولة نائب الرئيس جيه دي فانس والمبعوثين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، منع نتنياهو من استئناف هجوم شامل على حماس.

ووصل فانس الثلاثاء إلى إسرائيل، حيث يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي لمناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ويشدد هذا التطور على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار كقاعدة أساسية لأيّ نقاش حول المستقبل.

وقال كبير المفاوضين في حماس خليل الحية إن حركته ملتزمة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، موضحا أنها تلقت تطمينات أميركية بانتهاء الحرب في قطاع غزة.

وقال الحية في تصريح صحفي وزعته الحركة الثلاثاء “ما سمعناه من الوسطاء والرئيس الأميركي يُطمئننا أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة انتهت“.

محاولات حماس للسيطرة على اليوم التالي تتوازى مع قلق أميركي متزايد من انهيار الاتفاق برمته

وأضاف “ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار وما تم التوافق عليه مع الفصائل الفلسطينية،” معربا عن “ثقة وعزم على تنفيذ اتفاق غزة بشكل كامل،” ومعتبرا “أنه سيصمد بناء على الوعود التي قطعت وسمعناها من جميع الوسطاء“.

وتعطي هذه التصريحات قوة دفع للمرحلة الانتقالية، معتبرة نهاية الحرب أمرا واقعا بناء على الوعود المقدمة.

وعقد وفد حماس المفاوض برئاسة الحية لقاءين متتاليين مع الوسطاء المصريين والقطريين الاثنين في القاهرة، وتناولت المباحثات سبل استمرار وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات المرحلة الثانية للاتفاق، وفق مصدرين مطلعين على سير المفاوضات.

من جهة ثانية، أعرب الحية عن أمله في أن “تزداد كميات المساعدات لتلبية احتياجات أهالي قطاع غزة،” مُسلّطاً الضوء على الحاجة الملحة لتحسين الظروف الإنسانية.

وتتوازى قضايا المستقبل الإداري مع ملف الرهائن، الذي يشكل عقدة إنسانية وأمنية رئيسية.

وقال الحية في ما يتعلق برفات الرهائن الإسرائيليين المتبقية “نحن جادّون لاستخراج جثامين كل المحتجزين،” لكنه أضاف أن الفرق تجد “صعوبة بالغة في استخراج الجثامين،” مُطالباً “بمعدات ثقيلة متطورة للبحث والانتشال“.

ويبرز هذا الطلب الصعوبات الميدانية الناتجة عن حجم الدمار. وسلّمت حماس مساء الاثنين جثة رهينة إسرائيلي كانت محتجزة لدى كتائب “أبوعلي مصطفى”، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلى إسرائيل عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وذلك بعد العثور عليها الأحد.

وينصّ اتفاق وقف إطلاق النار المستند إلى خطة الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في غزة، على وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة بعد سنتين من حرب مدمّرة، والإفراج عن كل الرهائن المحتجزين في القطاع الأحياء والموتى في غضون 72 ساعة من وقف إطلاق النار مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية، وانسحابات إسرائيلية من مناطق محدّدة، وبدء دخول مساعدات إنسانية إلى القطاع.

ويفترض أن تسلّم حماس جثامين 28 رهينة من المتوفين (27 احتجزوا خلال هجوم السابع من أكتوبر 2023، وجثة محتجزة منذ العام 2014)، وسلّمت حتى اليوم 13 منها.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية الثلاثاء أن الجثة الـ13 التي تسلمتها تعود إلى العسكري تل حاييمي.

وتبين هذه التفاصيل أن حماس تدير ملف الترتيبات المستقبلية بخطى حذرة ودهاء سياسي، تجمع بين الالتزام العلني ببنود التهدئة والتحرك السري لضمان نفوذها الدائم في حكومة التكنوقراط القادمة، ما يعقّد مهمة تنفيذ خطة السلام الأميركية بشكلها الأصلي.

 

اقرأ أيضاً:

       • ترامب: حلفاء عظام في الشرق الأوسط مستعدون لتأديب حماس

1