تهديدات سيبرانية خطرة تستهدف الأطفال القصر في تونس

الذكاء الاصطناعي يلقن الأطفال معلومات تاريخية ودينية وحضارية مغلوطة.
الخميس 2025/10/09
الذكاء الصطناعي تسرب إلى حياة الأطفال

يدق خبراء الاتصال في تونس ناقوس الخطر بشأن استعمال الأطفال القصر للذكاء الاصطناعي ومنصات الدردشة على غرار "شات جي بي تي". ولم تعد مخاطر إبحار القصّر على الإنترنت تقتصر على مجرّد إشكاليات كلاسيكية تتعلّق بالولوج إلى مواقع منافية للأخلاق وإنما أصبح الأمر يطال تلقين هذه الفئة معلومات تاريخية ودينية وحضارية مغلوطة، ما أصبح يمس من ثقافة البلد وخصوصيته.

تونس - يتيح التطور التكنولوجي واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعليم الأطفال فرصا لتطوير أدوات وآليات تعليمهم وآفاقا مستقبلية منها تحسين جودة التعليم ورفع مستوى التلاميذ، غير أنه يفرض في المقابل، حسب عدد من الخبراء في المجال، جملة من التحديات المتعلقة بتطوير برامج وموارد تعليمية تتناسب مع مستوى الأطفال.

ولأن الذكاء الاصطناعي بدأ يتغلغل بخطى ثابتة في شتى مناحي حياة الأطفال، ليُعيد تشكيل مفهومهم للتاريخ والدين والحضارة دق خبراء الاتصال في تونس ناقوس الخطر، مشيرين إلى أن المخاوف المُصاحبة لهذه التقنية الثورية تزداد كل يوم، مدركين الحاجة المُلحّة لضمان سلامتها واستخدامها بشكل مسؤول.

ونبه وزير تكنولوجيات الاتصال سفيان الهميسي، إلى تفاقم خطورة التهديدات السيبرانية التي تستهدف القصّر جراء استعمالات الذكاء الاصطناعي، خاصّة أنها أصبحت تهدّد وتمسّ من ثقافة ولغة وخصوصية تونس كبلد محافظ.

ولفت الهميسي، إلى أن مخاطر إبحار القصّر على الإنترنت واستعمالاته لم يعد يقتصر على مجرّد إشكاليات كلاسيكية تتعلّق بالولوج إلى مواقع منافية للأخلاق وإنما أصبح الأمر يطال تلقين هذه الفئة معلومات تاريخية ودينية وحضارية مغلوطة.

وشدد على أن الطلاب اليوم أصبحوا يستقون المعلومات والمعارف من “شات جيبيتي” ويتعاملون معها كحقائق مقدّسة، في حين أنها تنطوي على أفكار وتوجيهات محدّدة ومغلوطة في علاقة بالتاريخ والدين بالخصوص يمكن أن تؤثر سلبا على منوال تربية الأطفال في تونس.

الطلاب اليوم أصبحوا يستقون المعلومات والمعارف من "شات جيبيتي" ويتعاملون معها كحقائق مقدّسة، في حين أنها تنطوي على أفكار مغلوطة

وأشار خلال ندوة وطنية نظمتها وزارة الداخلية، بالتعاون مع وزارتي الدفاع الوطني وتكنولوجيا الاتصال، تحت عنوان “الجرائم السيبرانية في ظل الذكاء الاصطناعي والتطورات التكنولوجية الحديثة”، بالمدرسة الوطنية لتكوين اطارات الأمن الوطني والشرطة الوطنية، إلى أن عديد المنظمات حول العالم بصدد إعادة كتابة تاريخ بعض البلدان في اتجاه تلميعه وتضمينه بطولات وهمية مختلقة، ومن ثم يقع إدراج هذه المعلومات على مواقع البحث الإلكتروني وعلى رأسها ” شات جيبيتي” كحقائق مثبتة.

ودعا وزير تكنولوجيات الاتصال جميع الوزارات إلى التكاتف من أجل حماية الناشئة من هذه المخاطر، مذكرا أن آخر الإحصائيات تشير إلى أن متوسط إبحار القصر المتراوحة أعمارهم بين 12 و16 سنة يبلغ 8 ساعات في اليوم الواحد وهو رقم مفزع، حسب تقديره.

من جانبه، شدد الخبير الدولي في الأمن السيبراني، محمد حمدي، على أن تفاقم الجرائم السيبرانية الموجهة نحو الأفراد في تونس وخاصة منها الفئات الأكثر هشاشة مثل القصر ناتج عن قلة الوعي بهذه الظاهرة، داعيا إلى ضرورة تنظيم حملات توعوية حول الانتهاكات والجرائم السيبرانية وكيفية التوقي منها.

ولفت إلى أن تأمين الصفحات الخاصة بالأشخاص بشبكات التواصل الاجتماعي أو غيرها من المواقع الإلكترونية بالاعتماد على كلمة سرّ، أصبح اليوم غير كاف ولا بد من الاستعانة ببعض التطبيقات الأخرى الخاصة بتأمينها، فضلا عن التقليل قدر المستطاع من نشر فيديوهات وصور وتسجيلات صوتية خاصّة على هذه الشبكات مما يقلّص الحظوظ في فبركة فيديوهات وصور باستعمال الذكاء الاصطناعي.

ونّبه إلى أن العديد من الجهات أصبحت تقوم بفبركة فيديوهات باستعمال الذكاء الاصطناعي يكون أصحابها في أوضاع مخلة بالأخلاق ومن ثمة تهديدهم للحصول على فدية، مشيرا إلى أن ما يزيد الأمر خطورة أن هذه العملية لم تعد تتطلب خبرة واسعة في هذا المجال، مع حضور الذكاء الاصطناعي بل أصبحت متاحة حتى لبعض الأطفال.

ويجرم القانون التونسي الابتزاز الإلكتروني في الفصل 273 من قانون العقوبات التونسي.

ويعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين ألف وعشرين ألف دينار كل من هدد غيره بنشر صور أو تسجيلات صوتية أو مرئية أو أي معلومات أو وثائق أخرى، إذا كان ذلك التهديد من شأنه أن يرهب المجني عليه أو أن يدفعه إلى القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.

ويعتبر الابتزاز الإلكتروني جريمة خطيرة، حيث أنه يمس بالحق في الحياة الخاصة، ويتسبب في أضرار نفسية واجتماعية واقتصادية للضحايا.

ووفقًا للقانون التونسي، فإن الابتزاز الإلكتروني يعتبر جريمة جنائية، وعقوبته السجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات، وغرامة مالية تتراوح بين ألف وعشرين ألف دينار.

ويمكن أن تزيد العقوبة إلى السجن لمدة خمس سنوات وغرامة مالية تتراوح بين خمسة آلاف وخمسين ألف دينار، إذا كان الابتزاز الإلكتروني يمس بالشرف والأخلاق، أو إذا كان مرتكب الجريمة قاصرًا.

◄ الطلاب اليوم أصبحوا يستقون المعلومات والمعارف من "شات جيبيتي" ويتعاملون معها كحقائق مقدّسة
الطلاب اليوم أصبحوا يستقون المعلومات والمعارف من "شات جيبيتي" ويتعاملون معها كحقائق مقدّسة

وتتعدد أسباب انتشار الابتزاز الإلكتروني في تونس، ومنها:

• انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة، التي تسهل على المبتزين التواصل مع الضحايا

• ضعف الثقافة القانونية لدى المواطنين، وعدم معرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه جريمة الابتزاز الإلكتروني

• عدم وجود وعي كافٍ لدى المواطنين بمخاطر الابتزاز الإلكتروني، وكيفية الوقاية منه.

ويلعب انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة دورًا مهمًا في انتشار الابتزاز الإلكتروني، حيث تسهل هذه الوسائل على المبتزين التواصل مع الضحايا، وجمع المعلومات الشخصية منهم، وإرسال التهديدات لهم.

ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في عام 2022، فإن 92 في المئة من الشباب التونسي يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، و75 في المئة منهم يستخدمون تطبيقات الدردشة.

10