تفاوت كبير في نسب البطالة بين الجنسين في العراق
بغداد ـ رغم الانخفاض الملحوظ المسجل في معدلات البطالة في العراق خلال الفترة الأخيرة، إلا أن تفاوتها بين الجنسين بلغ الضعف.
وأشار المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبدالزهرة الهنداوي إلى وجود تفاوت كبير في نسب البطالة بين الجنسين، حيث تصل نسبة البطالة لدى النساء إلى حوالي 18 في المئة، أي ما يقارب الضعف مقارنة بالرجال الذين تبلغ نسبة البطالة في صفوفهم بين 9 و10 في المئة.
وفسّر المتحدث الحكومي ارتفاع نسبة البطالة لدى النساء بأسباب اجتماعية، إضافة إلى عدم توفر فرص عمل مناسبة للنساء، ما يجعل الرجال أكثر استفادة من سوق العمل.
وأرجع الهنداوي أسباب الانخفاض في معدلات البطالة عامة إلى السياسات الحكومية التي شملت تنفيذ العديد من المشاريع التي وفرت فرص عمل، فضلا عن تعزيز دور القطاع الخاص الذي أسهم في خلق فرص جديدة.
كما أشاد الهنداوي بتوظيف حملة الشهادات العليا وغيرهم التي أسهمت في خفض معدلات البطالة بشكل واضح في البلاد.
بطالة النساء في العراق تحولت من ظاهرة اقتصادية إلى مشكلة نفسية واجتماعية عميقة تؤثر على تكوين الأسرة واستقرارها
وأكد تقرير صادر عن المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، منتصف العام الحالي، ارتفاع نسب البطالة لدى النساء في العراق إلى أكثر من 60 في المئة، وذلك خلال إحصائيات شملت العام 2024.
وذكر التقرير أن معدل البطالة للنساء فوق 15 سنة في العراق بلغ 28.3 في المئة، في حين بلغ في تونس (20.5 في المئة)، والجزائر (20.6 في المئة)، وسوريا (22 في المئة).
وتعكس هذه الأرقام تحديات كبيرة في سوق العمل وتثير القلق بشأن المستقبل الاقتصادي للنساء في البلاد.
وفي ما يخص بطالة الشابات بين 15 و24 سنة، وصل المعدل في العراق إلى 62.2 في المئة، وهو يتجاوز لبنان (21.4 في المئة) والإمارات (23 في المئة)، ومصر (50.5 في المئة)، وفق التقرير.
وخلال عام 2023، احتل العراق المرتبة الثانية من حيث نسبة بطالة النساء من بين الدول العربية، وحسب إحصائية وزارة التخطيط العراقية، فإن معدل بطالة النساء في العراق بلغ 28.2 في المئة، وهو ضعف معدل بطالة الذكور في العراق الذي بلغ 14.7 في المئة.
وتعاني النساء في العراق من بطالة مرتفعة ما يعكس ضعف البرامج الحكومية وغياب بيئة عمل تراعي خصوصية المرأة.
معدل البطالة للنساء فوق 15 سنة في العراق بلغ 28.3 في المئة، في حين بلغ في تونس (20.5 في المئة)، والجزائر (20.6 في المئة)، وسوريا (22 في المئة)
وأكد الباحث الاجتماعي مهند الطائي أن بطالة النساء في العراق تحوّلت من ظاهرة اقتصادية إلى مشكلة نفسية واجتماعية عميقة تؤثر على تكوين الأسرة واستقرارها.
وقال الطائي “الملاحظ لدينا أن المرأة العاطلة عن العمل أكثر عرضة للاكتئاب والقلق، وأحيانا للانسحاب الاجتماعي، فحين تُحرم من تحقيق ذاتها، فإنها تفقد التوازن. الكثير من الحالات التي نتابعها تكون لنساء فقدن الأمل تماما، وبعضهنّ يتحدثن عن أفكار سوداوية، حتى إنّ البطالة من بين دوافع ارتفاع عدد حالات انتحار النساء في العراق”.
ويشير الطائي إلى أن هناك ضغطا اجتماعيا هائلا على الشابات للزواج للخلاص من البطالة، وغالبا ما يؤدي هذا إلى زيجات غير متكافئة تنتهي بالفشل أو العنف الأسري، فالحل لا يقتصر على توفير فرص العمل، بل ينبغي دمج الدعم النفسي والاجتماعي ضمن برامج التشغيل.
بدوره أكد رئيس مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات الاقتصادية منار العبيدي، تفاقم أزمة البطالة بين النساء مقارنة بالرجال، مشيرا إلى أن رغم النمو في بعض القطاعات الاقتصادية مثل النفط والبناء والخدمات، فإن العراقيين يواجهون صعوبة في الحصول على وظائف بسبب ضعف القدرات الشخصية والتعليمية.
ودعا العبيدي إلى إصلاح التعليم والتدريب المهني بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، مع ضرورة تطبيق قوانين العمل بشكل صارم لضمان بيئة عمل عادلة للعمال العراقيين.
وأشار إلى أن البطالة في العراق تعد من أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، حيث يعاني قطاع العمل من معدلات بطالة مرتفعة تفوق 16 في المئة، وتزداد الأزمة عمقا بين النساء بشكل خاص.
وبحسب العبيدي، يعود ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف القطاع الخاص الذي لا يستطيع توفير فرص عمل كافية، بالإضافة إلى مشكلة هيكلية في القوى العاملة العراقية، التي تفتقر إلى المهارات اللازمة لمواكبة احتياجات السوق. كما أن ضعف نظام التعليم والتدريب المهني يجعل من الصعب على الشباب الحصول على وظائف في قطاعات مهمة مثل النفط والسياحة والبناء والخدمات.