تفاقم حرائق أحراج الساحل السوري يدفع لإخلاء القرى في اللاذقية
دمشق - تعمل فرق إغاثة سورية على إخلاء مناطق سكنية في محافظة اللاذقية بسبب حرائق أحراج ضخمة، وفق ما أعلنت السلطات الجمعة.
ومنذ أيام تجتاح حرائق مساحات كبيرة في سوريا، خصوصا في المنطقة الساحلية، فيما يواجه عناصر الإطفاء صعوبات في السيطرة عليها بسبب سرعة الرياح وشدة الجفاف.
وأفاد مدير مديرية الكوارث والطوارئ في محافظة اللاذقية عبدالكافي كيال وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن الحرائق في منطقة قسطل معاف تمددت نحو قرى مأهولة، ما دفع فرق الإطفاء وعناصر الدفاع المدني لإخلائها.
وأصدر الدفاع المدني السوري المعروف بتسمية "الخوذ البيضاء" تحذيرا للسكان "من وصول انبعاثات الدخان المتصاعد إلى القسم الشمالي لجبال الساحل ومدينة حماة وريفها ومناطق جنوبي إدلب".
كما أعلن الدفاع المدني السوري اليوم السبت إصابة أحد متطوعيه بحالة اختناق واحتراق سيارة خدمة خلال عمليات فرق الإطفاء لإخماد الحرائق المستعرة في غابات ريف اللاذقية.
وأفاد الدفاع المدني، في بيان نشره على صفحته على فيسبوك بـ"انتشار النيران لمساحات أوسع والتفافها على الفرق بسبب اشتداد سرعة الرياح".
وأشار الدفاع المدني إلى استمرار انتشار الحرائق الحراجية في عدة قرى بريف اللاذقية، لليوم الثالث على التوالي، مع مواصلة عمليات الإخماد ومكافحة النيران وسط ظروف صعبة جدا مع انفجار لمخلفات الحرب والألغام واشتداد سرعة الرياح.
ولفت إلى أن طبيعة المنطقة الجبلية وتضاريسها الصعبة تمنع فرق وآليات الإطفاء من الوصول لكل بؤر الحرائق الممتدة على مساحات واسعة.
وكانت فرق إطفاء تركية بدأت صباح اليوم السبت في المشاركة في عملية إخماد الحرائق في محافظة اللاذقية وذلك بعد التنسيق مع وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية.
وذكر الدفاع المدني السوري أن الفرق تضم طائرتين مروحيتين و 11 آلية (ثماني سيارات إطفاء، وثلاثة ملاحق تزويد مياه).
وأشار إلى مشاركة 62 فريق إطفاء من الدفاع المدني السوري وأفواج الغطاء الحراجي في عملية إخماد حرائق الغابات المستمرة منذ الخميس في مناطق قسطل معاف وزنزف وربيعة بريف اللاذقية على الساحل السوري.

وأكد وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح في منشور على منصة اكس إنه يتابع الوضع على الأرض حيث تواجه ظروف صعبة الفرق بسبب وعورة التضاريس وشدة الرياح وارتفاع درجات الحرارة، مضيفا "نعد السوريين بأننا سنبذل كامل جهدنا في مواجهة هذه الحرائق ولن نخذلهم أبدا".
مع تزايد احتمال الجفاف وحرائق الغابات عالميا بسبب أنشطة بشرية، تشهد سوريا منذ سنوات موجات حر وتراجعا في منسوب الأمطار وحرائق أحراج ضخمة.
وتُعد سوريا من الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية، حيث تتجاوز تداعياتها الكوارث الطبيعية لتمتد إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية القائمة، فالموجات الحارة غير المسبوقة، التي يشهدها البلد منذ سنوات، وتراجع منسوب الأمطار بشكل حاد، لا يقتصر تأثيرها على زيادة وتيرة وشدة حرائق الأحراج الهائلة التي تلتهم مساحات خضراء واسعة، بل تمتد لتضرب قطاع الزراعة الحيوي.
وفي يونيو أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بأن سوريا "لم تشهد ظروفا مناخية بهذا السوء منذ 60 عاما"، مشيرة إلى أن جفافا غير مسبوق سيجعل أكثر من 16 مليون شخص عرضة لانعدام الأمن الغذائي.
وهذا التدهور البيئي يعمق من هشاشة المنظومة البيئية ويهدد بتفاقم الخسائر المستقبلية، خاصة في ظل البنية التحتية المتضررة جراء سنوات الصراع، مما يجعل البلاد أقل قدرة على التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة.
إلى ذلك تعاني البلاد تداعيات حرب استمرت أكثر من عقد مع مسار انتقالي مستمر من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي أطيح في ديسمبر إلى السلطات الجديدة.
وقال كيال "هناك جملة من التحديات تعوق عمليات الإخماد أبرزها: انتشار الألغام والمقذوفات غير المنفجرة في المنطقة، إلى جانب صعوبة الوصول إلى بؤر النيران، وسرعة الرياح التي ساهمت في انتقال الحرائق إلى أحراج جديدة".
وكانت فرق الدفاع المدني السوري والإطفاء قد تمكّنت قبل يومَين من إخماد حرائق واسعة اندلعت في جبل الأكراد بريف اللاذقية، وذلك وسط زيادة كبيرة في أعداد الحرائق المسجّلة في خلال الأيام الأخيرة.
وأفادت مؤسّسة الدفاع المدني السوري، عبر معرفاتها الرسمية حينها، بأنّ غابات حرجية وأشجارا عمرها آلاف السنين أتلفتها نيران وحرائق ملتهبة في مناطق وادي باصور وشلف وكفرتة في جبل الأكراد بريف اللاذقية.
وشهدت جبال الساحل السوري، الشهر الماضي، سلسلة من الحرائق التي أتت على أكثر من 30 هكتارا من الأراضي الحرجية في غابات جبل التركمان التي تُعَدّ من بين أغنى وأكثف الغابات الطبيعية في سوريا.
وتُعرَف هذه المنطقة بكثافتها الحرجية وتنوّعها البيئي، لكنّها تعرّضت في السنوات الماضية لحرائق متكرّرة أدت إلى تآكل جزء كبير من غطائها النباتي.
وتتعدّد أسباب اندلاع هذه الحرائق بين عوامل طبيعية مثل ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأعشاب، وأسباب بشرية تتعلّق بممارسات التحطيب الجائر والتعديات المستمرة على الغابات، الأمر الذي يزيد من هشاشة المنظومة البيئية في المنطقة ويهدّد بتفاقم خسائرها مستقبلا.