تضاعف الحاجة في البلدان العربية لعمل منظم يستهدف تمكين المرأة الريفية ودعمها
تونس - تواجه النساء في المناطق الريفية تحديات متشابكة تتعلق بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي، نتيجة ضعف الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية وفرص العمل والدخل المستدام. وتجعل هذه القيود النساء أكثر عرضة للفقر والتمييز الاجتماعي، وتحد من مشاركتهن في اتخاذ القرارات داخل الأسرة والمجتمع، مما يعيق التنمية المتوازنة للمجتمعات الريفية.
وقالت المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فدوى كيوان إن غالية النساء في الريف يعملن في القطاع الزراعي لكنهن لا يحصلن على أجر عندما يكون عملهن لصاح أسرهن كذلك فان عملهن يندرج بوجه عام في إطار الاقتصاد الهامشي أو ما يسمى بالاقتصاد غير المنظم الذي لا يخضع للتشريعات ولا يستفيد العاملون فيه من أية حماية أو ضمانات.
وأشارت إلى أنه في ضوء هذا الواقع وإلى جانب المستجدات والآثار التي سيتركها التغير المناخي على المجال الزراعي بوجه عام فإن الحاجة ستتضاعف لعمل منظم وخطط واضحة تستهدف تمكين المرأة الريفية ودعمها لتكون أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع متطلبات العمل الزراعي في هذه الحقبة من تاريخ الأرض.
لتعزيز التمكين، يقترح الخبراء تصميم برامج تعليمية ومهنية تستهدف النساء في الريف، مع التركيز على المهارات العملية والريادة الاقتصادية
كما دعت تونس إلى اعتماد خطة عربية موحدة لتعزيز الإدماج الاقتصادي للنساء والفتيات في المناطق الريفية وتطوير آليات المتابعة والتنسيق مع الأخذ بعين الاعتبار لخصوصيات كل بلد وإرساء شبكات تبادل الخبرات والممارسات الفضلى في مجال ريادة الأعمال النسائية، بالإضافة إلى دعم المبادرات التي تهدف إلى تحسين واقع المرأة اقتصاديا واجتماعيا في الأرياف.
وأكدت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أسماء الجابري الإرادة الجماعيّة الثابتة لدعم النّساء والفتيات في الوسط الريفي وإدماجهنّ بما يتلاءم مع خصوصيّاتهنّ وخصوصيّات جهاتهنّ ويعزّز مساهمتهنّ” مشيرة إلى أن الندوة الإقليمية والعربية حول “التّنمية الاقتصاديّة للنّساء والفتيات في الوسط الريفي”،مثلت مناسبة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات ومشاركة الانجازات الرّائدة في البلدان العربيّة وللوقوف عند بعض التجارب والتدابير والإجراءات المتّخذة لفائدة النّساء والفتيات في الوسط الريفي لتدعيم وتعزيز إدماجهنّ.
كما اعتبرت أنّ توصيات الندوة ستُشكّل لبنة إضافية في إرساء شبكات عربية لتبادل الخبرات تتّحد من خلالها جهود مختلف الدول لتحقيق غد أفضل للنّساء والفتيات في الوسط الريفي. وأكّدت الوزيرة أنّ التّوجه لدعم وإدماج النساء والفتيات في الوسط الريفي يأتي تناغما مع توجّهات رئيس الدولة الدّاعية إلى تكاتف جهود الجميع من أجل ترسيخ منظومة العدالة الاجتماعيّة وتطوير آليات المرافقة والمساندة ودعم قدرات النساء والفتيات خاصّة بالوسط الريفي والمناطق ذات الأولويّة طبقا لأحكام الدستور الذي يلزم الدولة باتّخاذ جميع التّدابير اللّازمة لتحقيق العدالة والمساواة.
بدوره أكد رئيس ديوان وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن محمد القديدي خلال كلمة ألقاها في افتتاح الندوة العربية حول “التنمية الاقتصادية للنساء والفتيات بالوسط الريفي” أن الوزارة أطلقت برامج تعنى بالتمكين الاقتصادي للنساء على غرار البرنامج الوطني لريادة الأعمال النسائية والاستثمار “رائدات”، وذلك في مجال دعم الفعل الاقتصادي للنّساء.
وموّل برنامج ”رائدات” إلى حدود أوت 2025 حوالي 6000 مشروع نسائي وفّر ما يقارب 12 ألف موطن شغل مباشر باعتمادات فاقت 50 مليون دينار (16993566 دولارا) قصد تشجيع المبادرة النسائية وتوفير التمويل والمرافقة لإنشاء مشاريع في مجالات الخدمات والزراعة البيولوجية والصناعات التقليدية والتّحويليّة والسياحة الريفية والتي مثّلت 14في المئة من إجمالي المشاريع المسندة وبخمس الاعتمادات المخصصة للبرنامج.
ويهدف برنامج رائدات إلى دفع المبادرة الاقتصادية النسائية وريادة الأعمال من خلال تشجيع الفتيات على بعث مشاريع استثمارية خاصّة بهنّ، ويوفّر التمويل لإسناد قروض متناهية الصغر وصغرى ومتوسطة بشروط تفاضليّة وميسّرة وبسقف تمويل يصل إلى 300 ألف دينار.

وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن تمكين المرأة في الريف يشكل رافعة قوية للنمو الاقتصادي المحلي، إذ تسهم النساء المشاركات في الأعمال الزراعية أو الحرفية في زيادة دخل الأسرة وتحسين مستوى المعيشة، كما يعزز تمكينهن الاستقرار الاجتماعي ويحفز مشاركة أوسع في التنمية المجتمعية
وتواجه كثير من الفتيات صعوبة في إكمال التعليم بسبب بعد المدارس، والعبء الكبير للعمل المنزلي، ونقص البرامج التدريبية الملائمة.وغالبًا ما تفتقر النساء الريفيات للضمانات المالية أو الدعم الائتماني، مما يحد من قدرتهن على بدء مشاريع صغيرة أو الاستثمار في أنشطة إنتاجية.
كما تحظر بعض المجتمعات تقليديًا مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية أو المجتمعية، مما يحد من استقلاليتها وقدرتها على التأثير في محيطها.
ولتعزيز التمكين، يقترح الخبراءتصميم برامج تعليمية ومهنية تستهدف النساء في الريف، مع التركيز على المهارات العملية والريادة الاقتصادية،إضافة إلى توفير قروض صغيرة ومنح ودعم مالي مخصص للنساء الريفيات، بما يمكنهن من إطلاق مشاريع اقتصادية مستدامة.
كما يولي الخبراء أهمية للتوعية المجتمعية، لذلك اقترحوا تعزيز الحملات التثقيفية لتغيير المعتقدات المسبقة حول دور المرأة، وتسليط الضوء على مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويرى الخبراء أن تمكين المرأة في المناطق الريفية ليس مجرد مسألة حقوقية فحسب، بل استثمار حقيقي يعود بالنفع على الأسر والمجتمعات، ويعزز التنمية المستدامة، ويخلق بيئة اقتصادية واجتماعية أكثر عدالة وشمولية، حيث تصبح المرأة شريكًا فاعلًا في رسم مستقبل مجتمعاتها.