تركيا تضع معادلتها المستعجلة لتدارك اختلال توازن القوة الجوية لمصلحة إسرائيل

يوروفايتر وإف – 16 بدلا من إف – 35 المرفوضة لأنقرة من قبل واشنطن.
الخميس 2025/10/23
مقاتلة أوروبية متاحة أفضل من مقاتلة أميركية ممنوعة

ما أظهرته إسرائيل خلال هجماتها الجوية على إيران وسوريا لبنان واليمن من تفوّق كاسح في مجال القوة الجوّية مستندة إلى ترسانة ضخمة من المقاتلات الأميركية يثير قلق تركيا ويدفعها للانخراط في سباق ضدّ الساعة لتدارك ذلك التفوّق وهو الأمر الذي تعلم أنقرة ما يتطلبه من جهود إضافية للالتفاف على العوائق التي تضعها واشنطن في طريق طموحاتها العسكرية.

أنقرة - ضاعفت الأحداث التي شهدتها المنطقة على مدى العامين الماضيين وما ميزها من لجوء لاستخدام القوة العسكرية لحسم الصراعات من الرغبة القائمة لدى تركيا في الحفاظ على مكانتها كقوة إقليمية ودولية ممتلكة لوسائل الردع وأدواته وسرّعت من جهود قيادتها لسدّ الثغرات والنقص المتبقي في تلك الوسائل والأدوات لاسيما في مجال القوة الجوية التي تأكّد بشكل عملي تقدم قوى أخرى فيها على تركيا بعدّة أشواط.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة على محادثات تركية – غربية بشأن التسلّح قولها إن تركيا الحريصة على تعزيز قوتها الجوية، اقترحت على شركائها الأوروبيين والولايات المتحدة طرُقا يمكنها من خلالها الحصول بسرعة على طائرات مقاتلة متطورة في إطار سعيها لمواكبة منافسيها الإقليميين مثل إسرائيل.

وتهدف تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، والتي تملك ثاني أكبر جيش في الحلف، إلى الاستفادة بأفضل طريقة من علاقاتها المتينة مع الغرب منذ سنوات لتضيف إلى أسطولها المتقادم أربعين طائرة يوروفايتر تايفون وقّعت اتفاقا مبدئيا للحصول عليها في يوليو الماضي  ولاحقا أيضا طائرات إف -35 أميركية الصنع، رغم العقوبات التي تفرضها واشنطن والتي تمنع أيّ صفقة في الوقت الراهن.

وأثارت ضربات إسرائيل، التي تملك الجيش الأكثر تطورا في الشرق الأوسط والمزود بالمئات من المقاتلات الأميركية إف – 15 وإف – 16 وإف – 35، في إيران وسوريا جارتي تركيا، وكذلك على لبنان وقطر واليمن، قلق أنقرة.

ويقول مسؤولون إن هذه الهجمات كشفت عن نقاط ضعف رئيسية، ما دفع أنقرة إلى التحرك بسرعة لتعزيز قوتها الجوية لمواجهة أيّ تهديدات محتملة.

وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وأماكن أخرى في الشرق الأوسط، كما أن العلاقات التي كانت جيدة بين أنقرة وتل أبيب تراجعت إلى أدنى مستوياتها. وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن قواعد تركيا وحلفاءها من المسلحين ودعمها للجيش في سوريا تشكل تهديدا لإسرائيل.

تركيا اقترحت على شركائها الأوروبيين والولايات المتحدة طرُقا يمكنها من خلالها الحصول بسرعة على طائرات مقاتلة متطورة 

ومن المتوقع أن تتلقى اليونان، التي تشكل عاملا مهما في الحسابات الإستراتيجية التركية رغم أنها لا تمثل تهديدا مباشرا، دفعة من طائرات إف – 35 المتطورة في السنوات الثلاث المقبلة. وفي السنوات الماضية، وقعت مناوشات جوية متفرقة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي فوق بحر إيجة، وسبق أن عبّرت أثينا عن مخاوفها من التعزيزات العسكرية التركية.

وبالنسبة إلى طائرات تايفون، ذكر مصدر مطلع أن تركيا تقترب من إبرام صفقة مع بريطانيا ودول أوروبية أخرى ستحصل بموجبها فورا على 12 طائرة، وإن كانت مستعملة، من المشترين السابقين قطر وعُمان لتلبية احتياجاتها العاجلة.

وقال المصدر المطلع إن أعضاء كونسورتيوم يوروفايتر، بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، سيوافقون على مقترح بيع الطائرات المستعملة، على أن يتم منح تركيا 28 طائرة جديدة في السنوات المقبلة إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي للشراء.

ولذلك وضعت مناقشة المقترح على جدول أعمال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحالية إلى الخليج والتي تشمل إضافة إلى الكويت كلا من قطر وسلطنة عمان حيث تمثّل أعداد الطائرات والأسعار والأطر الزمنية هي القضايا الرئيسية في المحادثات.

وقالت مصادر إنه من المتوقع أن يستضيف أردوغان بعد ذلك رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث من المتوقع أن يتم إبرام اتفاقات.

يانكي باغجي أوغلو: نظام الدفاع الجوي لدينا ليس في المستوى المطلوب.. أخفقنا في تطويره
يانكي باغجي أوغلو: نظام الدفاع الجوي لدينا ليس في المستوى المطلوب.. أخفقنا في تطويره

وصرح متحدث باسم الحكومة البريطانية لرويترز بأن مذكرة التفاهم التي وقّعتها بريطانيا وتركيا في يوليو تمهد الطريق “لطلبية بمليارات الجنيهات الإسترلينية تصل إلى 40 طائرة،” وأضاف “نحن نتطلع إلى الاتفاق على تفاصيل التعاقد النهائية قريبا”.

وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الذي كان في أنقرة الأسبوع الماضي، إن برلين تدعم شراء الطائرات، وقال في وقت لاحق لقناة إن.تي.في التلفزيونية إن الصفقة قد تتم في غضون عام.

وذكرت وزارة الدفاع التركية أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي وأن المحادثات مع بريطانيا تسير في اتجاه إيجابي، مضيفة أن أعضاء الكونسورتيوم الآخرين يدعمون الصفقة. ولم تعلق قطر وعمان بعد.

وثبت أن الحصول على طائرات إف – 35 المتطورة أكثر صعوبة بالنسبة إلى أنقرة، التي مُنعت من شرائها منذ عام 2020 عندما فرضت واشنطن عليها عقوبات بموجب قانون “مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات” بسبب شرائها لمنظومة الدفاع الجوي الروسية إس – 400.

وأخفق أردوغان في إحراز تقدم في هذه القضية في اجتماع عقد بالبيت الأبيض مع الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي. لكن تركيا لا تزال تهدف إلى الاستفادة من العلاقات الشخصية الجيدة بين الزعيمين، ومساعدة أردوغان في إقناع حركة حماس الفلسطينية بالتوقيع على خطة ترامب لوقف إطلاق النار في غزة.

وقالت مصادر منفصلة إن أنقرة تفكر في اقتراح خطة قد تتضمن إعفاء رئاسيا أميركيا للتغلب على عقوبات قانون مكافحة أعداء أميركا وتمهيد الطريق لحل قضية إس – 400 وشراء طائرات إف – 35 في نهاية المطاف.

ولا تزال حيازة تركيا لمنظومة إس – 400 هي العقبة الرئيسية أمام شراء طائرات إف – 35، لكن أنقرة وواشنطن عبرتا علنا عن رغبتهما في التغلب على هذه المشكلة، وقالتا إن لديهما الإرادة السياسية لتحقيق ذلك.

وقالت المصادر إن الإعفاء المؤقت المحتمل، إذا تم منحه، يمكن أن يساعد أنقرة على زيادة التعاون الدفاعي مع واشنطن وربما حشد الدعم في الكونغرس الأميركي الذي كان متشككا تجاه تركيا في الماضي.

حيازة تركيا لمنظومة إس – 400 لا تزال هي العقبة الرئيسية أمام شراء طائرات إف – 35

وذكر هارون أرماجان نائب رئيس الشؤون الخارجية في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لرويترز “يدرك الجانبان أنه يتعين حل مشكلة قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات. سواء كان إعفاء رئاسيا أو قرارا من الكونغرس، فإن الأمر متروك للولايات المتحدة”.

وأضاف “يبدو الأمر غريبا مع كل الاتصالات الدبلوماسية الأخرى والتعاون الذي يحدث في الوقت نفسه”.

ولم ترد وزارة الخارجية التركية على أسئلة حول طرح فكرة الإعفاء على الأميركيين أو المناقشات حول حل قضية إس – 400. ولم يعلق البيت الأبيض حتى الآن على ما إذا كانت أنقرة قد طرحت خيار الإعفاء.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن ترامب يدرك الأهمية الإستراتيجية لتركيا وإن “إدارته تسعى إلى إيجاد حلول مبتكرة لجميع هذه القضايا العالقة”، لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل.

وردا على سؤال حول اتفاق تركيا المنفصل لشراء 40 طائرة من طراز إف – 16، وهي مقاتلة من الجيل السابق، أفاد مصدر أميركي بأن المحادثات تعثرت بسبب المخاوف التركية بشأن السعر والرغبة في شراء طائرات إف – 35  الأكثر تقدما بدلا من ذلك.

وبسبب الإحباط من العلاقات المتقلبة بين الدفء والفتور في ما سبق مع الغرب وبعض قرارات حظر السلاح، طورت أنقرة مقاتلة شبح خاصة بها هي المقاتلة قآن. ومع ذلك، يعترف المسؤولون أن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تحل محل طائرات إف – 16 التي تشكل العمود الفقري لقواتها الجوية.

وتعتبر تحديثات الطائرات جزءا من جهود أوسع نطاقا لتعزيز الدفاعات الجوية متعددة الطبقات التي تشمل أيضا مشروع “القبة الفولاذية” المحلي في تركيا وتوسيع نطاق تغطية الصواريخ بعيدة المدى.

وقال يانكي باغجي أوغلو، وهو عضو في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري المعارض وبريغادير جنرال سابق في القوات الجوية التركية، إنه يجب على تركيا تسريع خططها الخاصة بطائرات قآن ويوروفايتر وإف – 16.

وأضاف “في الوقت الحالي، نظام الدفاع الجوي لدينا ليس بالمستوى المطلوب”، ملقيا باللوم على “الإخفاقات في إدارة المشروع”.

1