ترامب يلوّح بـ"حدث عظيم" في الشرق الأوسط: غموض يسبق لحظة الحسم
القاهرة- في خضم الترقب الإقليمي لأيّ مبادرة تفضي إلى وقف الحرب المستعرة في قطاع غزة، فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة جديدة من التكهنات بإعلانه أن “الجميع على أهبة الاستعداد لحدث استثنائي في الشرق الأوسط.”
ورغم أن التصريح جاء مقتضبا وخاليا من التفاصيل، إلا أنه يكتسب دلالات خاصة في ضوء التوقيت السياسي والتحركات الدبلوماسية المتسارعة التي تقودها واشنطن.
وتزامن كلام ترامب مع ما بدا أنه تحرك مصري استباقي لدعم مبادرة أميركية لم تُعلن رسميا بعد، حيث كشف وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي عن ملامح خطة تتضمن إعادة إعمار غزة، ورفض الضم، وضمان بقاء السكان في أراضيهم، والسماح بعودة من غادروا القطاع.
وفي هذا السياق، يبدو تصريح ترامب بمثابة مقدمة لمبادرة يتم تسويقها تدريجيا عبر حلفاء واشنطن في المنطقة، وفي طليعتهم مصر.
◄ حديث القاهرة المبكر عن المبادرة يعكس حرصا على التزام ترامب بالخطة رغم الضغوط
وتشير القراءة التحليلية لتصريح ترامب إلى أنه لا يصدر من فراغ، بل يعكس على الأرجح رغبة أميركية في تصوير المبادرة القادمة ليس فقط كخطة سياسية، بل كتحول نوعي في مقاربة واشنطن للملف الفلسطيني.
كما يفهم من هذه اللغة مرتفعة السقف أن البيت الأبيض يهيّئ الرأي العام لتقبل خطوة مهمة، سواء كانت إعلانا رسميا للمبادرة، أو فرض مسار دبلوماسي جديد على الأطراف المتحاربة.
ومن زاوية أخرى، يحمل التصريح أيضا نبرة تحذيرية مبطنة، ورسالة ضاغطة لإسرائيل التي ستشهد اليوم الاثنين لقاء حساسا بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتشير تسريبات إسرائيلية إلى أن واشنطن قد تطالب تل أبيب بطرح جدول زمني واضح لإنهاء العمليات العسكرية في غزة، وهو ما يجعل من وصف “الحدث الاستثنائي” أداة ضغط لفظية على القيادة الإسرائيلية.
وقال ترامب، الأحد، في تدوينة له على منصته “تروث سوشيال”، إن هناك “فرصة حقيقية لتحقيق إنجاز عظيم في الشرق الأوسط.”
وأضاف “الجميع على أهبة الاستعداد لحدث استثنائي، لأول مرة على الإطلاق.. سننجح في إنجاز هذا الأمر.”
وتتزامن تدوينة ترامب هذه مع استمرار الهجمات الإسرائيلية بشكل مكثف على غزة، وحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على القطاع.
كما وتأتي التدوينة عشية لقاء ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، الاثنين.
◄ تصريحات بدر عبد العاطي تعكس ارتياحا مصريا نسبيا تجاه الصيغة الحالية للمبادرة الأميركية
والسبت، أعلن ترامب، عبر تدوينة، إجراءه “اجتماعات ملهمة وفعّالة للغاية مع مجتمع الشرق الأوسط بشأن غزة.”
وأوضح أن الاجتماعات المكثفة في هذا الخصوص، مستمرة منذ 4 أيام.
وتحدث وزير الخارجية المصري عن خطة أميركية جديدة لقطاع غزة، في ما بدا ترويجا مبكرا لرؤية لم تعلن عنها الولايات المتحدة رسميا بعد، لكنها تحمل في طياتها مؤشرات على تحرك دبلوماسي دولي وإقليمي واسع النطاق.
وأكد عبدالعاطي أن المبادرة الأميركية، التي ناقشها الرئيس الأميركي مع قادة عرب ومسلمين الثلاثاء، تركز على قضايا جوهرية تشمل رفض فرض سياسة الضم وإطلاق خطة اقتصادية كبرى لإعادة إعمار غزة، وضمان بقاء السكان الفلسطينيين على أراضيهم، والسماح لمن غادر القطاع بالعودة إليه. وعلى الرغم من غياب الإعلان الرسمي عن تفاصيل الخطة، أشار عبدالعاطي إلى أن مصر ترى في هذه الرؤية خطوة مهمة نحو وقف الحرب وبدء مرحلة إعادة البناء.
وتعزز هذه التصريحات تقارير غربية تشير إلى أن واشنطن تسعى لتشكيل لجنة دولية برئاسة المبعوث البريطاني السابق توني بلير، مهمتها إدارة قطاع غزة خلال مرحلة ما بعد الحرب، عبر خطة متكاملة تتضمن إعادة الإعمار واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية.
وتعكس تصريحات عبد العاطي ارتياحا مصريا نسبيا تجاه الصيغة الحالية للمبادرة الأميركية، لاسيما أنها تختلف عن خطة مثيرة للجدل كان قد تحدث عنها ترامب في بداية العام الجاري، وتضمنت مقترحات بتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن وتحويل القطاع إلى “ريفييرا” سياحية على شاطئ المتوسط.
وقوبلت تلك الخطة برفض مصري قاطع، إذ اعتبرت مساسا مباشرا بالأمن القومي وتجاوزا لحقوق الفلسطينيين في أرضهم، ومحاولة لإعادة هندسة الجغرافيا السياسية للمنطقة بوسائل غير مقبولة.
ويشير مراقبون إلى أن ما تسرّب من ملامح الخطة الأميركية الجديدة، رغم الترحيب المصري الحذر، لا يبدو متوافقا مع الوقائع على الأرض ولا مع تعقيدات المشهد السياسي في غزة، لافتين إلى أنها أقرب إلى الطرح الخيالي، وتفتقر إلى المقومات العملية للتنفيذ، مع تقديرات بأن إسرائيل نفسها قد لا توافق على بعض بنودها الجوهرية.
ويعكس الإعلان المبكر عن تفاصيل المبادرة حرص القاهرة على أن يبقى ترامب ملتزما بخطته، وألاّ تسمح أيّ ضغوط أو خلافات داخلية أو إقليمية بإضعاف هذا التوجه، خاصة في ظل تداعيات الحرب المستمرة والتوتر مع إسرائيل.
دونالد ترامب: هناك فرصة حقيقية لتحقيق إنجاز عظيم في الشرق الأوسط
وفي هذا السياق تحدثت تقارير إسرائيلية عن استعداد السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي لزيارته الأولى إلى مصر في خطوة دبلوماسية نادرة لتهدئة التوتر على حدود غزة.
وتأتي زيارة السفير الأميركي لدى إسرائيل إلى مصر، في زيارة هي الأولى لمسؤول أميركي يشغل هذا المنصب منذ عقود، حاملا في جعبته “خطة ترامب” لإنهاء الحرب في غزة، وسط مخاوف القاهرة من تدفق لاجئين فلسطينيين إلى سيناء واتهاماتها لإسرائيل بـ”الإبادة الجماعية”.
وأعلن متحدث باسم السفارة الأميركية في القدس، أن هاكابي – القس الإنجيلي المتشدد الذي عيِن في أبريل 2025 – سيجري محادثات مع كبار المسؤولين المصريين، أبرزهم وزير الخارجية بدر عبدالعاطي.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن ثلاثة مسؤولين أميركيين وشرق أوسطيين بأن “الزيارة ستكون محورية لمعالجة التوترات بين إسرائيل ومصر، خاصة حول الحرب في غزة،” مشيرين إلى أن هاكابي سيروج للخطة الأميركية التي قدمها ترامب في 23 سبتمبر أمام قادة عرب وإسلاميين في نيويورك.