تحول لافت إلى العملات المستقرة لزيادة مرونة المدفوعات عبر الحدود
كاليفورنيا (الولايات المتحدة) - تحدث العملات المستقرة تحولًا نوعيًا في مشهد المدفوعات عبر الحدود، من خلال تقديمها حلاً فعالًا يتجاوز تعقيدات الأنظمة المالية التقليدية، حيث تستكشف كبرى شركات المدفوعات الإلكترونية السير في هذا الطريق.
وأعلنت فيزا، التي تدير أكبر شبكة في العالم، الثلاثاء أنها ستبدأ باختبار طريقة جديدة للشركات لتمويل المدفوعات الدولية، من خلال السماح لها باستخدام هذه النوعية من العملات بدلاً من الإيداع المسبق للأموال في الحسابات المحلية.
والعملات المستقرة هي رموز رقمية مصممة للحفاظ على قيمة ثابتة. وغالبًا ما تكون مدعومة بأصول تقليدية مثل الدولار الأميركي أو سندات الخزانة.
وتشير خطوة فيزا إلى تزايد قبول هذه الرموز الرقمية بين الشركات الكبرى، التي شجعها إقرار الولايات المتحدة لقانون “جينيوس”، وهو قانون وضع قواعد واضحة لمصدري العملات المستقرة.
وقال مارك نيلسن، رئيس قسم المنتجات لحلول فيزا التجارية وحلول تحويل الأموال، في مقابلة مع رويترز “غيّر قانون ‘جينيوس’ كل شيء. لقد جعل كل شيء أكثر شرعية بكثير. قبل هذا الوضوح التنظيمي، كانت جميع المؤسسات الكبرى مترددة نوعًا ما.”
وعلى عكس التحويلات البنكية التي قد تستغرق أيامًا وتتطلب المرور عبر سلسلة من البنوك الوسيطة، تتيح العملات المستقرة تنفيذ التحويلات بشكل شبه فوري، مع تقليل التكاليف المرتبطة بالرسوم البنكية وأسعار الصرف.
ويعود الفضل في ذلك إلى اعتمادها على تقنية البلوكشين التي تسمح بإجراء المعاملات على مدار الساعة، دون الحاجة إلى تدخل بشري أو انتظار أوقات الدوام الرسمي.
ومن خلال ربط قيمتها بعملات رئيسية مثل الدولار أو اليورو، تقلّل العملات المستقرة تقلبات الأسعار التي تعاني منها العملات الرقمية الأخرى، ما يجعلها خيارًا موثوقًا في العمليات التجارية العابرة للحدود.
وتوفر هذه العملات مستوى عالٍ من الشفافية، إذ يمكن تتبع كل معاملة بشكل فوري عبر الشبكة، ما يعزز الثقة ويقلل من مخاطر الاحتيال أو الفقدان.
كما تُعد العملات المستقرة أداة تمكين مهمة للشركات الناشئة والمستخدمين في الاقتصادات النامية، حيث تعاني أنظمتهم البنكية من ضعف البنية التحتية أو القيود التنظيمية.
العملات المستقرة رموز رقمية مصممة للحفاظ على قيمة ثابتة وغالبًا ما تكون مدعومة بأصول تقليدية مثل الدولار
وعبر استخدام محافظ رقمية بسيطة، بات بإمكان هؤلاء إرسال واستقبال الأموال عالميًا دون المرور بحواجز مصرفية معقدة.
ومع تزايد تبنّي المؤسسات المالية الكبرى والمشرّعين لهذا النوع من الأصول الرقمية، يبدو أن العملات المستقرة تمهد الطريق نحو نظام مالي عالمي أكثر كفاءة وسرعة وشمولًا.
وتؤكد شركة فيزا، ومقرها سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية، أنها تعمل مع شركاء، لم تُسمّهم، لتنفيذ مبادرتها، وتخطط لتوسيع البرنامج التجريبي خلال العام 2026.
وستسمح هذه المبادرة التجريبية للبنوك وشركات التحويلات المالية والمؤسسات المالية الأخرى بتمويل الحسابات مسبقًا بالعملات المستقرة بدلاً من العملات التقليدية.
ويمكن أن تُسرّع هذه الخطوة المعاملات عبر الحدود وتُحرر السيولة النقدية، إذ غالبًا ما تضطر الشركات إلى إيداع أموالها بعملات متعددة حول العالم لتغطية المدفوعات المحلية.
وقد أثارت فائدة العملات المستقرة في نقل الأموال بسرعة عبر الحدود مخاوف من أنها قد تُضعف هيمنة بعض شركات الدفع والبنوك الإقليمية على السوق.
وقد بدأت الثورة الرقمية في بناء أرضية لولادة عملات رقمية عامة مثل العملات الرقمية للبنوك المركزية أيضا، والتي تتقاسم ميزة القدرة على البرمجة مع نظيراتها الرقمية الخاصة.
ولكن باعتبارها تمثيلات افتراضية للعملات الورقية القائمة، فإنها تتجنب التقلبات الناتجة عن المضاربة والوضع التنظيمي الذي تسبب في تعثر العملات المشفرة ذات المعايير الخاصة.
ولئن كانت العملات الرقمية متقدمة على العملات المشفرة الخاصة في هذه النواحي، فإنها تتراجع في نواح أخرى، فبحكم التعريف تم تصميمها لتسوية المدفوعات بموجب بنك مركزي معين، وليس كجزء من شبكة عالمية سلسة.
وقال ماثيو تاتل، الرئيس التنفيذي لشركة تاتل كابيتال مانجمنت، “تتحول العملات المستقرة من مجرد حيلة في عالم العملات المشفرة إلى مصدر دخل مالي.”
وأضاف “هذا أحد أسباب إطلاقنا صندوقًا عكسيًا متداولًا في البورصة للبنوك الإقليمية، إذ أعتقد أن البنوك الإقليمية تواجه صعوبات.”
ومع ذلك، يُسلط برنامج فيزا التجريبي الضوء على كيفية تركيز بعض الشركات القائمة على التعاون بدلًا من المنافسة، وهو ما يُحوّل العملات المستقرة إلى أداة لتعزيز بنيتها التحتية الخاصة.
ويعتقد نيلسن أنه “من الصعب إعادة إنتاج كمية البرامج والتقنيات المستخدمة عالميًا في المدفوعات. لذا، يبدو من الأرجح دمج تقنية العملات المستقرة في التدفقات الحالية.”