تحول في موقف حاكم دارفور: منفتح على الدعم السريع وصمود
الخرطوم - أحدثت تصريحات رئيس حركة جيش تحرير السودان، حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، جدلا واسعا على الساحة السياسية السودانية، لاسيما لجهة إبدائه استعدادا للتواصل مع التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” وقوات الدعم السريع.
ومنذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل 2023، أعلن مناوي انحيازه للجيش في مواجهة قوات الدعم السريع، وحرص على إظهار مواقف متشددة حيال الأخيرة، وأيضا تجاه القوى المدنية الرافضة للحرب.
ويرى مراقبون أنه من المبكر جدا قراءة التغير المسجل في خطاب حاكم إقليم دارفور، على أنه بصدد مراجعة تحالفاته في الداخل، حيث أنه لا يزال طرفا أصيلا في معسكر الجيش، وقد حصل على مبتغاه في تشكيلة حكومة كامل إدريس.
ويشير المراقبون إلى أن المواقف التي عبر عنها مناوي قد تكون في سياق المناورة للضغط على قيادة الجيش، خصوصا بعد أزمة التعيينات في حكومة “الأمل”، والتي وإن تم تجاوزها لكن مخلفاتها لا تزال حاضرة.
وشهدت العلاقة بين الحركات المسلحة والجيش توترا، خلال الفترة الماضية، بسبب المشاركة في الحكومة، حيث تمسكت حركات دارفور بالحفاظ على حصتها الحكومية التي نص عليها اتفاق جوبا للسلام، في المقابل سعت قوى داخل معسكر الجيش للنيل منها، وهو ما خلف أزمة ثقة بين الطرفين.
ويعتقد المراقبون أن تصريحات مناوي الأخيرة ترتبط في جانب منها بالجهود التي تقودها الولايات المتحدة لرسم خارطة طريق للسلام في السودان، وهذه التصريحات هي بمثابة نزول متدرج عن الشجرة التي صعدها معسكر الجيش منذ اندلاع الحرب.
وأعرب مناوي في تصريحات صحفية الأحد، عن انفتاحه على إمكانية التواصل مع تحالف القوى المدنية الديمقراطية لقوى الثورة “صمود” وكذلك مع قوات الدعم السريع، شريطة “أن يظهر الطرفان مواقف إيجابية تصب في مصلحة الوطن”، مؤكداً أن “الجميع ينتمون إلى السودان ويجب أن يسعوا معاً نحو مستقبل مشترك.”
وحذر حاكم إقليم دارفور من محاولات تهميش القوى السياسية لصالح أطراف أخرى. وأشار إلى وجود جهات تسعى إلى إقصاء الأحزاب من المشهد العام، وهو ما اعتبره مناوي توجها خطيرا يهدد التوازن السياسي ويقوض فرص الحل الشامل.
وأوضح أن الانفتاح السياسي يجب أن يكون قائما على المواقف لا على الانتماءات، وأن أي طرف يثبت جديته في الحل يمكن أن يكون جزءا من الحوار الوطني.
تصريحات مناوي الأخيرة ترتبط في جانب منها بالجهود التي تقودها الولايات المتحدة لرسم خارطة طريق للسلام في السودان
وانتقد مناوي التعاطي الرسمي السوداني مع أزمة الفاشر وقال إن هناك فتورًا واضحًا في تعامل الجهات الرسمية والمنظمات المتعددة مع الأزمة المستمرة في الفاشر، مشددًا على أن هذا التراخي جاء عقب استرداد العاصمة الخرطوم والجزيرة من قوات الدعم السريع.
وأضاف أن هذا التوجه يثير القلق بشأن أولويات الدولة في التعامل مع الكوارث الإنسانية، خاصة في المناطق التي لا تزال تعاني من الحصار والنقص الحاد في المواد الأساسية.
وفيما يتعلق باجتماعات الرباعية المرتقبة في العاصمة الأميركية واشنطن نهاية الشهر الجاري، دعا مناوي الدول المشاركة إلى تقديم خارطة طريق تعكس تطلعات الشعب السوداني وتستند إلى إرادته الحرة، بدلًا من الاكتفاء بالمواقف الرمادية التي لا تسهم في إنهاء الأزمة.
ورحب رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، القيادي بتحالف “صمود” بتصريحات مناوي، لاسيما بخصوص التواصل مع الآخرين بشأن إنهاء الحرب في السودان.
واعتبر الدقير في تصريح صحفي تصريحات مناوي بأنها تمثل تطورا إيجابيا في سياق البحث عن حل سياسي سلمي للأزمة الوطنية الراهنة.
وجدد القيادي في “صمود” الدعوة لقيادتي القوات المسلحة والدعم السريع إلى العودة لطاولة التفاوض، بهدف التوصل إلى اتفاق لإيقاف إطلاق النار، بما يسمح بالتصدي للكارثة الإنسانية المتفاقمة واتخاذ تدابير فعّالة لحماية المدنيين.
ودعا الدقير القوى المدنية إلى توحيد أصواتها المنادية بإيقاف الحرب، وتعزيز التواصل في ما بينها لابتدار عملية سياسية – عبر مائدة مستديرة – تقود لطي صفحة الحروب، وصون وحدة البلاد من خلال التوافق على أسس بناء وطني جديد يسع جميع السودانيين والسودانيات، بلا تمييز ولا تهميش.