تجربة غازي القصيبي بين الشعر والرواية في مهرجان كتارا
الدوحة - حلت الرواية السعودية ضيف شرف لمهرجان كتارا للرواية العربية، الذي انطلقت فعالياته بالعاصمة القطرية الدوحة، مع احتفاء واسع بالأديب والدبلوماسي الراحل غازي القصيبي، والذي اختير شخصية العام، وتضمن المعرض إلى جانب سيرته الذاتية مقتبسات من مؤلفاته التي تربو على 70 كتابًا في مجالات الأدب والشعر والفكر والتنمية.
وصاحبت المهرجان معارض مخصصة، ومشاركة واسعة على المستويين الإقليمي والدولي. وأقيمت ندوة عن القصيبي، تناولت تجربته الأدبية الموزعة بين الشعر والرواية، وشارك فيها عدد من الأكاديميين والنقاد السعوديين، وهم معجب الزهراني، وسعيد السريحي، ومحمد الصفراني، فيما أدارها الإعلامي والناقد محمد بودي.
وقدم الزهراني ورقة بعنوان “غازي القصيبي ونموذج المثقف الرمز”، استعرض خلالها شخصية القصيبي المتنازع بين الإبداع الأدبي والإدارة والدبلوماسية على مدى نصف قرن.
الدورة الحالية تميزت بعدد المشاركات في منافساتها؛ حيث بلغ 1900 مشاركة، إلى جانب تنوع فعالياتها ومشاريعها وأنشطتها
وركز على تحول القصيبي من النموذج الناجح في غير مجال ومقام إلى الشخصية الرمزية المعروفة اليوم، مشيرا إلى أن أسباب هذا التحول تكمن في ثلاثة عناصر، أولها تنوع الطاقات الخلاقة التي نادرا ما تجتمع في فرد واحد، والأندر من ذلك تنميتها وصقلها بشكل متوازن خلال مرحلة التعلم. ثانيها التمكن من بلورة رؤية نقدية حرة تتعلق بالذات والعالم، نتيجة تحويل المعرفة الجادة إلى مغذ أساسي للوعي. وثالثها الحرص على تنمية البعد الإنساني في الذات بحيث تكون شخصية غيرية، حريصة على المصالح العامة وعطوفة على الإنسان الفرد أمام السلطة، بالانحياز له قولا وعملا وفكرا وخلقا.
بدوره، تناول الصفراني ظاهرة تحول القصيبي من الشعر إلى الرواية، مقدما ورقة بعنوان “الشعراوية، بحث في المحاقلة بين فني الشعر والرواية”، وعرف المحاقلة بأنها عملية نقل مفاهيم حقل علمي إلى حقل آخر واستثمارها في تحليله.
وابتكر مصطلح “الشعرانية” المستلهم من تعليق القصيبي عند دهشته من الاحتفاء الكبير بروايته “شقة الحرية” مقارنة بعدم صدى دواوين شعره السابقة، وبنى الصفراني مداخلته في الندوة على هذا الأساس.
فيما قدم السريحي ورقة بعنوان “الرواية باعتبارها قناعا”، تناول فيها بعض روايات غازي القصيبي بالتحليل والنقد.
كما تم افتتاح معرض “رحلة في الرواية السعودية من التأسيس إلى العالمية”، بمناسبة اختيار الرواية السعودية ضيف شرف الدورة الحالية للجائزة، مسلطًا الضوء على الرواية السعودية في كل محطة من محطاتها، والتي توجت مشوارها الذي يقترب من مئة عام بحصد جوائز إقليمية وعالمية.
وبين خالد بن إبراهيم السليطي مدير عام المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا أن جائزة كتارا للرواية العربية حققت العديد من الإنجازات خلال أحد عشر عامًا، حيث رسخت مكانتها بصفتها أهم منصة عربية تحتفي بفن الرواية وتعزز حضوره على المستويين الإقليمي والدولي.
الفعاليات تشهد مشاركة بارزة من روائيين ونقاد خليجيين وعرب
وأشار إلى أن الجائزة شهدت إقبالًا متزايدًا من الكتاب والمبدعين، وأسهمت في إيصال الصوت السردي العربي إلى العالمية من خلال اعتماد اليونسكو للأسبوع العالمي للرواية خلال الفترة من 13 إلى 19 أكتوبر من كل عام، بناءً على اقتراح من المؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، دعمته المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم (الألكسو)، ووزراء الثقافة العرب.
وتشهد الفعاليات مشاركة بارزة من روائيين ونقاد خليجيين وعرب، يناقشون من خلال الندوات وورش العمل التدريبية قضايا وإشكالات تهدف إلى الارتقاء بالرواية العربية وتعزيز تنافسيتها بين الأعمال المكتوبة بلغات أجنبية متعددة. كما عرفت أجنحة معرض كتارا للكتاب إقبالا كبيرا من القراء، وخاصة محبي الأدب.
بدوره بين خالد عبدالرحيم السيد، مدير إدارة الفعاليات والشؤون الثقافية بكتارا، أن الدورة الحالية تميزت بعدد المشاركات في منافساتها التي بلغت 1900 مشاركة، إلى جانب تنوع فعالياتها ومشاريعها وأنشطتها، إضافة إلى معرض كتارا للكتاب، الذي يشارك فيه 103 من الناشرين وأصحاب المكتبات.
وأوضح أن المشاركات في جائزة كتارا للرواية العربية على أعتاب دورتها الحادية عشرة، بلغت أكثر من 17 ألف مشاركة، وبلغ عدد الفائزين بجوائزها 183 فائزًا، وبلغت إصداراتها 253 إصدارًا باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، حيث استطاعت كتارا أن تكون محطة جديدة في تاريخ الرواية العربية وأن تكرس للرواية “حق التكريم”.
واستوقفت العديد من زوار المعرض فعالية الرسم الحر التي قدمها أربعة رسامين تشكيليين، توزعوا على أركان القاعة 12 لتجسيد الأفكار التي تقوم عليها أشهر الروايات السعودية الحديثة، والتي تعالج قضايا المجتمع، من بينها رواية “العصفورية” لغازي القصيبي ورواية “طوق الحمام” للروائية رجاء عالم.