تآكل جديد في قيمة الريال يفاقم تدهور معيشة اليمنيين
عدن - شهدت العملة اليمنية تراجعا جديدا في قيمتها، ما يزيد من متاعب الناس الذين يرزحون تحت وطأة الفقر وغلاء الأسعار، في وقتٍ تغيب فيه السياسات الفاعلة والرقابة المالية في بلد تمزقه الحرب منذ عشر سنوات.
وسجل الريال تراجعا الأحد الماضي ليصل إلى 2760 ريالا مقابل الدولار الأميركي، في أدنى مستوى له منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2015.
وحذر خبراء من تداعيات استمرار تراجع قيمة الريال، الذي سيؤثر على المخزون السلعي وارتفاع تكاليف النقل والتأمين وإمدادات الغذاء ويزيد من معاناة اليمنيين.
وقال الخبير الاقتصادي رمزي سلطان إن “تقلبات سعر الصرف المستمرة هي المحرك الأساسي لتفاقم ظروف المعيشة، إذ أنها تخفض الأجور الحقيقية وتوقد التضخم وتتسبب في نقص حاد في السلع الأساسية.”
وأوضح في حديث مع وكالة شينخوا الصينية أن ذلك الوضع يقوض ثقة المستهلك والنشاط التجاري، ويسرّع من هجرة رؤوس الأموال ويزيد من الفقر والبطالة.”
2760
ريالا هو السعر الذي بلغه صرف الدولار في مناطق الشرعية، وهو أدنى مستوى منذ 2015
وأرجع سلطان هذا الانهيار إلى اختلالات جوهرية في السياسة المالية والنقدية، مشيرا إلى أن الحكومة تواجه انخفاضا في الإيرادات، بينما تواصل نفقات الدولة في التفاقم.
وأضاف أن “المشكلة تفاقمت بسبب انقسام النظام المصرفي بين سلطتين في صنعاء وعدن، إذ يتم تداول الدولار في المناطق الخاضعة للحوثيين بسعر يقارب 537 ريالًا بالاعتماد على أوراق نقدية قديمة، تعاني من قيود شديدة في السيولة.”
وأشار سلطان إلى أن هذا الانقسام المؤسسي أضعف سيطرة البنك المركزي على السياسة النقدية وسمح للسوق السوداء بالتلاعب بأسعار الصرف.
ومنذ سنوات يعاني اليمن من وجود سعرين متباينين لسعر الصرف، إذ يتم صرف الدولار حاليا بمناطق سيطرة الحوثيين بنحو 535 ريالا مقارنة بما هو عليه في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وبينما سعر العملة في مناطق سيطرة الحكومة قائم على العرض والطلب، يفرض الحوثيون سعرا محددا بعيدا عن التعويم.
وسبق أن أكدت الحكومة أنها تعاني من أزمة مالية حادة رغم المساعدات المالية من السعودية، جراء استمرار توقف تصدير النفط منذ أكتوبر 2022، بعد هجمات لجماعة الحوثي استهدفت موانئ نفطية.
ما يقرب من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويكافحون من أجل الحصول على وجبتهم التالية
ويؤدي استمرار تدهور العملة بين الفينة والأخرى إلى خروج العشرات من السكان في احتجاجات بمدن خاضعة تحت سيطرة الشرعية مثل العاصمة المؤقتة عدن وتعز، مطالبين بسرعة العمل على وقف انهيار الريال وإصلاح الخدمات العامة.
وقال محمد المحرابي، الموظف في وزارة التربية، إن “راتبي لا يكفي لتغطية احتياجات الأولاد من الطعام والشراب، وتأخير الرواتب لأشهر، يجعل الديون تتراكم.”
وأضاف “أضطر لمزاولة مهنة قيادة سيارة أجرة حتى أتمكن من زيادة دخلي، ولكن مع ارتفاع أسعار الوقود أصبحت المهنة الإضافية بلا جدوى.”
وتابع حسين علي الذي يعمل باليومية، “أمارس عملي بشكل يومي وأتقاضى 15 ألف ريال نحو (7 دولارات) في أعمال البناء والزراعة والنجارة ولدى عائلة من ستة أفراد والوضع صعب للغاية.”
وكانت ثلاث منظمات تابعة للأمم المتحدة أكدت يوم الأحد الماضي أن ما يقرب من نصف السكان في مناطق الحكومة اليمنية يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، محذرة من تفاقم الأزمة في الأشهر المقبلة.
وذكر بيان مشترك صادر عن برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن “وضع الأمن الغذائي في مناطق الحكومة اليمنية حرج.”
وأشار البيان إلى أن ما يقرب من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويكافحون من أجل الحصول على وجبتهم التالية. وحذر من “تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة.”
ويظهر آخر تحديث جزئي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي صورة قاتمة للمحافظات الجنوبية، إذ يواجه حوالي 4.95 مليون شخص حالة من انعدام الأمن الغذائي ترقى إلى مستوى الأزمة أو ما هو أسوأ، بما في ذلك 1.5 مليون شخص في حالة طوارئ خلال الأشهر المقبلة، وفق البيان.