بنية رقمية جديدة تعزز موقع المغرب كمركز تكنولوجي إقليمي
 
الرباط- يمضي المغرب بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كفاعل رقمي إقليمي بعد الإعلان عن الشروع في بناء مركز بيانات عملاق يعمل بالكامل بالطاقة المتجددة وبقدرة تصل إلى 500 ميغاواط.
ويمثل المركز أحد أكبر منشآت تخزين ومعالجة البيانات في أفريقيا بما يجعل منه رافعة اقتصادية وتقنية غير مسبوقة.
وقالت وزيرة التحول الرقمي المغربية أمل الفلاح السغروشني الأربعاء إن المغرب يعتزم بناء مركز بيانات بقدرة 500 ميغاواط يعمل بالطاقة المتجددة ويهدف إلى تعزيز أمن تخزين البيانات.
وأضافت السغروشني “من خلال هذه الشبكة من مراكز البيانات، لا تؤكد المملكة على سيادتها الرقمية فحسب، بل تؤكد أيضا على طموحها في أن تصبح مركزا رقميا إقليميا يخدم أفريقيا”.
 
وتكمن أهمية هذا الاستثمار في كونه يندرج ضمن رؤية إستراتيجية تهدف إلى تقليص التبعية التكنولوجية للخارج، وتعزيز السيادة الرقمية.
ويرى خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية، في تصريح لـ”العرب” أن هذا التوجه يتماشى مع سعي المغرب لتعزيز سيادته الرقمية وبناء قطاع تكنولوجي وطني مستقل يضمن أمن البيانات ويحمي الخصوصية، مضيفا أن هذا المسار محفوف بتحديات أهمها كلفة الاستقلال الرقمي، وممانعة القوى الكبرى لتوسع تقني مستقل للدول الصاعدة.
ولفت إلى أن المغرب لا يزال في بداية طريق البحث العلمي وتطوير مؤسسات التكوين، وسط تحديات هجرة العقول التي تهدد استدامة الكفاءات.
ويبني عدد من الدول مراكز بيانات للتأكد من تخزين البيانات الحساسة ومعالجتها داخل حدودها.
ويمكن أن تملك هذه المراكز أو تديرها شركات مملوكة للدولة أو القطاع الخاص، مع الإبقاء على البيانات تحت السلطة القانونية للدولة المضيفة.
ويعد هذا المشروع الذي سيكون في مدينة الداخلة بالصحراء المغربية، الثاني من نوعه في المغرب حيث سبق أن أطلقت الرباط أول تلك المراكز بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية. ويقدم المركز خدمات الاستضافة السحابية للمؤسسات المحلية الحكومية والخاصة منذ يناير.
ويخطط المغرب لاستثمار 11 مليار درهم (1.22 مليار دولار) في إستراتيجيته للتحديث الرقمي خلال الفترة من 2024 إلى 2026، والتي تشمل الذكاء الاصطناعي وتوسيع نطاق نشر الألياف الضوئية.
ويعكس التحول الرقمي الذي يسعى المغرب إلى تسريعه عبر هذه المشاريع فهما عميقا لطبيعة الاقتصاد العالمي الجديد، حيث تحولت البيانات إلى أحد أهم الأصول الإستراتيجية، مثلها مثل الثروات الطبيعية والسياحة.
1.22
مليار دولار قيمة الاستثمارات المغربية للتحديث الرقمي خلال الفترة من 2024 إلى 2026، والتي تشمل الذكاء الاصطناعي
ومن بين الأبعاد اللافتة في هذا المشروع، الالتزام الكامل بالعمل بالطاقة المتجددة، فالمغرب الذي راكم خبرة واسعة في هذا المجال من خلال المحطات الشمسية “نور” ومشاريع الرياح، يترجم اليوم هذا المسار البيئي إلى مكاسب تقنية، خاصة أن الطلب العالمي يتزايد على مراكز البيانات الخضراء.
ويرى العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الاختيارات الإستراتيجية للمغرب في مجال الطاقات المتجددة والسيادة الرقمية تفرض إنشاء مثل هذا المركز لتخزين البيانات الرقمية، خاصة أن المغرب يملك مخططا للإدارة الرقمية في أفق 2030، ومن جهة أخرى هذا التوجه بالسياسة العمومية للحكومة والسياسة العامة للدولة ينحو إلى أرشفة المعلومات ورقمنة الإدارات وتخزينها والحفاظ على سريتها وحمايتها من الاختراق.
وأضاف العباس الوردي لـ”العرب”، “نحن نتحدث عن بنية ستفرد حيزا هاما للطاقة المتجددة باعتبارها عنصرا مكملا، وهو ما يؤكد أن المملكة تتجه إلى بدائل الطاقة الكفيلة بخلق الفارق خاصة في المناطق التي تنعم بموارد الطاقة كالشمس والرياح مثل مدينة الداخلة وكذلك في إطار البرامج المواكبة للطاقة المتجددة ‘نور1‘ و‘نور2‘، بالإضافة إلى المحطات الأخرى، والتي تعكس الاهتمام الإستراتيجي للدولة ومواكبة المتغيرات التي تعرفها بنية المناخ دوليا ومحليا بالاستثمار المكثف في الطاقات البديلة.”
وشدد العباس الوردي لـ”العرب” على أن اختيار مدينة الداخلة كمكان لانجاز هذا المشروع الجيوطاقي مرتبط بفتح الاستثمار المحلي والدولي في الأقاليم الجنوبية ، في إطار سيادة الصحراء المغربية التي تعرف إشعاعا مهما لجذب الاستثمار الدولي والتعاون بين المملكة وحلفائها الإستراتيجيين، بتعزيز مؤهلاتها لتكون جاهزة وتحتوي على مؤهلات تمكنها من التنافسية الاقتصادية، من خلال توحيد الرؤية وخلق المناخ لتبادل التجارب وخلق بنية معرفية ومعلوماتية قادرة على تجاوز كل التحديات الرقمية أو تلك المرتبطة بالطاقات المتجددة .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
        
      
    