"بنت يامنة" وثائقي يرصد تحديات المرأة في صعيد مصر
القاهرة – عرضت المخرجة المصرية مروة الشرقاوي فيلمها الوثائقي “بنت يامنة”، في سينما الهناجر، ضمن فعاليات مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة، وذلك في إطار برنامج مسار الفنون المجتمعية، الذي يُقام في الدورة الثالثة لمهرجان إيزيس، بالتعاون مع مهرجان الفنون المجتمعية في دورته الثامنة.
يوثّق الفيلم تجربة شخصية لفتاة تُدعى نور من أسيوط، وهي أكبر مدن صعيد مصر، تعرض التحديات التي تواجهها هي وأسرتها، والتي تواجه الفتيات، خاصةً في صعيد مصر، كما يُسلّط الضوء على قيم الصمود والإصرار، وكيف يمكن للمرأة أن تحوّل الصعوبات إلى قوة.
وأعقبت عرض الفيلم جلسة نقاشية، بحضور نور ووالدتها يامنة، شهدت تفاعلًا كبيرًا من الحضور، وشارك فيها الفنانة سلوى محمد علي، والفنان مصطفى عماد.
عبَّرت نور في البداية، عن سعادتها بالفيلم، وقالت: “لدي شعور غريب، لأن الفيلم جعلني أرى نور القوية التي لم أكن أراها بداخلي، وأبهرتني طريقة السرد، ورغم تخوفي من أنني تحدثت عن أشياء كثيرة في الفيلم، إلا أنني أريد أن أشكر المخرجة مروة الشرقاوي على الصورة التي أظهرتني بها، وجعلتني فخورة بنفسي وبوالدتي.”
ونور متطوعة في برنامج أندية السكان من أسيوط، وعضو في فرقة “نواة” المسرحية، التي تناقش القضايا المعاصرة وتعبّر عنها، بعروض يشاهدها أهالي القرى.
وتحدثت يامنة والدة نور عن أحاسيسها كأم، وكيف تشعر بأنها لم تقدم الكثير لأبنائها، وتتمنى أن تراهم في مناصب جيدة، خاصةً بعد حصول نور على درجة الماجستير مؤخرًا.
وأشارت الفنانة سلوى محمد علي إلى أنها قبل مشاهدة الفيلم، تخوفت من أن تكون رسالته مباشرة، لأن طبيعة الفيلم الوثائقي تميل إلى تقديم الفكرة بشكل واضح ومباشر، لكن ما أنقذه من هذه النقطة هو حضور نور ووالدتها وجدتها المتميز، وطريقتهن في السرد، لافتةً إلى أنهن تحدثن ببساطة، وهذا دليل على قوتهن، وبحثهن عن النقط المضيئة دائمًا في حياتهن.
ونوَّهت الفنانة سلوى محمد علي بأهمية الفرق مثل فرقة “نواة” المسرحية، لأنها تقدم عروض تتناول القضايا والمشكلات التي يعيشونها على المسرح، مبينةً أن الأهم من تقديم رسائل مباشرة هو التراكم الذي يصل بالجمهور إلى الرسالة، فتتسلل إليه بشكل غير مباشر.
وقالت مدير برنامج الشباب في صندوق الأمم المتحدة للسكان سعاد السيد: “لدينا مشروع مع مؤسسة ‘اتجاه’ ووزارة الشباب والرياضة، هذا المشروع يحرّكه الشباب بأفكارهم، من عروض مسرحية إلى موسيقى، كل شيء يأتي منهم،” مشيرةً إلى أن علاقتها بنور بدأت خلال تدريب في دمياط.
وقال الفنان مصطفى عماد إنه أحد أعضاء مشروع “نواة”، ومتطوع منذ عام 2020 في أسيوط ومنذ عام 2021 بالقاهرة، وعضو بفرق “شمندورة”، وهي عبارة عن متطوعين يعملون على كتابة الأغاني وتلحينها في عروض بالقرى، مضيفًا: “من الصعب أن توجّه نصيحة بشكل مباشر ويستمع الجمهور إليها، لكن الأمر يصبح أسهل من خلال العروض، لأنهم يسعدون بها ويتفاعلون معها، لذلك سأظل عضوًا متطوعًا في مؤسسة “اتجاه”، لأننا نقدم شيئًا مهمًا في محافظات كثيرة.”
أعقبت عرض الفيلم جلسة نقاشية، بحضور نور ووالدتها يامنة، شهدت تفاعلًا كبيرًا من الحضور، وشارك فيها الفنانة سلوى محمد علي، والفنان مصطفى عماد
يذكر أن الفيلم عرض ضمن شراكة عقدها مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الثالثة مع مهرجان الفنون المجتمعية في دورته الثامنة، والذي يُقام هذا العام كمسار ضمن فعاليات مهرجان إيزيس.
ومروة الشرقاوي هي مخرجة مصرية شابة لمع اسمها في السنوات الأخيرة من خلال أعمالها السينمائية التي تجمع بين الحس الإنساني والطرح الاجتماعي الجريء. ولدت عام 1989، ودرست الإعلام في جامعة القاهرة، حيث تخرجت عام 2010. لاحقًا، طوّرت مهاراتها في صناعة الأفلام من خلال الدراسة في مدرسة “سينيدلتا” بمدينة الإسكندرية، وشاركت في ورش عمل متخصصة في الفيلم الوثائقي الإبداعي، مما ساعدها على بناء أسلوب بصري خاص بها يعتمد على الواقعية والاقتراب من الهامش الإنساني.
بدأت مسيرتها بأفلام قصيرة ووثائقية، من أبرزها فيلم “مدينة الذهب”، و”رحلة سعيدة”، و”امرأة تطل من النافذة”، التي عُرضت في عدة مهرجانات محلية ودولية. إلا أن انطلاقتها الحقيقية جاءت من خلال فيلمها الوثائقي الطويل “أحلام منسية”، الذي يحكي قصة مريض فشل كلوي يعيش على أمل العثور على متبرع، في عرض إنساني مؤلم للمعاناة النفسية والجسدية. هذا الفيلم نال إشادة واسعة، وفازت عنه بجائزة أفضل مخرجة في مهرجان “Future of Film Awards” بمقدونيا، كما حصل الفيلم على تنويه خاص من لجنة التحكيم.
في الجانب الروائي، تألقت بفيلمها القصير “عزيزتي ورد”، الذي ناقش قضية ختان الإناث من منظور نفسي وإنساني عميق. تمكن الفيلم من حصد عدة جوائز دولية، منها أفضل فيلم روائي في مهرجان “سينما المرأة والطفل الدولي” بسلطنة عُمان، وجائزة أفضل فيلم دولي في مهرجان بوجورا ببنجلاديش. كما تم عرضه في مهرجانات مرموقة مثل مهرجان “توباز” في الولايات المتحدة.
عُرفت أيضًا بمواقفها الجريئة فيما يتعلق بحرية التعبير والمعاملة الأخلاقية لصنّاع السينما. وقد أثارت الجدل خلال مشاركتها في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي في الجزائر، حيث تم سحب فيلمها من المهرجان بعد تصريحات علنية انتقدت فيها سوء المعاملة التي تلقتها، مؤكدة أنها تعرضت لموقف “غير إنساني” و”غير احترافي”، حسب وصفها.