بداية واعدة.. المغرب يستهل مشواره في مونديال الشباب بعبور إسبانيا
المنتخب المغربي نجح في تحقيق بداية مثالية في بطولة كأس العالم للشباب لكرة القدم تحت 20 عاما بتشيلي، بتحقيق فوز ثمين على نظيره الإسباني بهدفين دون رد، في إطار الجولة الأولى لحساب المجموعة الثالثة. قدم لاعبو المغرب عرضا رائعا وتمكنوا من حسم مواجهاتهم أمام نظرائهم الإسبان خلال الشوط الثاني من اللقاء، بعد أن انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي.
سانتياغو - استهل منتخب المغرب مسيرته في بطولة كأس العالم للشباب لكرة القدم تحت 20 سنة على أفضل وجه، بعدما حقق انتصارا ثمينا ومستحقا 2-0 على منتخب إسبانيا، مساء الأحد ضمن منافسات المجموعة الثالثة بمرحلة المجموعات للمسابقة، المقامة حاليا في تشيلي. وجاء هدفا المباراة في غضون 4 دقائق فقط، حيث افتتح ياسر زبيري التسجيل للمنتخب المغربي في الدقيقة 54، فيما تكفل ياسين جاسم بإحراز الهدف الثاني في الدقيقة 58. وبذلك، حصل منتخب المغرب على أول ثلاث نقاط في مسيرته بالمجموعة الصعبة، التي تضم أيضا منتخبي البرازيل والمكسيك، فيما بقي منتخب إسبانيا، الفائز باللقب عام 1999 بنيجيريا والذي يشارك للمرة الـ16 في المسابقة، بلا رصيد من النقاط.
إثارة كبيرة
يشار إلى أن منتخب المغرب يلعب في البطولة العالمية للمرة الرابعة في تاريخه، بعدما حصل على المركز الثاني في بطولة كأس الأمم الأفريقية للشباب التي أقيمت بمصر في وقت سابق من العام الحالي. وكان الشوط الأول مليئا بالإثارة، حيث أضاع ياسر زبيري فرصة محققة في بداية اللقاء، قبل أن يتدخل فؤاد زهواني لينقذ مرمى “أشبال الأطلس” بإبعاد كرة خطيرة من على خط المرمى إثر محاولة من ريان بلعيد.
واستطاع زبيري أن يعوض فرصته المهدرة بتسجيله الهدف الأول لمنتخب المغرب في الدقيقة 54 بعدما اخترق الدفاع الإسباني ووضع الكرة بهدوء في شباك الحارس فران غونزاليس. وبعد أربع دقائق فقط، عزز ياسين جاسم النتيجة بتسديدة من مسافة قريبة إثر تمريرة عرضية من زميله عثمان معما.
منتخب المغرب يسعى إلى تحقيق إنجاز يفوق ما حققه في نسخة المسابقة عام 2005 بهولندا، حينما حصل على المركز الرابع
وفي الدقائق الأخيرة، سجل منتخب إسبانيا هدف تقليص الفارق، ولكن تم إلغاؤه سريعا بداعي وجود مخالفة تسلل بعد اللجوء لتقنية حكم الفيديو المساعد (فار). وبات هذا هو أول فوز للمنتخب المغربي في الوقت الأصلي في نهائيات كأس العالم تحت 20 سنة، منذ 7404 يوما، حين تفوق على اليابان 1-0 في دور الـ16 بمشاركته الأخيرة في المسابقة قبل 20 عاما، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). كما أصبح هذا هو أول فوز للمنتخبات العربية في النسخة الحالية للمسابقة، بعدما خسر المنتخب المصري 0-2 أمام نظيره الياباني، ضمن منافسات المجموعة الأولى.
ويسعى منتخب المغرب إلى تحقيق إنجاز يفوق ما حققه في نسخة المسابقة عام 2005 بهولندا، حينما حصل على المركز الرابع. ويلعب منتخب المغرب في الجولة المقبلة ضد منتخب البرازيل في الأول من أكتوبر المقبل، فيما يلتقي منتخب إسبانيا مع نظيره المكسيكي في ذات اليوم. يذكر أن المنتخبات الـ24 المشاركة في البطولة، تم توزيعها على 6 مجموعات، بواقع 4 منتخبات في كل مجموعة، على أن يصعد المتصدر والوصيف مباشرة للأدوار الإقصائية، بالإضافة إلى أفضل 4 منتخبات حاصلة على المركز الثالث في المجموعات الست.
طريق العرق والدموع
في القاهرة، خلال بطولة أمم أفريقيا، اصطدم الأشبال بمنافسين أقوياء، لكنهم تمكنوا من العبور واحدا تلو الآخر. ولم يكن الفوز على سيراليون بهدف يتيم في دور الثمانية، مجرد انتصار عادي، بل بطاقة عبور رسمية إلى كأس العالم. يومها، صرخ اللاعبون وبكوا في الملعب، بينما رفع وهبي يديه إلى السماء في لحظة امتنان نادرة. في النهائي، توقفت المغامرة أمام منتخب جنوب أفريقيا الذي خطف اللقب بهدف قاتل. لم يكن الحزن قليلا، لكن وهبي كان أول من أعاد الأمور إلى نصابها، وقال: “الوصول إلى النهائي إنجاز، والتأهل إلى المونديال حلم تحقق. والآن، علينا التفكير في الخطوة المقبلة.”
لم ترحم القرعة المنتخب المغربي، إذ أوقعته في مجموعة وصفت بـ”مجموعة الموت” التي تضم إسبانيا والبرازيل والمكسيك. أسماء كبيرة في كرة القدم العالمية، منتخبات عريقة اعتادت على منصات التتويج. لكن وهبي يرى الأمر من زاوية مختلفة: “هذه فرصة ذهبية لاختبار جيلنا أمام أقوى المدارس الكروية. إذا أردنا أن نثبت أننا كبار، علينا أن نواجه الكبار”.
مشاركة المنتخب المغربي للشباب في مونديال تشيلي ليست مجرد حدث رياضي، بل قصة وطنية
في معسكر المنتخب بسانتياغو، بدا اللاعبون متحمسين. البعض يحلم بخطف الأنظار من كشافي الأندية الأوروبية، والبعض الآخر يريد فقط رفع اسم المغرب عاليا. وبين الحلم والواقع، يقف وهبي بطموحه وخبرته محاولا أن يوازن بين الأمل والضغط.
ما يميز هذا الجيل ليست فقط موهبته، بل أيضا وعيه بحجم المسؤولية. الكثير من اللاعبين نشأوا في أكاديميات محلية مثل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وبعضهم في أندية أوروبية من مدارس كروية مختلفة. هذا التنوع منح المنتخب شخصية مختلفة، ومزيجا من الانضباط التكتيكي والمهارة الفردية.
لكن الطموح أكبر من مجرد مشاركة مشرفة. في شوارع الرباط والدار البيضاء، وبين مقاهي مراكش وطنجة، هناك من يهمس أن “هذا الجيل قد يعيد كتابة التاريخ”. الجماهير التي عاشت نشوة أسود الأطلس في مونديال قطر 2022، ترى في الأشبال استمرارا للحلم، وجسرا بين الماضي والمستقبل. واقعيا، المهمة ليست سهلة. المنتخب الإسباني يدخل البطولة بتصنيف المرشح الأول، والبرازيل دائما مرعبة في الفئات السنية، بينما المكسيك تمتلك خبرة طويلة في مونديالات الشباب. لكن المغرب يدخل بلا عقدة نقص، بخليط من الشجاعة والطموح.
في النهاية، مشاركة المنتخب المغربي للشباب في مونديال تشيلي ليست مجرد حدث رياضي، بل قصة وطنية. إنها حكاية جيل نشأ على طموحات كبيرة، وجد نفسه اليوم في مواجهة العالم. كل تمريرة، وكل تسديدة، وكل دمعة فرح أو حسرة ستكون جزءا من ذاكرة جماعية تبني مسارا جديدا لكرة القدم المغربية. وإذا كان مونديال قطر 2022 قد جعل المغاربة يؤمنون أنهم لا يعرفون المستحيل، فإن مونديال الشباب 2025 قد يكون محطة جديدة لتأكيد أن الحلم مستمر، وأن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل قصة أمة تكتب فصولها بأقدام شبابها.