انفتاح عسكري كويتي على تركيا في غمرة السعي الخليجي لتنويع الشركاء

الكويت وتركيا تمتلكان أرضية مهيأة لتطوير تعاونهما الدفاعي والأمني في زمن تتصاعد فيه التوترات في المنطقة.
الجمعة 2025/09/19
 لدى تركيا ما تضيفه في مجال الأمن والدفاع

الكويت- كشفت طوبى نور سونمز سفيرة تركيا لدى الكويت عن مفاوضات جارية بين حكومة بلادها والحكومة الكويتية بشأن إبرام اتفاقيات جديدة بين البلدين في مجالي الأمن والدفاع.

وجاء ذلك مكرّسا لتوجه كويتي وأيضا خليجي عام نحو تنويع الشراكات وإثرائها في هذين المجالين المصيريين، في زمن تتصاعد فيه التوترات في المنطقة وتشتدّ الصراعات وتتضاعف معها المخاطر والتهديدات حتى على دول الخليج نفسها ذات الثراء والاستقرار الفريدين، وهو ما تجسّد مؤخّرا في الاعتداء الإسرائيلي على قطر.

وتمتلك الكويت وتركيا أرضية مهيأة لتطوير تعاونهما الدفاعي والأمني الذي بدأ بالفعل بإيجاد نتائج على الأرض تجسدت خلال الصائفة الماضية من خلال دخول الطائرات المسيّرة التركية بيرقدار الخدمة لأولّ مرّة ضمن القوات المسلّحة الكويتية.

وقالت السفيرة طوبى نور سونمز لصحيفة “القبس” الكويتية المحلية إنّ اتفاقيات أمنية دفاعية مستقبلية قيد التفاوض بين تركيا والكويت، مؤكّدة استعداد بلادها لتوفير وتطوير أنظمة دفاعية تُسهم في تعزيز أمن الكويت وتقديم حلول مُصممة خصيصا للمؤسسات والقوات المسلحة الكويتية.

طوبى نور سونمز: مستعدون لتقديم حلول مصممة خصيصا للمؤسسات الأمنية الكويتية

واعتبرت أن توقيع البروتوكول الأخير بين وزارة الداخلية التركية وقيادة الدرك العام والحرس الوطني الكويتي بشأن التعاون في مجالي التدريب والتعليم، يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون في مجالي الدفاع والأمن بين البلدين.

وذكرت السفيرة التركية أن وزارة الداخلية في بلادها تهدف إلى تعزيز التعاون مع الحرس الوطني الكويتي وقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية الكويتية في مجالات التدريب والتعليم المتبادل وتبادل الزيارات والخبرات والتمارين المشتركة، مشيرة إلى أن التعاون الحالي بدأ مع الحرس الوطني، مع وجود طموح لتوسيعه ليشمل وحدات أخرى تابعة لوزارة الداخلية الكويتية.

ووصفت سونمز الكويت بأنّها من أوثق شركاء تركيا في المنطقة، مشيرة إلى وجود آليات تعاون متعددة الأبعاد تشمل مجالات متنوعة من التجارة إلى الصناعات الدفاعية، ومن السياحة إلى الاستثمار.

وبشأن البرامج التدريبية التي سيُقدّمها الجانب التركي لعناصر الحرس الوطني الكويتي، قالت السفيرة “نخطط لتبادل المعرفة والخبرات في العديد من المجالات ومنها التدريب على البحث والإنقاذ في الكوارث الطبيعية والعمليات الخاصة والاستخبارات والأمن الداخلي، بالإضافة إلى التدريب على الصيانة والإصلاح والتدريب على الطيران.”

وبينّت أن موضوعات التدريب تم اختيارها استنادا إلى الدليل الدولي للتدريب الذي تنشره قيادة الدرك العام التركية سنويا، وقد جرى تحديد الدورات المطلوبة من قبل الحرس الوطني الكويتي بناء على احتياجاته، فيما يتم تقييم فاعلية هذه التدريبات بمقارنتها مع برامج تدريبية مماثلة مقدمة من دول أخرى.

وأثنت السفيرة على قدرات بلادها في مجال الدفاع مؤكّدة أن هذا المجال يتمتع بمحفظة متنوعة من الأنظمة البحرية وأجهزة محاكاة التدريب وتقنيات المراقبة والحلول الدفاعية المُتكاملة ويتمتع بمكانة استثنائية تُمكّنه من تلبية احتياجات الكويت المتطورة.

وكانت السلطات الكويتية قد أعلنت في يوليو الماضي أن الطائرة المسيّرة التركية بيرقدار تي.بي.2 دخلت الخدمة للمرة الأولى في قاعدة سالم الصباح الجوية.

وجاء ذلك كمؤشر على التوسّع المسجّل في تسويق هذا النوع من الطائرات الذي أصبح رمزا لتطور الصناعة العسكرية التركية، ووسيلة لحضور تركيا في عدد من الساحات وتأمين مصالحها ونفوذها في بعض البلدان والمناطق، لاسيما التي تشهد صراعات مثل ليبيا وأوكرانيا وإقليم ناغورني قرة باغ الذي كان موضع نزاع مزمن بين أرمينيا وأذربيجان قبل أن يُحسم لمصلحة الأخيرة بمساهمة تركية فاعلة.

وأبرمت الكويت عقدا مع الجانب التركي في 2023 لتوريد عدد لم يكشف عنه من طائرات بيرقدار المسيرة المسلحة تي.بي.2 بقيمة 367 مليون دولار.

بيرقدار بايكار خلوق: الشركة حققت عائدات بنفس القيمة سنة 2023

وأصاب الرهان التركي على تصنيع المسيّرات قدرا كبيرا من التوفيق حيث تَصادف مع تحوّل هذا النوع من الأسلحة إلى أداة حاسمة منخفضة الكلفة نسبيا وواسعة الاستخدام في الحروب، فضلا عن الاستخدامات المدنية الكثيرة لهذه التقنية الناشئة التي سارع الأتراك مبكّرا إلى امتلاكها وشرعوا في المساهمة في تطويرها بما تراكم لديهم من خبرة في مجالها.

ومن دلائل الفاعلية الاقتصادية لهذه الصناعة أن أرقاما نشرت قبل بضعة أشهر أظهرت تحقيق شركة بايكار التركية المنتجة لمسيّرات بيرقدار عائدات مالية بقيمة 1.8 مليار دولار بفضل صادراتها خلال العام الماضي 2024 لتتصدر بذلك سوق تصدير المسيرات حول العالم.

وكشفت الشركة أنها كانت ضمن أول 10 شركات دفاعية تركية أكثر تصديرا خلال السنة المذكورة حيث صدّرت مسيّراتها إلى 35 دولة.

وقال مدير عام بيرقدار بايكار خلوق إنّ الشركة حققت عائدات بنفس القيمة سنة 2023، موضّحا أن ما نسبته 90 في المئة من الإيرادات يأتي من التصدير.

وتفوقت تركيا بذلك على الولايات المتحدة وإسرائيل والصين في تصدير الطائرات المسيّرة المسلحة، وفقا لتقرير سابق لمركز الدراسات الأمنية الأميركي أكّد استئثار تركيا بـ65 في المئة من سوق تصدير الطائرات المسيرة في العالم.

وقال الجيش الكويتي تعليقا على دخول طائرات بيرقدار ضمن قواته إن مزايا هذه الطائرة تشمل “دقة الرصد والاستطلاع، والقدرة العالية على تنفيذ مهام الدعم الجوي والعمليات التكتيكية، ما يعزز من قدرات الجيش بشكل عام والقوة الجوية بشكل خاص مواكبة للتطور التكنولوجي العسكري العالمي.” ونقل البيان عن وزير الدفاع الكويتي قوله إنّ “إدخال الطائرات المسيرة إلى الخدمة يعد نقلة نوعية في تطوير قدرات الجيش الكويتي، خصوصا في مجالات المراقبة والاستطلاع وجمع المعلومات.”

وإلى جانب استعانة الكويت في مجال الأمن والدفاع بحلفائها الدوليين الكبار وعلى رأسهم الولايات المتحدة، تحرص البلاد على تطوير قدراتها العسكرية الذاتية ومسايرة التطورات التقنية والتكنولوجية في مجال التسلّح، تساعدها على ذلك قدراتها المادية الكبيرة المتأتية من عوائد النفط والتي تتيح لها عقد صفقات تسلّح مع عدد من الدول المتقدمة في مجال التصنيع العسكري والحربي.

وتم في أبريل الماضي الإعلان عن موافقة وزارة الخارجية الأميركية على صفقة لبيع معدات وخدمات دعم لأنظمة صواريخ باتريوت للكويت مقابل 425 مليون دولار، لترتفع بذلك قيمة عقود شراء وتحديث تلك الصواريخ منذ 2020 إلى حوالي 1.4 مليار دولار بحسب تقديرات مصادر أميركية.

ولدى الكويت وتركيا علاقات اقتصادية وسياسية متنامية. وزار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح أنقرة العام الماضي، في أول زيارة أجراها لدولة غير عربية منذ توليه مقاليد الحكم في ديسمبر 2023.

1