انتقال متسارع للاستثمارات السحابية ومشاريع مراكز البيانات في الإمارات

حجم السوق الأكبر في الشرق الأوسط يتوقع أن يتجاوز 3.3 مليار دولار بحلول 2030.
الاثنين 2025/10/20
أحد مراكز البيانات في أبوظبي

تؤكد المؤشرات أن الاستثمارات السحابية ومشاريع مراكز البيانات تتسارع بشكل لافت في الإمارات، مدفوعة برؤية إستراتيجية لتعزيز الاقتصاد الرقمي وترسيخ مكانتها كمركز تكنولوجي إقليمي، وهو تحوّل يعكس تنامي الطلب على الخدمات التكنولوجية والبنية التحتية المتقدمة في عصر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.

أبوظبي - تبرز دولة الإمارات في مقدمة سباق مشاريع التكنولوجيا المتقدمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بفضل الاستثمارات الضخمة والشراكات التي عقدتها على مدار الأشهر الماضية، لكسب الرهان هذا التحول في الرقمنة الذي يشهده العالم.

ويشهد الشرق الأوسط طفرة كبرى في مجال مراكز البيانات العملاقة لمواكبة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والاستثمارات السحابية، حيث أصبحت المنطقة، وخاصة الخليج، تشكل نقطة جذب للمستثمرين العالميين الباحثين عن أسواق ناشئة تتمتع بقدرات نمو عالية.

ويرجح خبراء مؤسسة ريسرش آند ماركتس أن يتجاوز حجم سوق مراكز البيانات في المنطقة حاجز 8 مليارات دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 12 في المئة.

فهد الحساوي: شركة دو تستثمر بقوة في مشاريع البنية التحتية الرقمية
فهد الحساوي: شركة دو تستثمر بقوة في مشاريع البنية التحتية الرقمية

ووفق تقرير حديث نشرته المؤسسة تتصدر كل من الإمارات والسعودية ومصر هذا السباق، وذلك من خلال إطلاق مشاريع بمليارات الدولارات، مدعومة بخطط التحول الرقمي ورؤية اقتصادية مستقبلية.

وتعيش الإمارات على وقع ازدهار في هذه المشاريع، مدفوعة بتسارع التحول الرقمي الحكومي، واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، ما يعزز مكانتها كمركز إقليمي رائد للبنية التحتية السحابية ووجهة مفضّلة للاستثمارات الرقمية العالمية.

ووفق تقرير ريسرش، ينمو سوق مراكز البيانات في الإمارات بوتيرة سريعة، حيث بلغت قيمته 1.26 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بتجاوزه 3.3 مليار دولار بحلول 2030، كما تمتلك محفظة من المراكز العاملة والقادمة تتجاوز قدراتها مئات الميغاواط.

ولا تقتصر الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي على المشغلين العالميين فحسب، بل تشمل كذلك صناديق استثمارية ومؤسسات سيادية ومطورين محليين وإقليميين، بما يعكس الأهمية الإستراتيجية للبنية التحتية الرقمية كأصل وطني داعم للنمو الاقتصادي المستدام.

ولعل أبرز خطوة تؤكد ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي عالميا هو احتضان البلد الخليجي لمشروع ستارغيت الأميركي، الذي يعد الأكبر في الشرق الأوسط.

ويؤكد مسؤولون في شركات محلية كبرى وشركات عالمية أن الاستثمارات في مراكز البيانات بالبلاد اكتسبت زخماً كبيرا خلال الفترة الماضية.

وأشاروا إلى أن السحابات المحلية تجسد السيادة الحقيقية للبيانات داخل الدولة، إذ تمكن المؤسسات من إدارة بياناتها وتشغيل حلول الذكاء الاصطناعي بأمان تام ضمن حدود الدولة.

إريك وان: السوق الإماراتية تتمتع بانفتاح اقتصادي وتشريعي
إريك وان: السوق الإماراتية تتمتع بانفتاح اقتصادي وتشريعي

وأكد فهد الحساوي الرئيس التنفيذي لشركة دو للاتصالات أن الشركة تواصل الاستثمار بقوة في البنية التحتية الرقمية ومراكز البيانات الوطنية، بما يسهم في دعم الاقتصاد الرقمي وترسيخ سيادة البيانات داخل الدولة.

وحول الاستثمارات المخططة في شبكات الاتصالات والبنية التحتية الرقمية خلال 2025، أفاد الحساوي في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية الأحد، بأنها بلغت 545 مليون درهم (148.5 مليون دولار)، مقارنة مع 120.3 مليون دولار قبل عام.

كما ارتفعت الكثافة الرأسمالية إلى 14 في المئة مقابل 12.3 في المئة في الربع الثاني من العام الماضي، ما يعكس تركيز الشركة على تعزيز استثماراتها في مراكز البيانات وتطوير شبكات الجيل الخامس ومنصة الخدمات السحابية السيادية الفائقة.

وقال الحساوي إن “هذه الاستثمارات تسهم في ترسيخ مكانة الإمارات كمركز إقليمي للاقتصاد الرقمي من خلال السيادة الحقيقية للبيانات داخل الدولة.”

وأضاف إن هذه الأموال تعمل على “تسريع تبنّي الذكاء الاصطناعي، وجذب الاستثمارات والخدمات الرقمية، ودعم القطاعات الحيوية في الجهات الحكومية والقطاعات المتنوعة عبر حلول سحابية مُدارة.” وأوضح كذلك أنها تساعد على ترسيخ الاستدامة التشغيليّة باعتماد تقنيات رفع كفاءة الطاقة وخفض البصمة الكربونية.

وتوقعت دراسة أعدتها وزارة الاقتصاد الإماراتية في عام 2018 بأن تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على تحفيز النمو بواقع 35 في المئة بحلول عام 2031 مع خفض النفقات الحكومية إلى النصف.

ويعتقد إريك وان نائب رئيس شركة علي بابا كلاود العالمية، أن السوق الإماراتية تتمتع بانفتاح اقتصادي وتشريعي يجعل منه بيئة مثالية لجذب الاستثمارات الكبرى في البنية التحتية السحابية والذكاء الاصطناعي.

وأوضح المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وآسيا الوسطى أن الإمارات والمنطقة من أسرع أسواق العالم نمواً في مجالي الخدمات السحابية والذكاء الاصطناعي.

ولفت إلى أن الشركة تعتبر السوق الإماراتي محوراً رئيسياً في إستراتيجيتها العالمية، ما دفعها لافتتاح مركز بيانات ثانٍ في دبي ضمن خطة استثماراتها الكبرى في البنية التحتية الرقمية.

إريك وان: السوق الإماراتية تتمتع بانفتاح اقتصادي وتشريعي
إريك وان: السوق الإماراتية تتمتع بانفتاح اقتصادي وتشريعي

وكانت الحكومة قد أطلقت صندوقًا استثماريا مخصصًا يُسمى “أم.جي.إكس” الذي دعم صندوقًا للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي بقيمة 30 مليار دولار. وتم تعيين مراقب لهذه التقنية المتقدمة في مجلس إداراته لتعزيز التوجهات المستقبلية للقطاع.

وأكد ياسين البقيولي نائب رئيس أوراكل لتطبيقات الأعمال في منطقة الخليج، أن الشركة الأميركية تعزز وجودها بالبلاد عبر شبكة متقدمة، لدعم المؤسسات الحكومية والخاصة وتمكينها من التحول الرقمي بسرعة وأمان.

وتستثمر دول الخليج العربي بشكل ملموس في تطوير البنية التحتية الرقمية، حيث تتصدر الإمارات المشهد بامتلاكها 35 مركز بيانات متطورا، وتُسجل أعلى إنفاق سحابي عام للفرد في المنطقة بواقع 228 دولار.

ويقول أحمد شاكورا، نائب الرئيس الإقليمي لمجموعة كلاوديرا في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، إن طموحات الإمارات في قيادة الاقتصاد الرقمي تستند إلى ركيزة أساسية غالباً ما تكون غير مرئية.

وأوضح أن ذلك يتمثل في شبكة مراكز البيانات السحابية المتقدمة التي تجاوزت دورها التقليدي كمستودعات للبيانات لتتحول إلى محركات ديناميكية تدفع تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر بيئة آمنة قابلة للتوسع وعالية الأداء.

وشدد على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يزدهر بمعزل عن البنى التحتية المتقدمة للبيانات، إذ يحتاج إلى وصول شامل لبيانات المؤسسات من المصادر المختلفة، بما في ذلك السُحب العامة والخاصة والأنظمة المحلية وبيئات الحوسبة الطرفية. وأشار إلى أن البنى السحابية الهجينة أصبحت من أهم الممكنات الإستراتيجية في دولة الإمارات لتطوير هذه القدرات.

واعتبر شاكورا أن مراكز البيانات السحابية أصبحت اليوم محفزاً رئيسياً للنمو الاقتصادي الإماراتي من خلال تمكين المعالجة الآمنة لكميات ضخمة من البيانات وتوليد رؤى استباقية تعزز الكفاءة وتدعم الابتكار. وقال إن “البنية الرقمية المتينة تمكّن الإمارات من تسريع نموها وتعزيز تنافسيتها العالمية كمركز رائد للتحول الرقمي والابتكار التكنولوجي.”

1

 

4