النظام الإيراني يلوح بالقبضة الحديدية للمجتمع برفعه وتيرة الإعدامات

إيران ثاني أكثر دولة تنفّذ أحكام الإعدام في العالم بعد الصين.
السبت 2025/08/30
مجتمع تحت طائلة التهديد الدائم

جنيف (سويسرا) - سجّل ارتفاع مشهود في عمليات تنفيذ أحكام الإعدام بإيران في ظاهرة تبدو مرتبطة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية القائمة في البلد والتوتّرات التي بات طرفا فيها وبلغت ذروتها خلال الحرب الأخيرة ضد إسرائيل.

ويعتبر التشدّد والصرامة في إصدار هذه العقوبة وتنفيذها وجها من وجوه سياسة القبضة الحديدية التي تقتضي باستمرار ترهيب المجتمع وردع أيّ رغبة قد تكون كامنة لدى بعض فئاته في التململ بدفع من سوء الأوضاع التي تعيشها.

وأعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن إيران أعدمت المئات من الأشخاص منذ مطلع العام، منددة بـ”نمط ممنهج في استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة ترهيب من قبل الدولة”.

وأشارت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني متحدثة للصحافيين في جنيف إلى تسجيل “زيادة كبيرة في الإعدامات خلال النصف الأول من العام 2025”.

وقالت إن “السلطات الإيرانية أعدمت ما لا يقل عن 841 شخصا منذ مطلع العام وحتى 28 أغسطس 2025،” محذرة من أن “الوضع الفعلي قد يكون مختلفا تماما، وقد يكون أسوأ نظرا إلى عدم الشفافية”.

وأضافت أنه “في يوليو الماضي وحده، أعدمت السلطات الإيرانية 110 أشخاص. ويمثّل ذلك أكثر من ضعف عدد الأشخاص الذين تم إعدامهم في يوليو من العام الماضي”.

ولفتت إلى أن “عدد الإعدامات المرتفع يشير إلى نمط ممنهج في استخدام عقوبة الإعدام كوسيلة ترهيب من قبل الدولة، مع التركيز بصورة غير متناسبة على الأقليات الإثنية والمهاجرين”.

ونددت شامداساني بصورة خاصة بتنفيذ أحكام الإعدام في العلن، وقد وثقت المفوضية سبع حالات مماثلة منذ مطلع العام. وقالت إن “الإعدامات العلنية تضيف طبقة أخرى من الإساءة لكرامة الإنسان، ليس فقط كرامة الأشخاص المعنيين الذين يعدمون، بل كذلك كرامة كل من يضطر إلى مشاهدة ذلك”.

وتابعت أن “الصدمة النفسية لمشاهدة شخص يتم شنقه في العلن، وخصوصا بالنسبة إلى الأطفال، أمر غير مقبول”.

رافينا شامداساني: الإعدامات العلنية تضيف طبقة أخرى من الإساءة لكرامة الإنسان
رافينا شامداساني: الإعدامات العلنية تضيف طبقة أخرى من الإساءة لكرامة الإنسان

وأشارت إلى أن 11 شخصا يواجهون حاليا إعداما وشيكا في إيران، بينهم ستة اتهموا بـ”التمرد المسلح” لاتهامهم بالانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق المعارضة في الخارج.

وتمّ مؤخرا تنفيذ ثاني عملية إعدام على الملأ في ظرف عدة أيام وذلك بعد أن دأبت السلطات على تنفيذ الإعدامات داخل السجون.

وتم تبرير العمليتين بفظاعة الجريمتين اللتين حكم بالإعدام على مرتكبيهما، لكنّ مراقبين أثاروا شبهة تعمّد السلطات ترهيب المجتمع في ظل أجواء سلبية سائدة في البلد ومشحونة بالتوتّر والاحتقان. وقال هؤلاء إن إعدام المحكوم عليهم على الملأ يوجه رسالة إلى السكان بشأن صرامة السلطات وعدم تسامحها.

وتُنفذ معظم أحكام الإعدام في إيران داخل السجون، بينما تُخصص الإعدامات العلنية عادة للجرائم التي أثارت غضبا شعبيا واسعا.

وتُعد إيران ثاني أكثر دولة تنفّذ أحكام الإعدام في العالم بعد الصين، بحسب منظمات حقوقية كمنظمة العفو الدولية.

وتحثّ الهيئات الحقوقية والأممية طهران باستمرار على وقف عقوبة الإعدام وترى السلطات الإيرانية بأنها تحصر استخدام هذه العقوبة في مرتكبي “أخطر الجرائم فقط”.

وتعتبر جرائم القتل والاغتصاب والزنا وبعض الجرائم المتعلقة بالمخدرات من الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام في إيران، إلى جانب جرائم مثل “الحرابة” و”الإفساد في الأرض” وهما تهمتان فضفاضتان قد تشملان انتقاد النظام والتظاهر ضدّه.

وذكرت المتحدثة الأممية أن أحكاما بالإعدام صدرت مؤخرا بحق خمسة أشخاص لمشاركتهم في التظاهرات الحاشدة التي خرجت عام 2022، مشيرة إلى أن المحكمة العليا الإيرانية ثبتت الأسبوع الماضي حكم الإعدام بحق الناشطة من أجل حقوق العمال شريفة محمدي.

وشددت على أن “عقوبة الإعدام لا تتوافق مع الحق في الحياة، ولا تنسجم مع الكرامة البشرية.” وأكدت أنها “تولّد مخاطر غير مقبولة بإعدام أبرياء. ولا ينبغي إطلاقا الحكم بها بسبب أعمال يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وذكرت بأن مفوضية حقوق الإنسان كانت تحض الحكومة الإيرانية على “عدم تنفيذ عقوبة الإعدام بهؤلاء الأفراد وبغيرهم ممّن ينتظرون تنفيذ الحكم”.

3