الكويت وفرنسا تعمقان التعاون بإعلاني نوايا تعزز الشراكة الاستراتيجية
باريس - وقعت الكويت وفرنسا، الاثنين، إعلان نوايا لشراكة استثمار استراتيجية تمتد لعشر سنوات حتى عام 2035، وذلك في خطوة تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وتطلعهما المشترك نحو تعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وذكرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حضر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس مراسم التوقيع على إعلان نوايا بشأن الشراكة الاستراتيجية للاستثمار بين البلدين خلال الفترة من 2025 إلى 2035.
كما وقع الجانبان إعلان نوايا آخر بين حكومتي الكويت وفرنسا لتعزيز التعاون في المجال الثقافي والاحتفاء عام 2026 بالذكرى الخامسة والستين للعلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وفق "كونا".
وتُشكل هذه الاتفاقيات نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات الثنائية، مؤكدة على الأهمية الحيوية للشراكات الدولية في مواجهة التحديات العالمية وبناء مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.
وتتجاوز أهمية الاتفاقيات الموقعة بين الكويت وفرنسا مجرد التزامات دبلوماسية، إذ تجسد رؤية استراتيجية مشتركة تستهدف تحقيق منافع متبادلة على المدى الطويل.
ويؤكد إعلان النوايا بشأن الشراكة الاستثمارية حتى عام 2035 على التزام البلدين بتعزيز التدفقات الاستثمارية في قطاعات حيوية مثل الطاقة، والصحة، والتعليم، والدفاع، وهو تعاون يساهم في تنويع الاقتصادات، خلق فرص عمل، وتبادل الخبرات والمعرفة، مما يدعم التنمية المستدامة في كلا البلدين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن توقيع إعلان نوايا لتعزيز التعاون الثقافي والاحتفال بالذكرى الخامسة والستين للعلاقات الدبلوماسية في عام 2026 يسلط الضوء على البعد الثقافي لهذه الشراكة، إذ يعكس هذا الاتفاق إدراكًا لأهمية التبادل الثقافي في بناء جسور التفاهم والتقارب بين الشعوب، ويعزز كذلك من قيم الصداقة والاحترام المتبادل التي تميز العلاقات الكويتية-الفرنسية.
وذكرت الوكالة أن الأمير الشيخ مشعل غادر فرنسا عائدا إلى الكويت، وبعث برقية شكر للرئيس ماكرون قال فيها إن الزيارة "عكست عمق علاقات الصداقة التاريخية الوثيقة التي تربط بين بلدينا وشعبينا الصديقين، الممتدة جذورها لأكثر من ستين عاما، وتواصل مسيرتها بخطى ثابتة ونجاحات متواصلة، مستندة على أسس راسخة من الثقة والاحترام المتبادلين".
وأعرب عن "وافر التقدير للروح الودية والإيجابية التي تميزت بها كافة اللقاءات والمحادثات التي تمت خلال الزيارة، وجسدت فرصة للتشاور وتبادل وجهات النظر والرؤى حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك".
وأكد أمير الكويت على ثقته بأن الزيارة "تسهم في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، وتطوير أواصر التعاون وتوسيع أبعاده إلى آفاق أشمل في كافة المجالات بما يلبي طموحات شعبينا الصديقين في بناء مستقبل أكثر إشراقا وازدهارا".
ودعا الأمير الصباح الرئيس ماكرون لزيارة الكويت "في الوقت المناسب".
وتتعدد أبعاد الشراكة الاستراتيجية بين الكويت وفرنسا لتشمل جوانب سياسية، اقتصادية، دفاعية، وثقافية، مما يجعلها نموذجًا يحتذى به في العلاقات الدولية.
وتعد زيارة أمير الكويت إلى فرنسا بمثابة خطوة جديدة نحو ترسيخ الشراكة متعددة الأبعاد بين البلدين، وتعزيز الحوار السياسي في ظل الملفات الشائكة التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها الوضع في الشرق الأوسط، والتقلبات في سوق الطاقة، والتحديات الأمنية.
وتأتي زيارة أمير الكويت، إلى باريس كأول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه في ديسمبر 2023، لتؤكد على الأهمية التي توليها الكويت لتعزيز حوارها السياسي مع فرنسا.
وفي ظل الملفات الشائكة التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها الوضع في الشرق الأوسط وتقلبات سوق الطاقة والتحديات الأمنية، يصبح الحوار السياسي المكثف ضرورة ملحة، كما تساهم هذه الزيارة في تبادل وجهات النظر والرؤى حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعمل على تنسيق المواقف لدعم الاستقرار والأمن الإقليميين.
تُعد فرنسا من أبرز الشركاء الاقتصاديين للكويت، حيث تستحوذ الشركات الفرنسية على نحو 50 بالمئة من حجم الاستثمارات الأوروبية العاملة في البلاد، وتوفر أكثر من 2100 فرصة عمل في مجالات حيوية مثل الطاقة والنقل والصحة والتجميل.
وتهدف الشراكة الاستثمارية الجديدة إلى توسيع هذا النطاق ليشمل مجالات أوسع، مما يعزز من التكامل الاقتصادي ويدعم جهود الكويت في تنويع مصادر دخلها بعيدًا عن النفط، بما يتماشى مع رؤيتها التنموية المستقبلية
وترتبط الكويت وفرنسا باتفاقية تعاون عسكري موقعة في عام 1992 وجُددت في عام 2009، وتُنص على التعاون في حال تعرض الكويت لاعتداء خارجي. وأثبتت فرنسا كونها حليفًا استراتيجيًا للكويت في المجال العسكري، من خلال مشاركتها الفعالة ضمن قوات التحالف الدولي لتحرير الكويت عام 1991، ويعكس هذا الجانب من الشراكة التزام البلدين المشترك بالحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ويعزز من القدرات الدفاعية للكويت
ولا يقتصر التعاون على الجوانب الاقتصادية والدفاعية، بل يمتد ليشمل الجانب الثقافي، ما يُسهم في تعريف الشعبين بتاريخ وحضارة كل منهما، ويعزز من التفاهم المتبادل والتقارب الإنساني، مما يرسخ جذور الصداقة بين البلدين.
وتُشكل هذه الزيارة والاتفاقيات الموقعة خطوة جديدة نحو ترسيخ الشراكة متعددة الأبعاد بين الكويت وفرنسا، إذ تؤكد على إرادة مشتركة لتعزيز التعاون في كافة المجالات، وتوسيع آفاقه إلى مستويات أشمل تلبي طموحات الشعبين الصديقين في بناء مستقبل أكثر إشراقا وازدهارا، فهذه الشراكة لا تقتصر على المصالح الثنائية، بل تمتد لتكون صوتًا مشتركًا يدعو إلى الاستقرار في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.