العرب يتحركون لإنجاح مبادرة ترامب وسحب البساط من أمام عراقيل نتنياهو
القاهرة - تتحرك عواصم عربية فاعلة في الإقليم بخطى محسوبة لدعم المبادرة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، في ما يبدو أنه جهد منسق لاحتواء التصعيد المتواصل، وخلق مناخ دولي وإقليمي ضاغط على الأطراف المعطلة للمسار السياسي وخاصة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويأتي هذا الحراك العربي في وقت حساس، تزامن مع لقاء عقده ترامب الاثنين مع نتنياهو في البيت الأبيض.
وفيما لم يتضح بعد الموقف الإسرائيلي، قال الرئيس الأميركي لدى استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض إنه “واثق جدا” بالتوصل لاتفاق بشأن غزة.
الدعم العربي للمبادرة لا يعكس فقط موقفا دبلوماسيا تقليديا، بل يشير إلى سعي واضح لإحراج الحكومة الإسرائيلية
وفي مسعى لإظهار التفاعل مع خطة ترامب، استجاب نتنياهو لطلب الرئيس الأميركي بالاعتذار لرئيس وزراء قطر عن الهجوم على الدوحة خلال اتصال هاتفي من البيت الأبيض.
وجاء الترحيب العلني بالمبادرة الأميركية من رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ليؤكد أن هناك إرادة عربية لإعادة تفعيل مسار التسوية، وكسر حالة الجمود التي تكرست بفعل مواقف إسرائيلية متشددة تفضل استمرار العمليات العسكرية على الانخراط في مفاوضات سياسية.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر لم تذكره أن دولة الإمارات تحث رئيس الوزراء الإسرائيلي على قبول اقتراح ترامب للسلام في غزة خلال اجتماعهما وعلى التخلي عن أيّ خطة لضم الضفة الغربية.
وأضاف المصدر أن الإمارات، أبرز دولة عربية تطبّع العلاقات مع إسرائيل بموجب (اتفاقيات إبراهيم)، حذرت نتنياهو من أن ضم الضفة الغربية سيغلق الباب أمام المزيد من التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية والإسلامية الرائدة، بما في ذلك السعودية وإندونيسيا.
وذكر المصدر المطلع أن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بموقف بلاده إزاء خطة ترامب للسلام في غزة، وذلك خلال اجتماع مع نتنياهو على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم الجمعة.
ولم يُنشر سابقا محتوى ما قاله الشيخ عبدالله لنتنياهو في الاجتماع.
وأكد الشيخ عبدالله، الذي تتمتع بلاده بنفوذ دبلوماسي في الشرق الأوسط نظرا لثروتها وموقعها الإستراتيجي وسياستها الخارجية الحازمة، أن الإمارات تدعم الخطة الأميركية، واصفا إياها بأنها تقدم فوائد كبيرة لجميع الأطراف.
وقال المصدر المطلع إن الشيخ عبدالله دعا نتنياهو إلى التعامل بجدية مع إدارة ترامب لدفع الخطة قدما نحو التنفيذ.
ويرى مراقبون أن الدعم العربي للمبادرة لا يعكس فقط موقفا دبلوماسيا تقليديا، بل يشير إلى سعي واضح لإحراج الحكومة الإسرائيلية، وعزل موقفها المتصلب دوليا، خصوصا إذا ما استمر نتنياهو في رفض أيّ مقترحات لا تحقق كامل شروطه الأمنية والسياسية.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي السبت لتؤكد هذا التوجه، إذ أشار إلى أن المبادرة الأميركية تشكل “فرصة حقيقية” لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وفتح الباب أمام حل شامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
وبدت تصريحات عبدالعاطي، في مضمونها ولهجتها، أقرب إلى ترويج مباشر للمبادرة، سواء من خلال تأكيده على “الالتزام المصري الكامل” بدعم الجهود الأميركية، أو عبر دعوته لجميع الأطراف إلى “التعاطي الإيجابي” معها باعتبارها مخرجا ممكنا من الأزمة الراهنة.
العناصر الرئيسية لخطة ترامب:
قدم ترامب خطته المكونة من 21 نقطة لقادة ومسؤولين عرب ومسلمين، وهي تنتظر موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأهم ما فيها:
• إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين خلال 48 ساعة من بدء وقف إطلاق النار.
• وقف إطلاق نار دائم.
• انسحاب إسرائيلي تدريجي من قطاع غزة بأكمله.
• إفراج إسرائيل عن حوالي 250 سجينا فلسطينيا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد لقتلهم إسرائيليين، بالإضافة إلى حوالي ألفي فلسطيني محتجزين في غزة منذ 7 أكتوبر.
• ترتيبات حوكمة ما بعد الحرب في غزة دون حماس، تتألف من مجلس دولي وعربي، وممثل عن السلطة الفلسطينية، وحكومة تكنوقراط من فلسطينيين مستقلين.
• قوة أمنية مكونة من فلسطينيين إلى جانب قوات من دول عربية وإسلامية. – تمويل من دول عربية وإسلامية لإدارة غزة الجديدة ولإعادة الإعمار والتنمية.
• مشاركة محدودة للسلطة الفلسطينية في إطار حكم غزة.
• نزع سلاح حماس بما في ذلك تدمير ما تبقى من أسلحة ثقيلة وأنفاق.
• العفو عن أعضاء حماس الذين ينبذون العنف ويختارون البقاء في غزة، مع توفير ممر آمن للمغادرة لمن لا يلتزمون بالسلم.
• لا ضم للضفة الغربية من قبل إسرائيل، ولا ضم أو احتلالا لأجزاء من غزة.
• التزام إسرائيلي بعدم مهاجمة قطر مجددا في المستقبل.
• مسار مستقبلي موثوق نحو "الدولة الفلسطينية" بمجرد أن تُجري السلطة الفلسطينية إصلاحات جوهرية.
وشكل لقاء ترامب ونتنياهو اختبارا مبكرا لمدى قدرة الإدارة الأميركية على دفع إسرائيل نحو خيارات أكثر توازنا، خصوصا في ظل ما تلمّح إليه أوساط دبلوماسية من فتور متزايد في العلاقة بين الجانبين بسبب تباين في المقاربات تجاه الملف الفلسطيني.
ويحمل الحراك العربي رسائل مفادها أن اللقاء إذا لم يخرج بتقدم ملموس أو تعهدات واضحة من الجانب الإسرائيلي، فإن ذلك قد يدفع الدول العربية إلى تصعيد ضغوطها السياسية، والإصرار على تحميل إسرائيل مسؤولية تعطيل المبادرة.
وتراهن العواصم العربية على أن تأييدها العلني للمبادرة الأميركية يمنحها موقعا متقدما في أيّ ترتيبات سياسية أو ميدانية لاحقة، سواء ما يتعلّق بإعادة الإعمار أو بترتيب الوضع الداخلي في غزة، أو بإعادة إطلاق المسار السياسي العام للقضية الفلسطينية.
كما أن هذا التأييد ينسجم مع خطاب عربي يسعى إلى تعزيز الاستقرار، وتحجيم الأطراف الإقليمية التي تسعى لاستثمار التصعيد في غزة وعلى رأسها إيران وأذرعها في المنطقة.
ولا يندرج التحرك العربي المدروس فقط في إطار دعم جهود وقف إطلاق النار، بل يبدو أيضا خطوة إستراتيجية لإعادة ضبط المشهد السياسي، وتحديد الأطراف القادرة على الانخراط بفاعلية في أيّ حل مستقبلي.
وبحث الرئيسان المصري والإماراتي، الاثنين، تطورات الوضع في قطاع غزة وأكدا أهمية دعم مبادرة ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، خلّفت 66 ألفا و55 قتيلا، و168 ألفا و346 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي استقبل الشيخ محمد بن زايد “الذي يزور مصر في إطار زيارة أخوية” غير معلنة المدة بدأت الاثنين.
وأضافت أن اللقاء “شمل اجتماعا موسعا ضم وفدي البلدين، أعقبه اجتماع ثنائي مغلق بين الزعيمين.”
وقال متحدث الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي إن “المباحثات تناولت تطورات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها الوضع في قطاع غزة.”
وأعرب السيسي والشيخ محمد بن زايد عن “ترحيبهما بالمبادرة التي طرحها الرئيس دونالد ترامب لوقف الحرب في القطاع.”
والثلاثاء الماضي، طرح ترامب خطة من 21 بندا لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، خلال لقاء مع قادة دول عربية وإسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وحسب صحيفة “واشنطن بوست”، تتضمن الخطة وقفًا فوريًا للعمليات العسكرية، وتجميد “خطوط القتال”، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين خلال 48 ساعة.
كما تنص على تشكيل هيئتين، دولية وفلسطينية، لتولي إدارة قطاع غزة تدريجيًا، دون إشراك حركة حماس في أيّ دور سياسي أو أمني.
وأكد الرئيسان “أهمية دعم هذه المبادرة السلمية، بما يمهد الطريق أمام مسار تحقيق سلام دائم وشامل في المنطقة.”
والأحد، أعلنت حماس أن المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل متوقفة منذ أن حاولت تل أبيب اغتيال وفد الحركة بالدوحة، في 9 سبتمبر الجاري.
وأكدت أنها لم تستلم من الوسطاء أيّ مقترحات جديدة، ومستعدة لدراسة “أيّ مقترحات بكل إيجابية ومسؤولية، وبما يحفظ حقوق شعبنا الوطنية.”
وبموازاة الحديث عن خطة ترامب، تمعن إسرائيل في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في غزة، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني، وتحاصرها منذ نحو 18 عاما.