العاهل المغربي يطلق مشروعا تضامنيا لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي

مؤسسة صحية لدعم قدرات ذوي الأمراض العقلية والنفسية.
الجمعة 2025/10/03
اهتمام ملكي بقطاع الصحة

الرباط- تنامى الاهتمام الملكي من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس بتطوير الخدمات الصحية في المملكة، على غرار إصلاح البنية التحتية للمؤسسات الاستشفائية أو إنجاز مشاريع أخرى تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في القطاع لمختلف الفئات.

ويؤكد المتابعون أن المغرب أظهر قدرة كبيرة على تحديث سياساته الصحية، في مستوى التجهيزات والبنى التحتية وأيضا الرصيد البشري الصحي، ما مكنه من أن يكون وجهة صحية لباقي دول أفريقيا والعالم العربي.

ويعتبرون أن قطاع الصحة بات أولوية قصوى في الإستراتيجية الملكية، ورافدا من روافد التنمية الاجتماعية، في مسعى لتكريس مبدأ العدالة الصحية، من خلال التعامل المتوازن مع مختلف الفوارق الاجتماعية بين سكان المملكة.

وأعطى الملك محمد السادس انطلاقة أشغال إنجاز مشروع تضامني بجهة الدار البيضاء – سطات، لاستقبال وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الأمراض العقلية، والذي ستنجزه مؤسسة محمد الخامس للتضامن باستثمار إجمالي قدره 300 مليون درهم.

علي لطفي: الإصلاحات التي تقوم بها وزارة الصحةبدأت تُظهر نتائج إيجابية، لكنها تظل غير كافية

ويأتي ذلك ضمن الاهتمام الخاص الذي يوليه العاهل المغربي للنهوض بقطاع الصحة عموما، وبالصحة النفسية على وجه الخصوص، وإرساء منظومة صحية تستجيب لتطلعات المواطنين.

ويمثل المشروع نموذجًا متقدمًا للمغرب في ربط الرعاية الصحية بالتكافل الاجتماعي ويعكس قدرة المملكة على قيادة مسار التنمية الاجتماعية على المستوييْن الوطني والإقليمي.

ويروم هذا المشروع التضامني مصاحبة المرضى أثناء مرحلة الاستقرار والتعافي، من خلال العلاج المعرفي، والعلاجات النفسية المتخصصة والأنشطة المهنية، إذ سيمكن من استقبال والتكفل بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، عبر منحهم خدمات لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي وتمكينهم من اكتساب مهارات معينة، لإعادة إدماجهم الاجتماعي والمهني.

وحظيت المنظومة الصحية المحلية باهتمام بالغ لدى الملك محمد السادس، حيث دعا عدة مرات إلى ضرورة تبني سياسات عمومية ناجعة، وإرساء منظومة صحية فعالة.

واعتبر رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن “هذا المشروع المندمج يأتي تفعيلا للملكية الاجتماعية، باعتبارها المنهج الذي يتم بواسطته تسيير قطاع الصحة كأولوية قصوى في الإستراتيجية الملكية.”

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “الإصلاحات الإستراتيجية التي يشرف عليها الملك محمد السادس في إطار مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، تعزز الخدمات الصحية للوصول العادل إلى الرعاية الجيدة لجميع المواطنين، وتحسين جودة الرعاية، وتحديث البنية التحتية للمستشفيات، وبالتالي ضمان تعزيز التغطية الصحية على المستوى الوطني.”

وظهر الاهتمام الملكي بقطاع الصحة عبر إرساء الإستراتيجية الوطنية للصحة النفسية بالمغرب 2024 – 2030 الرامية إلى معالجة مشاكل الصحة النفسية بشكل شامل، من خلال تقييم الوضع الحالي وتحديد الاحتياجات ووضع خطة متكاملة. 

وتعمل الحكومة المغربية على تعزيز البنية التحتية من خلال إنشاء مراكز طبية اجتماعية نفسية ونقاط استشارة، لكن أثرها لا يزال محدوداً في بعض المناطق. 

وتصاعدت الدعوات الشعبية والحقوقية لمراجعة مشروع قانون 71.13 المتعلق بالصحة النفسية لتعزيز الضمانات القانونية للمرضى في المملكة. 

وركزت الحملات بالأساس على زيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية والتخلص من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمراض النفسية. 

رشيد لزرق: هناك إرادة ملكية لتحسين جودة الرعاية الصحية

ويحتوي المغرب على شبكة كبيرة من المستشفيات والعيادات في القطاعين العام والخاص، فضلا عن عدد متزايد من الأطباء الذين بلغ عددهم أكثر من 32 ألف طبيب في عام 2024، موزعين بين القطاعين العام والخاص.

وتشمل المستشفيات العمومية مراكز استشفائية جامعية كبيرة مثل “ابن رشد” في الدار البيضاء و”ابن سينا” في الرباط. 

وفي القطاع الخاص تتوفر مستشفيات ومراكز متخصصة مثل المركز الدولي لعلاج الأورام وعيادات طبية متقدمة في مجالات متعددة.

 وأشار علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، لـ”العرب” إلى أن “الإصلاحات التي تقوم بها وزارة الصحة، من خلال المجموعة الصحية الترابية والوكالات المتخصصة، بدأت تُظهر نتائج إيجابية، لكنها تظل غير كافية في القطاع العام الذي ما زال يعاني من نقائص.”

ودعا إلى “تعزيز الاستثمار وتحسين إدارة الموارد البشرية والمعدات لضمان خدمات صحية عادلة وفعالة لكل المواطنين.”

وسبق أن أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمام البرلمان، أن “إصلاح المنظومة الصحية يندرج ضمن الأولوية الوطنية التي يحظى بها هذا القطاع الإستراتيجي عند عموم المواطنين المغاربة، وبعناية ملكية واهتمام بالغ لدى الملك محمد السادس، سيمكن من تقديم خدمة عمومية صحية تستجيب لتطلعات المغاربة وانتظاراتهم وحفظا لكرامتهم وصونا لحقوقهم الإنسانية والدستورية.”

بدوره قدّم وزير الصحة المغربي أمين التهراوي خطة متكاملة تقوم على أربع ركائز، وهي تعزيز التكوين وتحفيز الموارد البشرية واستقطاب الكفاءات الأجنبية وتوسيع مناصب التوظيف، في محاولة لتدارك العجز المزمن في الموارد البشرية الصحية، خاصة في المناطق القروية والنائية التي ظلت لسنوات طويلة خارج خريطة العدالة الصحية.

وترتكز الخطة الحكومية على تفعيل قانون الانفتاح على الأطباء الأجانب لسد العجز في التخصصات الحيوية، خاصة في ظل نزيف غير مسبوق لهجرة الأطر المغربية إلى الخارج، والذي يُعد نقلة نوعية في مقاربة التوظيف الصحي إذ يفتح الباب أمام الأطباء الأجانب لمزاولة المهنة داخل المغرب، وفق حزمة من الإجراءات التحفيزية التي تسعى إلى جذب الكفاءات من الخارج لتعويض النقص الحاد في عدد من التخصصات الطبية.

2