العاهل المغربي يشرك الشباب في صناعة مستقبل المشهد السياسي
الرباط- أكد خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس في افتتاح البرلمان، الأحد، على ضرورة إشراك مختلف فئات الشباب في صناعة مستقبل المشهد السياسي بالبلاد.
وكانت إشارات الملك واضحة بأنه لم يعد هناك قبول “مغرب بسرعتين،” وهو ما يستدعي العمل على القضاء على الفوارق المجالية وتحقيق تنمية ترابية مندمجة وعادلة.
ويرى مراقبون أن هناك توجها ملكيا للاستجابة لطموحات الشباب التواق إلى خدمة وطنه من خلال رؤيته الرقمية وتطوير ديمقراطية بلده بما يتوافق مع روح الإبداع والمشاركة والحرية، بفتح المجال لهم للمشاركة السياسية سواء من خلال الانتماء الحزبي أو التقدم للانتخابات مستقلين وستدعمهم الدولة بـ75 في المئة من مصاريف الحملة.
الملك محمد السادس يعتبر أن إرساء ديمقراطية حقيقية تكتمل بإعطاء فرصة للشباب، وتمكين النساء من المنصات الديمقراطية السياسية
وبعدما صادق المجلس على التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم السنة المقبلة، دعا مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، في إطار التحضير للاستحقاقات التشريعية لسنة 2026، إلى تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية أمام كل من صدرت في حقه أحكام قضائية تؤدي إلى فقدان الأهلية الانتخابية، في خطوة لتعزيز نزاهة الاستحقاقات المقبلة ورسالة إلى الأحزاب التي تمنح التزكية للمرشحين أن التمثيل السياسي مرهون بالمسؤولية السياسية والأخلاقية، وليس بجمع الأصوات عبر شراء الذمم واستغلال حاجة الناس.
وتمّت صياغة المشروع بروح طموحة تجاوزت سقوف الأحزاب، لتصل إلى المواطن المغربي في وقتٍ يشتعل فيه الجدل حول قطع الطريق على الفاسدين الذين يفتقرون إلى الأهلية العلمية والأخلاقية والكفاءة السياسية للولوج إلى البرلمان.
ويجمع قانون المالية بين الاهتمام بالتشغيل والصحة والعمل وتوفير أدوات مباشرة لولوج الشباب إلى العمل السياسي وتعزيز العدالة المجالية والفرص الاقتصادية، وهي استجابة لتطلعات المواطن المغربي بكل فئاته ضمن سياق مخطط الإصلاح الشامل وليس فقط مجرد تلبية مطالب محددة.
وخلق الملك محمد السادس من موقعه توازنا بين تمكين الشباب والنساء من التعبير عن طموحاتهم عبر بوابة المؤسسات، والمساءلة السياسية للأحزاب، فعندما تفتح الدولة المجال للشباب دون انتماء حزبي لترجمة طموحات سياسية، فهذا يكشف نقاط ضعف الأحزاب في استقطاب الشباب وتأطيرهم.
قانون المالية لسنة 2026 تحول إلى درس يبرز تجربة المغرب في حل المشكلات بالوسائل القانونية والاقتصادية والأمنية مع دمقرطة المجتمع والمؤسسات
ويأتي القانون التنظيمي ضمن حزمة من الإجراءات التشريعية التي صادق عليها المجلس الوزاري، في أفق تنظيم انتخابات 2026 في مناخ ديمقراطي شفاف، يضمن المنافسة النزيهة، ويتيح تجديد النخب السياسية بما يعكس تطلعات المجتمع المغربي ومنهم الشباب والنساء، إذ يرتبط بالأولويات الأربع التي يقوم عليها قانون المالية لسنة 2026.
واستطاع العاهل المغربي من داخل المجلس الوزاري إعطاء شحنة مؤسساتية جديدة لقانون مالي متفرد، فأخرجه من جفاف الأرقام والإحصائيات إلى أجوبة سياسية واقتصادية واجتماعية تعكس أن الإصلاح بعيد المدى يبني الجسور بين المواطن، وخصوصا الشباب، وبين المؤسسات السياسية، ويمثل فرصة لإعادة صياغة مشهد سياسي يتسع للمبادرة الفردية والمشاركة المستقلة الفعالة من داخل المؤسسات، وإظهار أن الشباب والنساء ليسوا مجرد متفرجين، بل لاعبون قياديون في عمليات صنع القرار.
ويعتبر الملك محمد السادس أن إرساء ديمقراطية حقيقية تكتمل بإعطاء فرصة للشباب، وتمكين النساء من المنصات الديمقراطية السياسية بعدما أصبحن أصواتًا حاسمة في الحياة الاجتماعية والسياسية، ويُمكن تعزيز النموذج المغربي في التعاطي مع اللحظات التاريخية التي يمر بها المجتمع والدولة، وتكون الإجابات متطورة في قالب مؤسساتي غير قابل للمزايدات السياسية.
ويمكن القول إن قانون المالية لسنة 2026 تحول إلى درس يبرز تجربة المغرب في حل المشكلات بالوسائل القانونية والاقتصادية والأمنية مع دمقرطة المجتمع والمؤسسات، والتعبير الحر عن الآراء، إذ لا يمكن لأيّ تجربة اجتماعية أن تستمر على المدى الطويل دون مساهمة الشباب والنساء، وهذه قناعة راسخة للدولة تجسّد هويتها واستقرارها من خلال تمكين هؤلاء، في كل مجال من مجالات المجتمع كقياديين مبدعين.