السيادي السعودي يوسع شراكاته لتعزيز الاستثمارات الإستراتيجية

اتفاق مع ماكواري الأسترالية لإدارة الأصول لتنفيذ مشاريع رقمنة والطاقة النظيفة.
الثلاثاء 2025/09/09
هل من مزيد

في إطار مساعيه الدؤوبة لتعظيم العائد وتنويع الإيرادات، يواصل صندوق الثروة السيادي السعودي توسيع شراكاته الدولية، مستهدفًا فرصًا إستراتيجية في قطاعات مختلفة ضمن خطواته المدروسة والمنسجمة مع رؤية أشمل لترسيخ مكانة البلد كمركز استثماري عالمي، وتكريس دور الصندوق كمحرّك رئيسي للتحول الاقتصادي.

الرياض - تعكس تحركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة) لتعزيز شراكاته الخارجية التزامًا طويل الأمد ببناء اقتصاد متنوع ومتين، قائم على الابتكار والشراكات المستدامة.

ويبدو أن التوسّع في هذه الشراكات الإستراتيجية لن يكون فقط أداة لدفع النمو وتعظيمه، بل أيضًا وسيلة لتعزيز النفوذ الجيو – اقتصادي للبلد الخليجي في بيئة عالمية تتسم بالتنافسية والتحولات السريعة.

ويرتكز الصندوق في تحركاته النشطة على إستراتيجية استثمارية متعددة المسارات، تشمل الاستحواذات المباشرة، والدخول في مشاريع مشتركة، وإطلاق صناديق متخصصة بالتعاون مع شركاء إقليميين وعالميين.

ويقول المحللون والخبراء إن الشراكات تعد ركيزة أساسية في دعم استثمارات الصندوق المحلية وتحقيق عوائد طويلة الأمد مع تقليل المخاطر المرتبطة بتقلبات الأسواق.

يزيد الحميد: الاتفاق مهم ويساعد على تنمية قدراتنا في البنية التحتية
يزيد الحميد: الاتفاق مهم ويساعد على تنمية قدراتنا في البنية التحتية

وفي أحدث تحركاته وقع الصندوق السيادي الاثنين مذكرة تفاهم مع شركة ماكواري الأسترالية لإدارة الأصول “لدراسة فرص الاستثمار المشترك بقطاعات البنية التحتية والتحول في الطاقة.”

وتعتبر ماكواري من بين أكبر مديري أصول البنية التحتية على مستوى العالم، حيث تستهدف تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية والتحول في مجال الطاقة في الكثير من مناطق العالم، بما في ذلك الاستثمارات في الشرق الأوسط.

وتأتي هذه الاتفاقية في الوقت الذي يسعى فيه مدير الأصول العالمي لفتح مكتب إقليمي له في العاصمة الرياض، وهو ما يعزز زخم الاستثمار في السعودية عبر بوابة نقل المقرات.

وحدد الصندوق في بيانه أولويات تعاونه مع شركة ماكواري، التي تدير ما يزيد عن 600 مليار دولار من أصول زبائنها، في مجالات منها البنية التحتية الرقمية والطاقة النظيفة عبر عدة مجالات.

وجاء في البيان الصادر عن الصندوق والشركة التابعة لأكبر بنك استثمار في أستراليا أن الجانبين “سيبحثان بموجب مذكرة التفاهم فرص الاستثمار المشترك في قطاعات مثل البنية التحتية الرقمية والبنية التحتية الخاصة بالمركبات الكهربائية وتخزين الطاقة.”

ونقل البيان المشترك عن يزيد الحميد، نائب المحافظ ورئيس الإدارة العامة لاستثمارات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الثروة، قوله إن مذكرة التفاهم الموقعة “خطوة مهمة في إطار جهودنا لجذب أبرز مديري الأصول العالميين في قطاع البنية التحتية.”

وأوضح أن الهدف من هذا التمشي هو “الاستفادة من قدرتهم على توفير الاستثمارات والخبرات العالمية المطلوبة لتسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية المحلية وتعزيز نقل المعرفة وبناء القدرات في المملكة.”

وذكر البيان المشترك أن ماكواري ستسعى لافتتاح مكتب إقليمي لها في السعودية بعد توقيعها مذكرة التفاهم مع صندوق الثروة البالغة قيمة أصوله 925 مليار دولار، بهدف تعزيز الاستثمار في السوق المحلية.

وأشار الصندوق إلى أن مذكرة التفاهم تستند إلى تعاونه المستمر مع صندوق البنية التحتية الوطني (إنفرا)، وبين الصندوق من جهة وماكواري وسائر المستثمرين الدوليين الكبار من جهة أخرى.

وتستثمر السعودية بشكل مكثف في صناعة السيارات الكهربائية عبر صندوق الثروة في إطار إستراتيجية أوسع تهدف إلى تقليل الانبعاثات والحد من واردات السيارات وتنويع الاقتصاد المحلي.

ودعم الصندوق شركة لوسيد الأميركية التي تعمل على بناء أول مصنع للسيارات في السعودية. كما أطلق الصندوق علامته التجارية الخاصة بالسيارات الكهربائية تحت اسم “سير” وبدأ مشروعاً مشتركاً لإنشاء شبكة من محطات شحن السيارات الكهربائية.

وسبق أن صرح وزير التجارة ماجد القصبي بأن بلاده استثمرت نحو 25 مليار دولار في البنية التحتية الرقمية، فيما خصصت 20 مليار دولار أخرى للإنفاق على هذا القطاع في السنوات الخمس المقبلة، وذلك للتأكد من جاهزية واستعداد البلاد للأتمتة والتحول الرقمي.

وتسعى السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد في إطار رؤية 2030 الهادفة إلى تقليل اعتماد الاقتصاد على النفط وتعزيز القطاع الخاص.

وأعلنت الحكومة عن هدف طموح يتمثل في جمع ما يقرب من 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر بحلول نهاية العقد الحالي، إلا أن أرقام الاستثمار الأجنبي المباشر لا تزال بعيدة عن المستهدف.

571

شركة عالمية نقلت مقراتها إلى البلد، أغلبها صناعية، وستنضم إليها الشركة الأسترالية

ولذلك أطلقت مسعى لتشجيع الشركات العالمية على إنشاء مقراتها الإقليمية في الرياض، ونقلت 571 شركة عالمية مقراتها الإقليمية إلى البلد أغلبها شركات صناعية، حسب ما صرح به وزير الاستثمار خالد الفالح في يناير.

ونفذت وزارة الاستثمار برنامجا للمقرات الإقليمية خلال عام 2024، والذي ألزم الشركات بنقل أعمالها إلى الرياض إذا رغبت في التأهل للحصول على عقود حكومية مربحة.

وجاءت الشراكة الجديدة بين صندوق الثروة السعودي وماكواري في أعقاب سلسلة من الاتفاقيات غير الملزمة الأخرى التي تعاون بموجبها صندوق الثروة مع العديد من مديري الأصول لتعزيز الاستثمار في البلاد.

وتشمل الاتفاقيات مذكرات تفاهم مع شركة إدارة استثمارات البنية التحتية آي سكويرد كابيتال ومع فرانكلِن تمبلتون ونيوبرجر بيرمان، وهي المذكرات التي وُقعت خلال جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دول الخليج خلال مايو.

ومذكرات التفاهم أقل رسمية من العقود، ولا تُحول دائما إلى معاملات نقدية، لكن في الغالب يحرص الجانبان على تحويلها إلى التزام بعد الاتفاق على مجموعة من التفاصيل. وقد يتطلب ذلك أشهرا وربما سنوات.

وفي الشهر الماضي وقعت شركة النفط الحكومية أرامكو اتفاقية بنية تحتية بقيمة 11 مليار دولار مع شركة بلاك روك الأميركية لإدارة الأصول، تتعلق بمنشآت معالجة غاز حقل الجافورة.

وقدرت الهيئة العامة للإحصاء الاثنين أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نما بنسبة 3.9 في المئة بالربع الثاني من هذا العام مدفوعا بنمو في الأنشطة غير النفطية.

وذكرت أن الأنشطة غير النفطية نمت 4.6 في المئة مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي. وشهدت أنشطة مثل الكهرباء والغاز والمياه أعلى معدل نمو، تلتها أنشطة خدمات المال والتأمين والأعمال.

10