السعودية تركز على إعادة الحياة في سوريا وليس دعم نظام الشرع

مشاريع سعودية لإزالة الأنقاض في دمشق وإعادة تأهيل مدارس ومستشفيات ومخابز.
الاثنين 2025/09/08
مشاريع سعودية متعددة لمساعدة سوريا

دمشق – أطلقت المملكة العربية السعودية مشروعا واسع النطاق لإزالة الأنقاض من أحياء دمشق ومحيطها، ضمن حزمة استثمارات ومساعدات إنسانية تقدّر بأكثر من 6 مليارات دولار، وُقعت خلال المنتدى الاستثماري السعودي -السوري الأخير.

ويهدف المشروع إلى إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرب وخلق فرص اقتصادية للسكان المحليين، في خطوة تؤكد توجه الرياض نحو دعم الشعب السوري بشكل مباشر، بعيدًا عن الحسابات السياسية المرتبطة بالنظام الحالي الذي يقوده الرئيس أحمد الشرع.

ويشمل المشروع إزالة مئات الآلاف من الأطنان من الأنقاض في الأحياء السكنية، وتأهيل البنى التحتية المتهالكة، تمهيدا لإقامة مشاريع خدمية وصناعية جديدة. ويصف مراقبون هذا التحرك بأنه “استثمار في استقرار الشعب السوري”، وليس مجرد مساهمة في إعادة الإعمار التقليدية التي تصب في صالح النظام الحاكم.

ويعكس مشروع إزالة الأنقاض بعدا رمزيا عميقا، إذ يعتبر خطوة أولى لإزالة آثار الحرب نفسيا وماديا، والتمهيد لبناء واقع جديد يطمح إليه الملايين من السوريين.

مشروع إزالة الأنقاض يعكس بعدا رمزيا عميقا، إذ يعتبر خطوة أولى لإزالة آثار الحرب والتمهيد لبناء واقع جديد للسوريين

ويتكامل هذا المشروع مع سلسلة من المبادرات السعودية التي أُطلقت في الداخل السوري، أبرزها الحملات الطبية التطوعية التي نظّمها مركز الملك سلمان للإغاثة في مستشفى المواساة، حيث أجريت العشرات من العمليات الجراحية المعقّدة للقلب دون أي مقابل، بالإضافة إلى دعم سخي لبرامج الغذاء والإيواء في مناطق النزوح.

ولم تقف السعودية عند حدود العمل الإنساني، بل ساهمت بشكل فعال في سداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي بالتعاون مع قطر، ما أعاد تأهيل البلاد للحصول على تمويلات دولية تنموية. كما أعلنت الرياض والدوحة تمويل رواتب موظفي القطاع العام السوري لثلاثة أشهر، وهي خطوة غير مسبوقة تعكس نية واضحة لتثبيت الحد الأدنى من الأمان الاقتصادي للمواطنين السوريين.

وتشير طبيعة المشاريع الموقعة إلى أن التركيز ينصب على قطاعات الإسكان، والمرافق العامة، والمصانع، والمدن الترفيهية والطبية، لا على دعم أي أجهزة أمنية أو عسكرية، وهو ما يعكس فهما سعوديا عميقا لاحتياجات السوريين في مرحلة ما بعد الحرب، حيث لم يعد كافيا الاكتفاء بالخطاب السياسي، بل لا بد من أفعال ملموسة تلامس حياة الناس اليومية.

وتؤكد تلك التحركات أن الدعم السعودي في دمشق ليس تزكية لنظام بقدر ما هو رهان على بقاء سوريا عبر شعبها، وإعادة إعمار البلد من قاعدته الاجتماعية، لا من قمته (رأس النظام).

ويقول مراقبون إن السعودية كان من الممكن أن تنفذ مشاريع من هذا النوع في السابق لكن ارتباط الرئيس السابق بشار الأسد بأجندة إيران الإقليمية قد أعاق ذلك.

pp

وتدفع التحركات السعودية في سوريا إلى مقارنة واضحة مع ما كانت تقوم به إيران خلال السنوات الماضية، حيث ركزت على تعزيز نفوذها عبر المؤسسات الأمنية والعسكرية، بينما تعيد الرياض بناء الحياة اليومية وترسم علاقة جديدة مع دمشق تقوم على التنمية والخدمات وليس على السيطرة أو إدارة الصراع.

وأعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عن المساعدات أثناء فعالية أقيمت في دمشق بحضور رئيسه عبدالله الربيعة ووزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري رائد الصالح.

وشهد المسؤولان توقيع اتفاق لـ”مشروع التأهيل وإزالة الأنقاض” يشمل “إزالة أكثر من 75 ألف متر مكعب من الأنقاض المنتشرة في الطرقات والمرافق العامة لتسهيل حركة السكان.. في محافظة دمشق وريفها”، على ما أفاد المركز في بيان.

وأعلن المركز “تكوين وتجهيز وحدة إدارة الأنقاض وإعادة تدوير ما لا يقل عن 30 ألف متر مكعب من الأنقاض” التي خلفها تدمير آلاف المنازل بشكل شبه كامل خصوصا في ريف دمشق في دوما وحرستا. وستوفر المملكة “بعض المعدات اللازمة لاستمرار عمليات إزالة الأنقاض بشكل مستدام للسنوات القادمة.”

الدعم السعودي في دمشق ليس تزكية لنظام بقدر ما هو رهان على بقاء سوريا عبر شعبها، وإعادة إعمار البلد من قاعدته الاجتماعية، لا من قمته (رأس النظام)

وشملت الاتفاقات الموقعة مشروعا لتأهيل وترميم 34 مدرسة في محافظات حلب وإدلب وحمص، بالإضافة إلى تدشين مشروع لتجهيز 17 مستشفى بالأجهزة الطبية المنقذة للحياة وآخر لإعادة تأهيل نحو 60 مخبزة وخطا لإنتاج الخبز. كما تم توقيع اتفاق لإعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي وآبار مياه في دمشق.

وقال الربيعة في كلمة إنّ المشروعات تستهدف القطاعات التي “تمثل أولوية ملحة” للسوريين “إسهاما في دعم جهود التعافي وتخفيف معاناة المتضررين”. وبدوره قال الصالح إنّ الحرب خلّفت “أنقاضا تعيق التعافي والاستجابة الإنسانية ومخلفات حرب تهدد حياة المدنيين.”

وتقدر الأمم المتحدة تكاليف إعادة الإعمار بعد الحرب بأكثر من 400 مليار دولار. وتم الإعلان عن عدة اتفاقات مشاريع منذ إطاحة الأسد. وفي الشهر الماضي، وقعت السعودية اتفاقات استثمار وشراكة كبرى مع سوريا، بقيمة 6.4 مليارات دولار.

وفي يوليو أيضا، وقعت سوريا اتفاقا بقيمة 800 مليون دولار مع شركة موانئ دبي العالمية لتطوير ميناء طرطوس، حسب ما ذكر الإعلام الرسمي السوري. وبحث وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الأحد، مع الوفد السعودي “رفيع المستوى” تعزيز التعاون الإنساني والتنموي بين البلدين.

وذكرت الخارجية السورية في تدوينة على حسابها بمنصة إكس أن لقاء الشيباني مع الوفد السعودي، جرى بحضور وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح.

وجرى خلال اللقاء “بحث سبل تعزيز التعاون الإنساني والتنموي بين البلدين”. كما تم “استعراض العشرات من المشاريع الإغاثية والتنموية التي ستنفذ في مختلف المناطق السورية في قطاعات الصحة والتعليم والإيواء والأمن الغذائي”.

1