الخلافات بين الفرقاء تضع لبنان أمام تحدي تأمين مخرج لإجراء الانتخابات النيابية

القوى السيادية ترفع السقف عاليا في الدفاع عن حق المغتربين في التصويت.
الجمعة 2025/10/03
نبيه بري أمام معضلة النصاب

بيروت - يجد العهد في لبنان نفسه أمام تحد جديد يتمثل في تأمين مخرج لإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر في مايو 2026، مع بروز خلافات بين القوى السياسية حول القانون الانتخابي، ولاسيما البند المتعلق بالمغتربين.

ودأب الفرقاء في لبنان مع اقتراب كل استحقاق انتخابي على إثارة خلافات إجرائية لا تخلو من حسابات سياسية في سياق رغبة كل فريق أو طرف في تحسين نتائجه الانتخابية، أو الدفع نحو التأجيل، على حسب ما تقتضيه الظروف.

وتكتسي الانتخابات البرلمانية هذه المرة أهمية استثنائية في لبنان حيث أنها تترافق وتحولات هامة تمر بها البلاد، بعد المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله والتي خرج منها الأخير ضعيفا، ومختل التوازن في الداخل.

ويحرص العهد الممثل في رئيسي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام على إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، لما يشكله ذلك من رسالة للداخل والخارج، بوجود حرص على تفعيل دور المؤسسات، والقطع مع الفراغ الدستوري الذي طبع العهد السابق.

جوزيف عون: ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، وإنجاز كل الترتيبات المتصلة بها
جوزيف عون: ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، وإنجاز كل الترتيبات المتصلة بها

ويظهر هذا الحرص في المواقف التي عبر عنها رئيسا الجمهورية والحكومة في الأيام الأخيرة، وأيضا في الاستعدادات التي بدأتها وزارة الداخلية والبلديات.

وخلال استقباله الأربعاء لوزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار الذي أطلعه على التحضيرات الجارية للانتخابات، شدد الرئيس اللبناني على ضرورة إجراء الاستحقاق في موعده، وإنجاز كل الترتيبات المتصلة به ضمن المهل القانونية.

بدوره أكد رئيس الحكومة في كلمة ألقتها نيابة عنه وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد في ندوة نظّمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة على وجوب “الالتزام الجازم بإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، من دون أيّ تأجيل أو تعطيل مع ضمان حق جميع اللبنانيين، المقيمين وغير المقيمين، في الاقتراع العادل والشفاف ضمن دوائرهم.”

ولا تجد رغبة العهد في الالتزام بالموعد المحدد لإجراء الانتخابات صدى لدى القوى السياسية، وهو ما ترجم في السجالات وتعطيل جلسات البرلمان، والتقاذف بتهم “تطيير الانتخابات.”

وكان قانون الانتخاب، لاسيما ما يتعلق ببند اقتراع المغتربين، قد أدى إلى تأجيل الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الثلاثاء، بعد مقاطعة نواب “القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب” وعدد من التغييريين والمستقلين، الجلسة اعتراضا على عدم مناقشة قانون الانتخاب وإدراج اقتراع القانون المقدم من 61 نائبا بما يتعلق بالمغتربين على جدول أعمال الجلسة.

العهد يحرص على إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده، لما يشكله ذلك من رسالة للداخل والخارج، بوجود حرص على تفعيل دور المؤسسات

ويطالب حزبا القوات والكتائب، إلى جانب كتلة التغييريين بإلغاء المادة 112 من قانون الانتخابات التي تمنح المغتربين ستة مقاعد فقط موزعة على القارات الست، والسماح لهذه الفئة التي تعد أحد محركات الاقتصاد اللبناني بالتصويت لـ128 نائبا.

وتلاقي هذه المطالب معارضة شديدة من قبل حزب الله وحليفته حركة أمل والتيار الوطني الحر، في ظل عدم امتلاكهم لحيثية شعبية لدى المغتربين، وتخشى الأطراف الثلاث من أن يرجّح تعديل المادة كفة الخصوم السياسيين، في معركة مفصلية تأتي في توقيت حساس.

ويرى مراقبون أن أحزاب السيادة بصدد رفع السقف عاليا وقد قررت على ما يبدو مقاطعة الجلسات التشريعية كورقة مقايضة في مواجهة حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، لتعديل المادة، الأمر الذي سيقود إلى سيناريوهين فإما شلل البرلمان وتأجيل الاستحقاق أو تحرك العهد لبلورة حلول توافقية.

وتعليقا على مقاطعة الجلسة التشريعية الأخيرة، قال حزب القوات اللبنانية إن القوى السياسية والكتل والشخصيات النيابية استُنفرت لتلقين الممانعة درساً مفاده أن مفاتيح مجلس النواب تكمن في نظامه الداخلي لا في جيوبها، وشدد على أن “فريق الممانعة يستخدم المؤسسات لتعطيل الانتخابات النيابية،” مؤكداً خوض معركة كل يوم كي يؤمّن إجراء الانتخابات في موعدها، وكي يضمن تصويت المغتربين.

في المقابل أكد الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يترأسه تيمور وليد جنبلاط على أنه ضد تعطيل الجلسات لكنه في المقابل يتمسّك بضرورة إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب.

وكانت انتخابات 2022 أظهرت ميل المغتربين إلى التصويت لصالح القوى السيادية ومرشحي المجتمع المدني، وقد كان لهذه الفئة دور حاسم في عدد من الدوائر، وهو ما يفسر إصرار الثنائي الشيعي إلى جانب التيار الوطني الحر على حصر تصويت هذه الفئة في المقاعد الست.

3