الجزائر تستعين بخبرات الشركات الأميركية لإنتاج الغاز الصخري

الحكومة تقترب من إبرام اتفاقيات مع إكسون وشيفرون.
السبت 2025/08/16
تعديل البوصلة في اتجاه آخر

في خطوة إستراتيجية لتعزيز إنتاجية الطاقة وتنويع مصادرها، تلجأ الجزائر إلى خبرة الشركات الأميركية الرائدة في مجال الغاز الصخري، وهو تحول مهم في جذب الاستثمارات الخارجية لصناعة يتوقع أن تدر عليها المليارات وتدعم قدراتها التصديرية.

الجزائر - تقترب الجزائر من إبرام صفقتين مع شركتي إكسون موبيل وشيفرون لاستغلال احتياطيات الغاز الهائلة بالبلد العضو في منظمة أوبك، بما في ذلك الصخر الزيتي (الغاز الصخري)، لأول مرة.

وقال سمير بختي، رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية لتثمين موارد المحروقات (النفط): “تم الاتفاق تقريبًا على الجوانب الفنية، لكن التوافق التجاري لا يزال قيد التفاوض وسيتم الانتهاء منه قريبًا.”

وأضاف في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ نشرت الجمعة، أن استقطاب العملاقين الأميركيين “يبعث برسالة قوية.”

وتراهن الجزائر بشدة على الاستثمار في إنتاج الغاز الصخري في سعيها لتعزيز إيراداتها، حيث تُشكّل فيه المحروقات أكثر من ثلاثة أرباع صادراتها.

وقد كانت محاولات الحكومة تنويع الاقتصاد على مدى عقود محدودة، كما أن ارتفاع استهلاك الطاقة من سكان يبلغ عددهم 47 مليون نسمة يجعل الاستثمار الجديد أمرًا بالغ الأهمية.

سمير بختي: استقطاب العملاقين الأميركيين يبعث برسالة قوية
سمير بختي: استقطاب العملاقين الأميركيين يبعث برسالة قوية

وفي حين لم تعلق كسون على الأمر، قالت شيفرون في بيان: “تمتلك الجزائر نظامًا بتروليًا عالمي المستوى يتمتع بإمكانيات هائلة من موارد النفط والغاز.”

ونظرا لقدراتها وخبرتها، قالت الشركة الأميركية: “نحن متحمسون للتعاون والعلاقة المرتقبة التي يمكننا إقامتها في الجزائر.”

وشيفرون منتج رئيسي للصخر الزيتي في الولايات المتحدة والأرجنتين. ومن المتوقع أن تُضاعف إنتاجها من هذا المصدر إلى 1.5 مليون برميل نفط مكافئ خلال الفترة بين 2030 و2040.

وتُعدّ البنية التحتية الحالية للغاز في الجزائر وموقعها القريب من أوروبا عاملَي جذب رئيسيين للشركات الأجنبية، لكن البلد بحاجة إلى التغلب على مخاوف التكلفة الناجمة عن الحفر في أعماق الصحراء الجنوبية مع توفير إمكانية تحقيق عوائد كبيرة.

ويمتلك البلد ثالث أكبر موارد من الصخر الزيتي القابلة للاستخراج في العالم، بعد الصين والأرجنتين، ومتقدمة على الولايات المتحدة.

وتقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية وصول موارد الجزائر إلى 97 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي ونحو 121 مليار برميل من الغاز السائل، وأغلبه من المكثفات.

وستبلغ الموارد القابلة للاسترداد على أساس هذه الأرقام نحو 20 ألف مليار متر مكعب من الغاز و5.7 مليار برميل من السوائل غير التقليدية.

وطيلة سنوات كانت السلطات مترددة في تطوير موارد النفط والغاز الصخريين، لكن عوامل خارجية أثّرت على قرارها، ومن أبرزها تعديل التوقعات الخاصة بالطلب على النفط والغاز على المدى الطويل والتي تنامت إثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وللبلاد ثلاثة خطوط أنابيب تربطها بأوروبا، مما يمنحها ميزة تنافسية على موردين أبعد مثل قطر التي ترسل الغاز المسال عبر السفن.

وترغب الجزائر في تكرار النجاح الذي حققته الشركات الأميركية في مجال الصخر الزيتي محلياً، والذي حوّل الولايات المتحدة من مستورد صافٍ إلى واحدة من أكبر الدول المصدرة في العالم.

الجزائر تمتلك ثالث أكبر موارد من الصخر الزيتي القابلة للاستخراج في العالم، بعد كل من الصين والأرجنتين

وقال بختي: “لم تصل الولايات المتحدة إلى هذا المستوى من الأداء بين عشية وضحاها. لقد استغرق الأمر منها ما لا يقل عن 15 عامًا. أما بالنسبة للجزائر، فقد يستغرق الأمر وقتًا أقل من ذلك لأن البنية التحتية والمرافق وشبكة خطوط الأنابيب جاهزة بالفعل.”

وأضاف: “بالنسبة للاستثمارات بالمناطق القريبة من البنية التحتية القائمة، سنحتاج فقط إلى جمع البيانات الأولية، وإجراء الاختبارات الأولية، والربط بالمرافق. هذه عملية تستغرق من عامين إلى ثلاثة أعوام.”

وتمتلك الجزائر أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز الإجمالية في أفريقيا، لكن الإنتاج ظلّ متعثرًا لفترة طويلة بسبب سوء الإدارة ونقص الاستثمار وهي مشكلة سعت السلطات إلى معالجتها من خلال تشريع جديد أُقرّ عام 2019.

وبعد ثلاث سنوات جاءت الحرب في أوكرانيا، مما ترك أوروبا تكافح لإيجاد إمدادات غاز بديلة، وتبدو الجزائر على أهبة الاستعداد لسدّ الفجوة.

وفي العام الماضي، وقّعت شركة الطاقة الحكومية سوناطراك اتفاقيات تمهيدية مع إكسون وشيفرون لتطوير موارد الهيدروكربون في حوض أحنت، موقع أول بئر تجريبي للصخر الزيتي تم اكتشافه في عام 2014 وحوض بركين في شرق البلاد.

وخلال يوليو الماضي، اتفقت سوناطراك مع مجموعة سينوبك الصينية على التنقيب في منطقة أخرى غنية بالصخر الزيتي.

وقال بختي: “نريد استغلال هذه الإمكانات والبدء بالعمل مع أصحاب الخبرة، سواء كانوا صينيين أو أميركيين أو أوروبيين”.

والتقى مسؤولون تنفيذيون من إكسون وشيفرون مع كبار المسؤولين الجزائريين في منتدى عُقد في هيوستن في وقت سابق من هذا العام، في إشارة إلى تنامي الزخم نحو تأمين شروط تجارية للمشاريع الجديدة.

وقد يكون تحويل الإمكانات إلى إنتاج فعلي أمرًا صعبًا. لم يُحقق إنتاج النفط والغاز الصخريين نجاحًا واسعًا خارج الولايات المتحدة لأسباب تتراوح بين توافر المياه للحفر وجودة الخزانات والشروط القانونية والمالية.

97

تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي و121 مليار برميل من الغاز السائل حجم احتياطي البلاد

وتقع معظم موارد النفط الصخري في الجزائر بعيدًا عن ساحلها الشمالي ومدنها الرئيسية، مما يجعل أي استثمار فيها مكلفًا. وقد أُجِّلت الجهود السابقة لتطوير هذا القطاع في عام 2016 عقب احتجاجات السكان خشية تلويثه لإمدادات المياه.

وشملت الاحتجاجات بلدات تمنراست المتاخمة لحدود النيجر، وغرداية الواقعة جنوب حقل غاز حاسي الرمل الواسع، وأيضا ورقلة الموجودة غرب حقل حاسي مسعود الذي يعدّ أقدم حقل نفط في البلاد.

ويطمح الجزائريون لأنْ يصبح حاسي الرمل مركزا لمشروع خط أنابيب الغاز عبر الصحراء (تي.أس.جي.بي) بطول 4128 كيلومترا وباستثمارات أولية قيمتها 10 مليارات دولار، يهدف إلى إيصال الغاز النيجيري إلى الجزائر عبر النيجر.

وقال بختي: “نحتاج إلى إتقان الجوانب الاقتصادية للطاقة غير التقليدية.” وأكد أن الدراسات التي أجرتها الهيئة تحت إشراف مشترك من 8 شركات نفطية، منها إكسون وإيني، أكدت هذه الإمكانات.

وعلى صعيد آخر، تسعى الهيئة إلى إطلاق جولة مناقصاتها القادمة لكتل النفط والغاز في نهاية الربع الأول من عام 2026.

وقد مُنحت هذه المناقصة، وهي الأولى منذ أكثر من عقد، لشركات عملاقة مثل إيني الإيطالية وتوتال إنيرجي الفرنسية وقطر للطاقة.

11